@ أسباب الفلاح @

( أسباب الفلاح)

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :

روى مسلم في صحيحه(٢٩٧٩) عن أبي عبدالرحمن الحُبُلي قال: سمعت عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وسأله رجل ، فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين؟
فقال له عبدالله: ألك امرأة تأوي إليها؟
قال: نعم ،
قال عبدالله: ألك مسكن تسكنه؟
قال: نعم ،
قال عبدالله: فأنت من الأغنياء ،
قال: فإن لي خادماً ،
قال عبدالله: فأنت من الملوك).

عد هذا الصحابي الجليل العابد الزاهد عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما من عنده زوجة ومنزلاً من الأغنياء
ومن عنده زوجة ومنزلاً وخادماً من الملوك.
فكيف بمن عنده زوجات لا زوجة وبيوت لا بيت وخدم لا خادم
ومع كل هذه النعم الكثيرة التي أنعم الله عزوجل بها عليه ،
لا يشكر ربه عزوجل على نعمه ، بل يجحد.
ولا يقنع بما آتاهم الله عزوجل من فضله ، بل يتسخط.
قال تعالى: (إن الإنسان خُلق هلوعاً إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً)
وقال تعالى: (وقليل من عبادي الشكور)

والواجب على المسلم أن يشكر ربه عزوجل على القليل والكثير ، ويرضى بالقليل والكثير ، فلا يقل نقص المال قل الراتب وعنده ما يكفيه وزيادة ، ولينظر العبد لمن هو دونه ولا ينظر لمن هو فوقه ، وقد قيل: لا يعرف قدر الشيء إلا فاقده ، فإذا فقدت كل ما عندك من أموال ، فسوف تعرف قدر المال القليل الذي عندك ولم ترض به.

روى مسلم في صحيحه (١٠٥٤) والترمذي في جامعه(٢٢٤٨) وابن ماجه في سننه(٤١٣٨)
عن أبي عبدالرحمن الحُبُلي عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (قد أفلح من أسلم ورُزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه).

وفي رواية لابن حبان في صحيحه(٦٦٩) (قد أفلح من أسلم وكان رزقه كفافاً فصبر عليه).

وفي لفظ للترمذي(٢٣٤٩) من حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: (طُوبى لمن هُدي إلى الإسلام وكان عيشة كفافاً وقنع).

وهنا يبيّن نبينا عليه الصلاة والسلام في هذه الأحاديث الصحاح أن الفلاح يتحقق للعبد في ثلاثة أشياء:

الأول: (الإسلام) ، (قد أفلح من أسلم) فأنت وفقك الله عزوجل للدين الحق الذي رضيه ربك عزوجل ولا يقبل سواه ،
قال ربنا عزوجل: (ورضيت لكمـ الإسلٰمـ ديناً)
وقال عزوجل: (إن الدين عند الله الإسلٰم)
وقال عزوجل: ( ومن يبتغ غير الإسلٰم ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخـٰٰسرين)

والثاني: (الرزق الكفاف) والكفاف هو الذي لا زيادة فيه ولا نقصان ، والمراد منه الذي يكفي صاحبه عن سؤال الناس.
روى مسلم في صحيحه (١٠٥٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:(اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً) وفي لفظ:(كفافا) أي ما يكفيهم.

والثالث: (القناعة بما آتاه الله عزوجل) يعني رضي بما أعطاه الله عزوجل ، إن أعطاه الله الكثير شكر وإن لم يعطه صبر ، والغنى ليس كرامة كما أن الفقر ليس مهانة ، بل كلاهما ابتلاء واختبار للعبد قال تعالى: (ليبلوكم أيكم أحسن عملاً).
كتبه/
بدر بن محمد العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بحفر الباطن.

٢٧ ذي الحجة ١٤٣٧هـ