@ كلمات في الدعوة إلى الله – زمهرير جهنم @

– كلمات في الدعوة إلى الله.

– زمهرير جهنم.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

أيها الأخوة: إن جهنم أعاذنا الله وإياكم منها ، اشتكت إلى ربها سبحانه وتعالى ، فقالت: يا رب أكلي بعضي بعضاً ، فأذن الله عزوجل لها بنفسين نفس في الصيف وهو أشد ما نجد من الحرارة ، ونفس في الشتاء وهو أشد ما نجد من البرودة وهو الزمهرير.
كما جاء ذلك في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضاً فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ، ونفس في الصيف ، فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير)
رواه البخاري(٥٣٧) ومسلم(٦١٧)
وفي لفظ لمسلم(٦١٧): (فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم).
وفي رواية لابن حبان في صحيحه(٧٤٢٣): (فجعل لها في كل عام نفسين في الشتاء والصيف ، فشدة البرد الذي تجدون من زمهريرها).
وفي رواية لابن أبي شيبة في مصنفه(٣٤١٢٦) (فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها وشدة ما تجدون من الحر من سمومها).

– وهذا على ظاهره ، فإن الله عزوجل أنطق النار ، وهو الذي أنطق كل شيء ، أنطقها واشتكت له ، فأذن لها بنفس في الصيف وآخر في الشتاء وهو الزمهرير.

– والزمهرير أشد البرد ، وهو نوع من أنواع العذاب ، روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (الزمهرير لون من العذاب) ذكره ابن رجب في التخويف من النار(٧١)

فكما أن النار من عذاب جهنم ، فكذلك الزمهرير من عذاب جهنم ، فالله سبحانه وتعالى يعذب أهل جهنم بالنار ويعذبهم بالزمهرير.

– قال تعالى عن أهل النار: (هذا فليذُوقُوه حميمـٌ وغساقٌ)
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره(١٦١١): الحميم هو الحار الذي قد انتهى حره ، والغساق ضده وهو البارد الذي لا يستطاع من شدة برده المؤلم.اهـ

وروي عن ابن عباس وضي الله عنه أنه قال: (يستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح باردة يصدع العظام بردُها فيسألون الحر) ذكره ابن رجب في اللطائف(٤٥٩)

قال العلامة ابن عثيمين في التعليق على صحيح مسلم(٣/٥٨٩): يعذب الله بالنار أحياناً وأحياناً بالزمهرير من أجل زيادة التعذيب.اهـ مختصراً.

– أيها الأخوة: إن ما نجد في هذه الحياة الدنيا من شدة الحر وشدة البرد ، ما هو إلا تذكرة وعظة لمن يتعظ ، فهذا حر الدنيا الذي يفر منه الناس ، وهذا برد الدنيا الذي يفر منه الناس ، فكيف بحر الآخرة وكيف ببرد الآخرة ، فعل المسلم أن يستعيذ بالله من جهنم إذا اشتد الحر وإذا اشتد البرد.
قال الحافظ ابن رجب في الفتح(٣/٥٦): جعل الله ما في الدنيا من شدة الحر والبرد مُذكراً بحَرِّ جهنم وبردها، ولهذا تُستحب الاستعاذة منها عند وجود ذلك.اهـ

– أيها الأخوة: عليكم أن تجعلوا لكم وقاية تَقيكم من شدة برد الدنيا ومن برد الآخرة:
– أما وقاية برد الدنيا: فتكون بلبس الملابس التي تصلح للشتاء ، قال سليم بن عامر: كان عمر بن الخطاب إذا حضر الشتاء تعادهم وكتب لهم بالوصية: (إن الشتاء قد حضر وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب) رواه ابن المبارك كما في اللطائف لابن رجب(٤٥٧)

– وأما وقاية برد الآخرة: فتكون بالأعمال الصالحة.
قال الله تعالى في وصف أهل الجنة: (متكئـين فيها على الأرائِك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً).
قال قتادة: (علم أن شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم أذاهما جميعاً) ذكره ابن رجب في اللطائف(٤٦٠)

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر

١١ جمادى الأولى ١٤٣٨هـ

@ كلمات في الدعوة إلى الله – ذم الكبر @

– كلمات في الدعوة إلى الله –

– ذم الكِبْر –

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

أخي المسلم: إن من الصفات المذمومة ، والمحرمة شرعاً ، صفة الكِبْر ، قال تعالى: (إنه لا يحب المستكبرين) وقال تعالى: (إن الله لا يحب كل مختال مخور)

وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال ذرة من كِبْر) فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبُه حسناً ونعلُه حسنه ، قال: (إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر: بطرُ الحق وغمطُ الناس)
رواه مسلم(٩١)

وعن حارثة بن وهب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: (ألا أخْبِركم بأهل النار؟ كل عُتُل جَوَّاظ مُستكبر)
رواه البخاري(٤٩١٨) ومسلم(٢٨٥٣)
والعتل هو الشديد ، والجواظ هو سيء الأخلاق ، والمستكبر هو الذي عنده كبر.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأبي هريرة رضي الله عنه قالا: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (العِز إزارُهُ والكبرياء رداؤُهُ فمن يُنازعني عذبتُه)
رواه مسلم(٢٦٢٠)
قال الحافظ النووي في شرح مسلم(١٥٥٩): قوله(فمن ينازعني عذبته) هذا وعيد شديد في الكبر مصرح بتحريمه.اهـ

– والكبر ضد التواضع وهو الترفع على الناس واحتقارهم.
وهو فرع من العُجُب ، والعجب هو إعجاب الإنسان بعمله.
وكلاهما محرم ، ونص الحافظ الذهبي في كتاب الكبائر(٩٢) أن الكِبر والعُجب من كبائر الذنوب.

– والكبر نوعان:
الأول: كبر على الحق ، وهو عدم قبول الحق ورده.
الثاني: كبر على الخلق ، وهو الترفع على الناس واحتقارهم.
قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الكبر: بطرُ الحق وغمطُ الناس) رواه مسلم(٩١) عن ابن مسعود.
قوله(الكبر بطر الحق) هذا ترفع على الحق.
وقوله(وغمط الناس) هذا ترفع على الخلق.

قال العلامة ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين(٢/٥١٤): الذي في قلبه كبر:
إما أن يكون كبراً عن الحق وكراهة له ، فهذا كافراً مخلد في النار ولا يدخل الجنة ، لقول الله تعالى: (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) ولا يحبط العمل إلا بالكفر.
وإما إذا كان كبراً على الخلق وتعاظماً على الخلق
فهذا لا يدخل الجنة دخولاً كاملاً مطلقاً لم يسبق بعذاب.اهـ

– الأسباب التي تدعو إلى الكبْر:
الأسباب التي تدعو إلى الكبر كثيرة منها:

– أولاً: التكبر بسبب كثرة العلم.
وهو أن يكون الإنسان أعطاه الله علماً ، فيتكبر على الناس بعلمه ، وينظر للآخرين بأنهم أهل جهل وقصور وأنه هو العالم ، فيتعاظم في نفسه ويتكبر.
قال وهب بن منبه: (إن للعلم طغياناً كطغيان المال) رواه ابن حرب في كتاب العلم(١٠٣) وفي سنده رجل لم يسم ، ويشهد له قوله تعالى: (إن الإنسـٰن ليطغى أن رءاه استغنى) أي استغنى بماله وعلمه وغيرهما.

وقال الحافظ الذهبي في الكبائر(٩٥): وأشر الكبر من تكبر على العباد بعلمه ، وتعاظم في نفسه بفضيلته فإن هذا لم ينفعه علمه.اهـ

فالعلم الذي يدعو صاحبه إلى الكبر علم ضار ليس بنافع ، لأن العلم النافع هو الذي يدعو صاحبه إلى التواضع وعدم الكبر.

– ثانياً: التكبر بسبب كثرة المال.
وهو أن يكون الإنسان أعطاه الله مالاً ، فيتكبر على الناس بماله ، وينظر إلى الناس أنهم فقراء ومساكين وأنه هو الغني ، فيتعاظم في نفسه ويتكبر.
قال تعالى: (إن الإنسـٰن ليطغى أن رءاه استغنى)

– ثالثاً: التكبر بسبب كثرة الأعمال الصالح.
وهو أن يكون الإنسان مكثراً من الأعمال الصالحة ، فيتكبر على الناس بعمله ، وينظر إلى الناس أنهم أهل تقصير في عباداتهم وأنه هو العابد الزاهد ، فيتعاظم في نفسه ويتكبر.

