– مباحث في علم مصطلح الحديث –
– اعتضاد الحديث الضعيف بغيره –
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:
الحديث الضعيف إذا كان مندرجاً تحت أصل ثابت أو له شواهد ومتابعات صحيحة أو ضعيفة ضعف يسير وتؤيده الآثار فإنه يتقوى ويعتضد بما في الباب.
لذا كان الأئمة الحفاظ يرون كل ما في الباب من الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة والمقطوعة لاعتضاد بعضها ببعض.
قال الإمام البيهقي في معرفة السنن والآثار(١/٢٢٩) :المنقطع إذا انضم إليه غيره أو انضم إليه قول الصحابي أو تتأكد به المراسيل ولم يعارضه ما هو أقوى منه فإنا نقول به.اهـ
وقال البيهقي أيضاً في الأربعين الصغرى(٤٤): حديث مرة الهمداني عن ابن مسعود مرفوعاً(استحيوا من الله حق الحياء)
وروي في ذلك عن هشام عن الحسن عن النبي عليه الصلاة والسلام مرسلاً.
وفيه تأكيد لهذا المسند.اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصفدية(٢٨٦):
والأئمة كانوا يرون ما في الباب من الأحاديث التي لم يعلم أنها كذب من المرفوع والمسند والموقوف وآثار الصحابة والتابعين لأن ذلك يقوي بعضها بعضاً كما تذكر المسألة في أصول الدين ويذكر فيها مذاهب الأئمة والسلف، فثمَّ أمور تذكر للاعتماد وأمور تذكر للاعتضاد.اهـ
وقال شيخ الإسلام أيضاً في الاستغاثة(١٥٣):
هذا الخبر-(إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله)- لم يذكر للاعتماد عليه بل ذكر ضمن غيره ليتبين أن معناه موافق للمعاني المعلومة بالكتاب والسنة كما أنه إذا ذكر حكم بدليل معلوم ذكر ما يوافقه من الآثار والمراسيل وأقوال العلماء وغير ذلك لما في ذلك من الاعتضاد والمعاونة لا لأن الواحد من ذلك يعتمد عليه في حكم شرعي. ولهذا كان العلماء متفقين على جواز الاعتضاد والترجيح بما لا يصلح أن يكون هو العمدة من الأخبار التي تُكلم في بعض رواتها لسوء حفظ أو نحو ذلك وبآثار الصحابة والتابعين.اهـ
وقال الحافظ ابن رجب في شرح العلل(١٠٠) : قول الترمذي في الحديث الحسن( ويروى من غير وجه نحو ذلك)
لم يقل عن النبي عليه الصلاة والسلام فيحتمل أن يكون مراده عن النبي عليه الصلاة والسلام ويحتمل أن يحمل كلامه على ظاهر وهو أن يكون معناه يروى من غير وجه ولو موقوفاً ليستدل بذلك على أن هذا المرفوع له أصل يعتضد به وهذا كما قال الشافعي في الحديث المرسل:إذا عضده قول صحابي أو عمل عامة أهل الفتوى كان صحيحاً.اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في النكت(١/٤٠٢) قال ابن القطان:وهذا القسم-أي الحسن لغيره-لا يحتج به كله إلا إذا كثرت طرقه أو عضده اتصال عمل أو موافقة شاهد صحيح أو ظاهر القرآن.
قلت:وهذا حسن رايق لا أظن منصفاً يأباه.اهـ
وقال العلامة المحدث الألباني في الإرواء(٦/٢٢٨):
والذي يتلخص عندي مما سبق أن الحديث حسن – أي حديث( ثلاث جدهن جد وهزلهن جد)-بمجموع طريق أبي هريرة الأولى التي حسنها الترمذي وطريق الحسن البصري المرسلة وقد يزداد قوة بحديث عبادة بن الصامت والآثار المذكورة عن الصحابة فإنها ولو لم يتبين لنا ثبوتها عنهم عن كل واحد منهم تدل على أن معنى الحديث كان معروفاً عندهم.اهـ
وقال العلامة صالح الفوزان في إعانة المستفيد(١/١١): ولم يورد الشيخ محمد بن عبدالوهاب في هذا الكتاب-أي التوحيد-إلا ما صح من الأحاديث أو كان حسن الإسناد أو هو ضعيف الإسناد وله شواهد تقويه أو داخل تحت أصل عام يشهد له الكتاب والسنة.اهـ
كتبه
بدر محمد البدر