مسألة: إذا دخل المسافر في صلاة المقيم

—مسألة: إذا دخل المسافر في صلاة المقيم:
له حالتان:
الحالة الأولى: إذا أدرك المسافر ركعة كاملة وصاعداً مع الإمام المقيم، ففي هذه الحالة يلزمه الاتمام، وهو قول أكثر العلماء، ونقل بعضهم الإجماع.

قال ابن المنذر في الأوسط(٤/٣٣٨): اختلف أهل العلم في مسافر صلى خلف إمام، فقالت طائفة: يصلي بصلاتهم، روينا هذا القول عن ابن عمر وابن عباس، وبه قال الحسن البصري وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وجابر بن زيد ومكحول وبه قال الثوري والأوزاعي ومعمر والشافعي وأحمد وأبو ثور وأصحاب الرأي.اهـ

أدلة هذا القول:
عن موسى بن سلمة قال: كنا مع ابن عباس رضي الله عنه بمكة فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعاً، وإذا رجعنا إلى راحلنا صلينا ركعتين؟ قال: تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم )رواه أحمد(١٨٦٢)وصححه الألباني في الإرواء(٥٧١)وأصله في صحيح مسلم(٦٨٨)

وقال أبو مجلز: قلت لابن عمر رضي الله عنه أدركت ركعتين من صلاة المقيمين وأنا مسافر؟ قال: (صل بصلاتهم)رواه ابن أبي شيبة(٣٨٥١)وابن المنذر في الأوسط(٢٢٤٤)

وقال ابن عباس رضي الله عنه: (إذا دخل المسافر في صلاة المقيمين صلى بصلاتهم)رواه ابن أبي شيبة(٣٨٤٩)وابن المنذر في الأوسط(٢٢٤٥)

قال ابن عبد البر في التمهيد(١٦/٣١٥): وقد أجمعوا على أن المسافر إذا أدرك ركعة من صلاة المقيم لزِمه الإتمام، بل قد قال أكثرهم: إنه إذا أحرم المسافر خلف المقيم قبل سلامه أنه تلزمه صلاة المقيم، وعليه الإتمام.اهـ

وقال ابن قدامة في المغني(٢/١٨٠): روي عن ابن عباس أنه قيل له: ما بال المسافر يصلي ركعتين في حال الانفراد وأربعاً إذا ائتم بمقيم؟ فقال: (تلك السنة)رواه أحمد، وقوله(تلك السنة)ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنه فعل ابن عمر وابن عباس من الصحابة ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفاً.اهـ

وقال النووي في المجموع(٤/٣٤١): ولأن العلماء أجمعوا على أن المسافر إذا اقتدى بمقيم لزِمه الإتمام.اهـ

وقال ابن حجر في الفتح(٢/٥٦٥): احتج الشافعي على عدم الوجوب بأن المسافر إذا دخل في صلاة المقيم صلى أربعًا باتفاقهم، ولو كان فرضه القصر لم يأتم مسافر بمقيم.اهـ

الحالة الثانية: إذا أدرك المسافر أقل من ركعة مع الإمام المقيم، فهذا موضع خلاف بين العلماء.

قال ابن المنذر في الأوسط(٤/٣٣٩): وقالت طائفة: إذا أدرك المسافر بعض صلاة المقيمين صلى بصلاتهم، وإن أدركهم جلوساً صلى ركعتين، وهذا قول الحسن البصري وإبراهيم النخعي والزهري وقتادة، وقال مالك: إذا أدرك المسافر التشهد من صلاة المقيمين صلى ركعتين.اهـ

والصحيح يلزمه الإتمام لعموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه)رواه البخاري(٧٢٢)ومسلم(٤١٤)
واللفظ عام يشمل المقيم والمسافر.

—مسألة: إذا دخل المقيم في صلاة المسافر.
يتم صلاته ولا يقصر معه، بإجماع أهل العلم.
دليل ذلك:
عن عمران بن حصين قال: أقمت مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح بمكة فأقام ثمان عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين ثم يقول لأهل البلد: (صلوا أربعاً فإنا قوم سفر)رواه ابن أبي شيبة(٣٨٦٠)وأبو داود(١٢٢٩)وفي سنده علي بن زيد جدعان ضعفه أكثر العلماء، ووثقه بعضهم، وله شاهد صحيح موقوف عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صلى بمكة ركعتين ثم قال: (إنا قوم سفر فأتموا الصلاة)رواه مالك(٤٠٤)وابن أبي شيبة(٣٨٦١)بسند صحيح.
وفي رواية في الموطأ(١١٩٨)عن زيد بن أسلم عن أبيه
أن عمر بن الخطاب صلى للناس بمكة ركعتين، فلما انصرف، قال: يا أهل مكة، أتموا صلاتكم، فإنا قوم سفر)

قال ابن المنذر في الأوسط(٤/٣٦٥): أجمع أهل العلم على أن المقيم إذا ائتم بالمسافر وسلم الإمام من ثنتين أن عليه إتمام الصلاة.اهـ

كتبه/
بدر بن محمد البدر العنزي