رابعاً: التكبر بسبب المناصب العالية.
وهو أن يكون الإنسان أعطاه الله منصباً عالياً ، فيتكبر على الناس بمنصبه ، وينظر إلى الناس أنهم دونه في المنصب وأنه هو صاحب المرتبة العالية ، فيتعاظم في نفسه ويتكبر.

– خامساً: التكبر بسبب الصحة البدنية.
وهو أن يكون الإنسان أعطاه الله صحة بدنية في جسمه ، فيتكبر على الناس بصحته ، وينظر إلى الناس أنهم دونه في الصحة والعافية وأنه هو القوي ، فيتعاظم في نفسه ويتكبر.

– سادساً: التكبر بسبب الحسب والنسب.
وهو أن يكون الإنسان أعطاه الله حسباً ونسباً ، فيتكبر على الناس بحسبه ونسبه ، وينظر إلى الناس أنهم دونه في الحسب والنسب وأنه هو صاحب النسب الرفيع ، فيتعاظم في نفسه ويتكبر.

– أخي المسلم: اعلم أن التكبر لا يأتي بخير ، والخير كل الخير في التواضع ، فمن احتقر الناس احتقروه ، ومن تواضع للناس رفعوه.
قيل لأحد المتكبرين ، ماذا ترى الناس؟ قال: لا أراهم إلا مثل البعوض!
فقيل له: وهم يرونك كذلك ، أي مثل البعوض.
وقيل لأحد المتواضعين ، ماذا ترى الناس؟ قال: أراهم خير مني ، فقيل له: وهم يرونك كذلك ، أي خير منهم.

قال الحافظ ابن حبان في روضة العقلاء(٩٣): ما رأيت أحداً تكبر على من دونه إلا ابتلاه الله بالذلة لمن فوقه.اهـ

– فالواجب على من ابتلي بداء الكبر ، أن يُفكر في عيوبه ، وأنه عبد ضعيف لا حول له ولا قوة ، وأنه ميت لا محالة ، ولا ينفعه في الآخرة كبره الذي يتكبر به ، بل هو وبال عليه والعياذ بالله.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر

٧ جمادى الأول ١٤٣٨هـ

@ كلمات في الدعوة إلى الله – الإخلاص وما يضاده @

– كلمات في الدعوة إلى الله –

– الإخلاص وما يضاده.

أخي المسلم: إن من شَرط قبول العمل أن يكون العمل خالصاً لله عزوجل ، وأن يكون متابعاً لسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ولا يسمى العمل صالحاً ولا يكون متقبلاً إلا بهذين الشرطين الإخلاص والمتابعة.

فالإخلاص شرط من شرطي قبول العمل.

قال تعالى: (فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص)

وقال تعالى: (قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين)

وقال تعالى: (وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين).

-دلت هذه الآيات: على شرطية الإخلاص في العمل ، وأن الله عزوجل لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لله وحده لا شريك له.

وفي الحديث عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتُغي به وجهه)
رواه النسائي(٢٩٤٣)
وحسنه العراقي في تخريج الإحياء(٤/٣٢٨)والألباني في الصحيحة(٥٢)
قال ابن رجب في الجامع(٢٥): سنده جيد.اهـ

– والإخلاص يضاده الشرك والرياء.
والرياء: هو عمل العمل ليراه الناس.
ومنه السمعة ، والسمعة عمل العمل ليسمع الناس.

والرياء والسمعة من الأخلاق المذمومة شرعاً ، فإن
مَن راءى الناس بعمله ، راءى الله به ، ومن سمع الناس بعمله ، سمع الله به ، كما جاء ذلك في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (مَن سمع ، سمع الله به ، ومن راءى ، راءى الله به) رواه مسلم(٢٩٨٦)
وفي رواية لابن ماجه(٤٢٨١) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من يُسمع ، يسمع الله به ، ومن يُراء ، يراء الله به) ، صححه الألباني في سنن ابن ماجه(٤٢٨١).

