@ الاحكام الفقهية – صبغ الشعر @

– الأحكام الفقهية:

– حكم صبغ الشعر.

– الصبغ نوعان:

– الأول: الصبغ بالحمرة والصفرة.
وهذا جائز ، لا بأس به.
ودليله:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)
رواه البخاري(٣٤٦٢) ومسلم(٢١٠٣)

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم)
رواه الترمذي(١٧٥٣) وصححه ، وابن حبان في صحيحه(٥٤٥٠) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع(١٥٤٦)

وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام (كان يصفر لحيته بالورس والزعفران ، وكان ابن عمر يفعل ذلك)
رواه أبو داود(٤٢١٠)
وصححه الألباني في سنن أبي داود(٤٢١٠)

– الثاني: الصبغ بالسواد.
وهذا متنازع فيه ، رخص به بعض السلف ، ومنعه أخرون وهو الصحيح ، لعموم الأدلة في النهي عن صبغ الشعر بالسواد.
منها:
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة).
رواه أحمد (٢٤٧٠) وأبو داود(٤٢١٢) وسكت عنه.
وصححه أحمد شاكر في المسند(٣/١٢٢)
وصححه الألباني في صحيح الجامع(٨١٥٤)
قال الوادعي في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين(٦٣٥): حديث صحيح ، رجاله رجال الصحيح ، وقد ذكرت الكلام حول هذا الحديث في (تحريم الخضاب بالسواد) رسالة مستقلة.

وعن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: أُتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالغثامة بياضاً ، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد).
رواه مسلم(٢١٠٢) وابن حبان في صحيحه(٥٤٤٧)
قلت: الغثامة: نبت أبيض الزهر.

وعن محمد بن سيرين عن أنس رضي الله عنه قال جاء أبوبكر بأبي قحافة إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام يوم فتح مكة فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام لأبي بكر رضي الله عنه: (لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه) تكرمة لأبي بكر ، قال فأسلم ورأسه ولحيته كالثغامة البيضاء ، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (غيروهما وجنبوه السواد)
رواه ابن حبان في صحيحه(٥٤٤٨) والحاكم(٣/٢٤٤) وصححه ، وصححه الألباني في صحيح الجامع(٤١٦٩)

وعن قيس بن مسلم عن مجاهد أنه كره الخضاب بالسواد)
رواه ابن أبي شيبة(٢٥٠١٩) ورجاله ثقات.

وعن أيوب قال: سمعت سعيد بن جبير وسئل عن الخضاب بالوسمة فكرهه ، فقال: يكسو الله العبد في وجهه النور ثم يطفئه بالسواد)
رواه ابن أبي شيبة(٢٥٠٢٣) ورجاله ثقات.

– قال الإمام ابن القيم في تهذيب السنن(٣/١٨٧):
روي التغيير بالسواد عن الحسن والحسين وسعد بن أبي وقاص وعبدالله بن جعفر وعقبة ، وفي ثبوته عنهم نظر ، ولو ثبت فلا قول لأحد مع رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وسنته أحق بالإتباع.اهـ

وقال أيضاً في تهذيب السنن(٣/١٨٧): قيل لأحمد تكره الخضاب بالسواد؟ قال: أي والله.اهـ

قلت: الكراهة عند المتقدمين يراد منها التحريم إلا إذا دل دليل على الكراهة التنزيهية.

قال العلامة ابن عثيمين في شرح مسلم(١٠/٣٨٣):
في قوله عليه الصلاة والسلام(واجتنبوا السواد)
وجوب تجنب السواد وذلك لأن صبغ الشيب بالسواد مضاد لحكمة الله عزوجل ، إذ إن حكمة الله عزوجل أنه كلما كبر الإنسان ابيض شعره فإذا حاول أن يقلبه إلى سواد فهذا مضادة لما كان من خلق الله عزوجل.اهـ

قلت: والنهي عام يشمل الذكر والأنثى ، الصغير والكبير ، ولا يخصص شيء منه إلا بدليل صحيح صريح.

– تنبيه:
ادعى بعض أهل العلم أن لفظة ( وجنبوه السواد )
مدرجة من كلام ابن جريج لأمرين:
الأول: أن أبا الزبير نفاها.
قال أبو داود الطيالسي في مسنده(١٧٥٣)
حدثنا زهير عن أبي الزبير قال: قلت له أحدثك جابر رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال لأبي قحافة (غيروا وجنبوه السواد ، قال: لا).

قلت: يحتمل أن أبا الزبير حدث ونسي ، والراوي قد ينسى ما حدث به ، ولا يضر ذلك في صحة الحديث إذا كان الراوي عنه ثقة.

قال الحافظ السيوطي في تدريب الراوي(٢٩١): إذا روى ثقة عن ثقة حديثاً ثم نفاه المسمع لما رُوجع فيه فالمختار عند المتأخرين أنه إن كان جازماً بنفيه بأن قال: ما رويته أو كذب علي ونحوه وجب رده لتعارض قولهما…. فإن قال الأصل لا أعرفه أو لا أذكره أو نحوه مما يقتضي جواز نسيانه لم يقدح فيه ولا يرد بذلك ، ومن روى حديثاً ثم نسيه جاز العمل به على الصحيح وهو قول الجمهور.اهـ

الثاني: أن بعض الثقات لم يذكرها.

روى مسلم ( ٢١٠٢) عن أبي خيثمة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (غيروا هذا بشيء) ، وليس فيه (وجنبوه السواد).

وهذا لا يضر فإن ابن جريج ثقة ، وزيادة الثقة مقبولة ما لم تكن منافية ، ولذلك قبلها الإمام مسلم وأودعها في صحيحه(٢١٠٣) ، وكذا ابن حبان في صحيحه(٥٤٤٧) وسكت عنها أبو داود في سننه(٤٢٠٤) وما سكت عنه أبو داود فهو صالح عنده ، وأثبتها الألباني في صحيح الجامع(٤١٧٠)

قال الحافظ ابن حجر في النخبة(٥): وزيادة راويهما مقبولة ما تقع منافية لمن هو أوثق منه.

قال العلامة ابن عثيمين في شرح مسلم(١٠/٣٨٤):
وقد زعم بعض الناس أن قوله (واجتنبوا السواد) مدرج ، ولكنه زعم ليس بصحيح لأمرين:
الأول: أن الأصل عدم الإدراج.
الثاني: أنه قد جاء حديث آخر منفصل بالوعيد الشديد على من خضب بالسواد.اهـ

تنبيه:
أبو خيثمة في رواية مسلم هو زهير الذي في رواية أبي داود الطالسي.
أبو خيثمة اسمه زهير بن معاوية الجعفي الكوفي.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بحفر الباطن.
٧ محرم ١٤٣٨هـ