تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا) سورة آل عمران(٢٠٠)
يأمر ربنا عزوجل عبادة المؤمنين بالصبر ، في قوله: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا) ، ويأمرهم بملازمته والاستمرار عليه ، في قوله:(وصابروا).
والصبر لغة: الحبس.
وشرعاً: حبس النفس على طاعة الله ، وحبس النفس عن معصية الله ، وحبس النفس على أقدار الله المؤلة.
فالإنسان مأمور بالصبر على ثلاثة أشياء:
الأول: الصبر على طاعة الله تعالى ، وهذا من أعظم أنواع الصبر ، لأن الطاعة ثقيلة على النفس قد تستثقلها بعض الأنفس ، قال أنس رضي الله عنه: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (حُفت الجنة بالمكاره) رواه مسلم(٢٨٢٢) ، ورواه البخاري(٦٤٨٧) عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: (حُجبت الجنة بالمكاره).
معناه: أنه لا يوصل إلى الجنة إلا بفعل ما يستثقل على النفس من الطاعات.
فالواجب على العبد فعل الطاعات من صلاة وزكاة وصيام وغيرها من القُرب ، وملازمة ذلك والاستمرار عليه.
الثاني: الصبر عن معصية الله تعالى ، لأن النفس أمارة بالسوء ، وقد تشتهي فعل المعصية والعياذ بالله ، قال أنس رضي الله عنه: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:( حُفت النار بالشهوات) رواه مسلم(٢٨٢٢)، ورواه البخاري(٦٤٨٧) عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: (حُجبت النار بالشهوات).
ومعناه: أنه لا يوصل إلى النار إلا بفعل ما تشتهي النفس من الشهوات المحرمة.
فالواجب على العبد ، البعد عن المعاصي واجتنابها ، ومن وقع في معصية كبيرة أو صغيرة فعليه المبادرة إلى الاستغفار والتوبة ولا يصر على المعصية ، فإن الله سبحانه وتعالى غفور رحيم يقبل توبة عبده إذا تاب إليه وأناب ، ما لم تبلغ الروح الحلقوم وما لم تطلع الشمس من مغربها.
الثالث: الصبر على أقدار الله المؤلمة ، قال تعالى: (واصبر على ما أصابك)
والمؤمن يبتلى على قدر إيمانه ، والناس عند المصائب أنواع:
منهم: من يصبر ويحتسب ، إذا أصابته مصيبة قال:(إن لله وإن إليه راجعون) أو قال: (الحمد لله على كل حال).
وهذا على خير ، قال تعالى: (وبشر الصابرين) وقال تعالى: (إن الله مع الصابرين) وقال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)
وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه مرفوعاً:(والصبر ضياء) رواه مسلم(٢٢٣) ، ومعنى(والصبر ضياء) أي إذا اشتدت الكربات والمحن على العبد وصبر فإن الصبر ضياء له يهديه إلى الحق.
والصبر يكون عند الصدمة الأولى ، قال أنس رضي الله عنه قال النبي عليه الصلاة والسلام:(إنما الصبر عند الصدمة الأولى)
رواه البخاري(٢/٣٢٣)
ومنهم: من يتسخط على أقدار الله.
إما يتسخط بقلبه ، والتسخط بالقلب هو أن يكون في قلبه شيء على ربه والعياذ بالله.
أو يتسخط بلسانه ، والتسخط باللسان يكون بالدعاء بالويل والثبور.
أو يتسخط بجوارحه ، والتسخط بالجوارح يكون بلطم الخدود وضرب الصدور.
والتسخط محرم ولا يجوز ، وهو منافٍ للصبر الذي أمر الله به ، ودليل على ضعف الإيمان بالقضاء والقدر.
كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر
٥ صفر ١٤٣٨هـ