– العمل إذا كان لغير الله له حالات:

– الحالة الأولى: أن يكون الرياء محضاً ، بحيث لا يراد به سوى مراءاة الناس.
قال الحافظ ابن رجب في الجامع(٢٥): وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط وأن صاحبه مستحق المقت من الله والعقوبة.اهـ

– الحالة الثانية: أن يكون العمل لله ويشاركه الرياء.
قال الحافظ ابن رجب في الجامع(٢٥): وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء فإن شاركه من أصله فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه وحبوطه ، وممن رُوي عنه هذا المعنى وأن العمل إذا خالطه شيء من الرياء كان باطلاً طائفة من السلف منهم: عبادة بن الصامت وأبو الدرداء والحسن وسعيد بن المسيب وغيرهم ، ولا نعرف عن السلف في هذا خلافاً.اهـ

قال تعالى: (فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صـٰلحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (يقول الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)
رواه مسلم(٢٩٨٥) وفي لفظ لابن ماجه(٤٢٧٧) (فأنا منه بريء وهو للذي أشرك) صححه الألباني في سنن ابن ماجه(٤٢٧٧)

– الحالة الثالثة: أن يكون أصل العمل لله وحده ثم طرأ عليه الرياء ، فهذا إن دفع الرياء لم يضره ، وإن استرسل معه قيل ما كان قبل الرياء فهذا مقبول ، والذي خالطه الرياء غير مقبول.

– الحالة الرابعة: أن يكون الرياء بعد انتهاء العبادة ، وهذا لا يؤثر ، إلا أن يكون فيه عدوان كالمن والأذى بالصدقة فيبطلها ، قال تعالى: (يـٰأيها الذين ءامنوا لا تُبطلوا صدقـٰتكم بالمن والأذى).

– مفاسد الرياء:
الرياء له عدة مفاسد منها:

– أولاً: الرياء شرك أصغر.
عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (كنا نعد الرياء على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام الشرك الأصغر)
قال الحافظ الهيثمي في المجمع(١٠/٢٢٢): أخرجه الطبراني في الأوسط والبزار ورجالهما رجال الصحيح غير يعلى بن شداد وهو ثقة.اهـ

– وعن محمود بن لبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء)
رواه أحمد(٥/٤٢٨) قال الهيثمي في المجمع(١/١٠٢): رجاله رجال الصحيح.اهـ

– وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: (ألا أُخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟) قالوا: بلى. قال: (الشرك الخفي ، يقوم الرجل فيُصلي فيُزين صلاته لما يرى من نظر رجل)
رواه أحمد(١١٢٥٢) وابن ماجه(٤٢٧٩)
قال الحافظ الهيثمي في المجمع(١/٣١٥): رواه أحمد ورجاله موثقون.اهـ
وحسنه البوصيري في مصباح الزجاجة(٣/٢٩٦) والألباني في سنن ابن ماجه(٤٢٧٩)

قال العلامة ابن عثيمين في القول المفيد(٤٢٦): الرياء من الشرك الأصغر ، لأن الإنسان قصد بعبادته غير الله ، وقد يصل إلى الأكبر.اهـ

– ثانياً: الرياء كبيرة من كبائر الذنوب.
قال الحافظ الذهبي في كتاب الكبائر(١٣٢): الكبيرة الثالثة والثلاثون: الرياء.

– ثالثاً: الرياء من صفات المنافقين.
قال الله سبحانه تعالى في وصف المنافقين: (وإذا قاموا إلى الصلوٰة قاموا كُسالى يُراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً)

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر

٢٩ ربيع الثاني ١٤٣٨هـ

@ كلمات في الدعوة إلى الله @

– كلمات في الدعوة إلى الله –

– الكلمة: حُرمة الحلف بغير الله.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

أخي المسلم: لقد نهانا ربنا عزوجل عن الحلف بغيره ، ونهانا نبينا عليه الصلاة والسلام عن الحلف بغير الله عزوجل ، وأخبر نبينا عليه الصلاة والسلام أن الحلف بغير الله شرك ، فالواجب على المسلم إذا أراد الحلف أن يحلف بالله عزوجل أو يحلف بصفة من صفات الله ، ولا يحلف بغير الله ، لا يحلف بأبيه ولا بأمه ولا بالنبي وبالشيخ فلان ولا بالولي فلان ولا بحياة فلان ولا بالنعمة ولا بالكعبة ولا بالأمانة ولا غير ذلك من الأيمان المحرمة.
لأن الحلف بغير الله يقتضي تعظيم المحلوف به ، والتعظيم لله وحده لا شريك له.

