@ الأحكام الفقهية – حكم دباغ الجلود @

– الأحكام الفقهية:

– حكم دباغ الجلود:

الجلود نوعان:

– الأول: جلد الحيوان مأكول اللحم.
وهو نوعان: المذكى والميتة.
أ- جلد المذكى: وهذا يطهر إذا دُبغ ، لا أعلم فيه خلافاً ، لعموم الأدلة ، منها:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر)
رواه مسلم(٣٦٦)

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (أيما إهاب دبغ فقد طهر)
رواه الدارقطني (١١٨) وقال: إسناده حسن.
وله شاهد عن ابن عباس رضي الله عنه ، رواه الترمذي(١٧٢٨) وقال: حديث حسن صحيح ، وصححه ابن حبان(١٢٨٤)

وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (طهور كل أديم دباغه)
رواه الدارقطني(١٢١) وقال: إسناد حسن كلهم ثقات.
وصححه الألباني في صحيح الجامع(٣٩٣٤)

ب- جلد الميتة: وهذا يطهر إذا دُبغ ، على الصحيح وهو قول جمهور العلماء ، ودليل ذلك:
عن سلمة بن المحبق رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام في غزوة تبوك أتى على بيت فإذا قربة معلقة فسأل الماء ، فقالوا: يا رسول الله إنها ميتة ، فقال: (دباغها طُهورها)
رواه أبو داود (٤١٢٥) وابن حبان في صحيحه(٤٥٢٢)
قال ابن حجر في التلخيص(١/٦١): إسناده صحيح.
وصححه الألباني في سنن أبي داود(٤١٢٥)
وله شاهد عن ابن عباس رواه ابن خزيمة في صحيحه(١١٤)

وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام: (دباغ جلود الميتة طهورها)
رواه الدارقطني(١١٩) وصححه الألباني في صحيح الجامع(٣٣٦٠)

وعن العالية بنت سبيع أنها قالت: كان لي غنم بأُحد فوقع فيها الموت فدخلت على ميمونة رضي الله عنها زوج النبي عليه الصلاة والسلام
فذكرت ذلك لها ، فقالت لي ميمونة: لو أخذتِ جلودها فانتفعت بها ، قالت: فقلت: أو يحل ذلك؟
قالت: نعم ، مر على رسول الله عليه الصلاة والسلام رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار ، فقال لهم رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لو أخذتم إهابها) قالوا إنها ميتة ، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (يطهرها الماء والقرظ)
رواه أبو داود(٤١٢٦) والنسائي(٧/١٧٤)
صححه ابن حبان(١٢٨٨)
وقال ابن حجر في التلخيص(١/٦١): صححه ابن السكن والحاكم.اهـ
وصححه الألباني في سنن أبي داود(٤١٢٦)

قال الإمام الترمذي في جامعه(١٧٢٨): والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم قالوا في جلود الميتة: إذا دبغت فقد طهرت.اهـ

– تنبيه:
حديث عبدالله بن عكيم قال: قرئ علينا كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام بأرض جهينة وأنا غلام شاب (أن لا تستمتوا من الميتة بإهاب ولا عصب)
رواه أبو داود(٤١٢٧) والترمذي(١٧٢٩) وحسنه بلفظ: (أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب).

قال الإمام الترمذي في جامعه(١٧٢٩): وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، وسمعت أحمد بن الحسن يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذُكر فيه قبل وفاته بشهرين وكان يقول: كان هذا آخر أمر النبي عليه الصلاة والسلام ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده.اهـ

قلت: الحديث مختلف في صحته ، وعلى تقدير صحته فالمراد: عدم الانتفاع بجلد الميتة ما لم يدبغ ، لأن الإهاب هو الجلد الذي لم يدبغ ، جمعاً بين النصوص.

قال الحافظ ابن حبان في صحيحه(١٢٧٦): ومعنى خبر عبدالله بن عُكيم (أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) يريد به قبل الدباغ ، والدليل على صحته قوله: (أيما إهاب دبغ فقد طهر).اهـ

– الثاني: جلد غير مأكول اللحم.
وهذا لا يطهر في الدباغ في أصح قولي العلماء ،
ودليل ذلك:
عن أبي المليح عن أبيه رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن جلود السباع)
رواه أحمد(٥/٧٤) وأبو داود(٤١٣٢) والترمذي(١٧٧١) والحاكم(٥٢٢) وصححه.
وصححه الألباني في سنن أبي داود(٤١٣٢)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تصحب الملائكة رُفقة فيها جلد نمر)
رواه أبو داود(٤١٣٠) وحسنه الألباني في سنن أبي داود(٤١٣٠)

وعن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه أنه قال لمعاوية رضي الله عنه ، فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله عليه الصلاة والسلام نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها؟ قال: نعم.
رواه أبو داود(٤١٣١) وصححه الألباني في سنن أبي داود(٤١٣١) وفي الصحيحة(١٠١١)

قال الإمام الترمذي في جامعه(١٧٢٨): وقال بعض أهل العلم من الصحابة وغيرهم: إنهم كرهوا جلود السباع وإن دبغ ، وهو قول عبدالله بن المبارك وأحمد وإسحاق.اهـ

قال العلامة المباركفوري في تحفة الأحوذي(٥/١٧٤): أحاديث الباب تدل على أن جلود السباع لا يجوز الانتفاع بها ، وقد اختلف في حكمة النهي.اهـ

– تنبيه:
حديث (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) لفظ (الإهاب) عام يراد منه خاص ، يراد جلد مأكول اللحم دون غيره ، ودليل ذلك نهيه عليه الصلاة والسلام عن جلود السباع.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بحفر الباطن.
٩ محرم ١٤٣٨هـ