عن ابن عمر رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب وعمر يحلف بأبيه ، فناداهم رسول الله عليه الصلاة والسلام: (ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)
رواه البخاري(٦٦٤٦) ومسلم(١٦٤٦)
وفي لفظ لابن حبان في صحيحه(٤٣٥٩) (فلا يحلف إلا بالله أو ليسكت)

وعن عبدالرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم)
رواه مسلم(١٦٤٨) وفي لفظ للنسائي(لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت)
قال الحافظ النووي في رياض الصالحين(٥٠٢): الطواغي جمع طاغية وهي الأصنام.اهـ

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا إلا بالله)
رواه أبو داود(٣٢٤٨) والنسائي(٣٧٧٨) وصححه الألباني في صحيح الجامع(٧٢٤٩) وقال العلامة الوادعي في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين(١٢٩٤): حديث صحيح على شرط الشيخين.اهـ

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من حلف فقال في حلفه باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله)
رواه البخاري(٦٦٥٠) ومسلم(١٦٤٧)

قال الحافظ ابن حجر في الفتح(١١/٦٠٧): قال جمهور العلماء: من حلف باللات والعزى أو غيرها من الأصنام أو قال إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني أو برئ من الإسلام أو من النبي عليه الصلاة والسلام ، لم تنعقد يمينه وعليه أن يستغفر الله ولا كفارة عليه ، ويستحب أن يقول: لا إله إلا الله.اهـ

وعن سعد بن عُبيدة سمع ابن عمر رضي الله عنه رجلاً يحلف: لا والكعبة ، فقال له ابن عمر: لا يُحلف بغير الله ، فإني سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) رواه أبو داود(٣٢٥١) والترمذي(١٥٩٠) وحسنه ، وصححه الحاكم في المستدرك(١/١٨) وقال الحافظ الذهبي في الكبائر(١١٣) إسناده على شرط مسلم. وصححه الألباني في سنن أبي داود(٣٢٥١)

قال الحافظ ابن حجر في الفتح(١١/٦٠٠): التعبير بقوله(فقد كفر أو أشرك) للمبالغة في الزجر والتغليظ في ذلك.اهـ

وعن قُتيلة رضي الله عنها قالت: أن يهودياً أتى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (إنكم تُنددون وإنكم تشركون ، تقولون: والكعبة!
فأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا:(ورب الكعبة)
رواه أحمد(٢٧٠٩٣) والنسائي(٣٧٨٢)
صححه النسائي كما في فتح الباري(١١/٥٤٨) وصححه الحاكم في المستدرك(٤/٢٩٧) وابن حجر في الإصابة(٤/٣٧٨) والألباني في الصحيحة(١٣٦)

وعن سعد بن عبيدة قال: كنا مع ابن عمر في حلقة فسمع رجلاً يقول: لا وأبي ، فرماه بالحصا ، وقال: إنها كانت يميني فنهاني النبي عليه الصلاة والسلام عنها وقال: (إنها شرك) رواه ابن أبي شيبة(١٢٢٧٨) ورجاله ثقات

وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من حلف بالأمانة فليس منا)
رواه أبو داود(٣٢٥٣) صححه الحاكم في المستدرك(٤/٢٩٨) والنووي في الأذكار(١٠٩٤) والألباني في السلسلة الصحيحة(٩٤) والوادعي في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين(١٧٦)

– هذه الأحاديث الصحاح دلت على:
أن الحلف بغير محرم وهو من الشرك ، وقد نقل الحافظ ابن عبدالبر الإجماع على عدم جواز الحلف بغير الله ، ذكره عنه ابن حجر في الفتح(١١/٦٠٠)
قال لنا العلامة صالح اللحيدان: من حلف بغير الله على وجه التعظيم للمحلوف به فهذا شرك أكبر ، ومن حلف بغير الله لا على وجه التعظيم للمحلوف به فهذا شرك أصغر.

– وأن الحلف بغير الله عزوجل كله محرم لعموم الأدلة في النهي ولا يستثنى من النهي شيء.

– وأن الإنسان إذا أراد أن يحلف فلا يحلف إلا بالله أو بصفة من صفات الله ، ولا يكثر الحلف فإن كثرة الحلف منهي عنها ، قال تعالى: (واحفظوا أيمانكم) قال بعض أهل العلم: أي لا تكثروا الأيمان.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر

٢٢ ربيع الثاني ١٤٣٨هـ