– كلمات في الدعوة إلى الله.
– أخطاء يقع بها المصلون:
أيها الأخوة: إن الله سبحانه وتعالى أمر بإقامة الصلاة ، قال تعالى: (وأقيموا الصلوٰة وءاتوا الزكـٰوة واركعوا مع الرٰكعين)
ونبينا عليه الصلاة والسلام بيّن لنا كيفية الصلاة بقوله وفعله ، وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)
رواه أحمد(٢٠٤٠٩) عن مالك بن الحويرث ، وأصله في الصحيحين.
فالصلاة توفيقية لا يزاد فيها شيء ولا يُنقص منها شيء ، والأصل فيها صلاة النبي عليه الصلاة والسلام.
وهذه أيها الأخوة ، جملة من الأخطاء القولية التي يقع بها بعض المصلين ، أردت التنبيه عليها لتُجْتنب.
الخطأ الأول: (التلفظ بالنية) ، كقولهم: (نويت أن أصلي العصر أربع ركعات).
وهذا خطأ ، النية محلها القلب بإجماع أهل العلم والتلفظ بها بدعة ، ولم ينقل عن النبي عليه الصلاة والسلام بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه تلفظ بالنية ، ولم يُنقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، ولم يُنقل عن أحد من التابعين.
الثاني: قول: (سمعنا وأطعنا) قبل تكبيرة الإحرام.
هذا لا يصح فيه حديث ، ولم ينقل عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول شيئاً قبل تكبيرة الإحرام.
، وهو مخالف لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا) رواه البخاري(٧٢٢) ومسلم(٤١٤) عن أبي هريرة.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: (إذا قال الإمام: الله أكبر ، فقولوا: الله أكبر) رواه البيهقي(٢٣٠٩)
فالواجب على المأموم أن يكبر بعد تكبير إمامه كما هو ظاهر الحديث ، ولا يقل شيئاً قبل التكبير.
الثالث: قول: (آالله أكبر).
وهذا استفهام ولا يجوز ، ومن قاله لم تنعقد صلاته.
وقول: (الله أكبار) ، وأكبار جمع كبير وهو صوت الطبل ، ومن قاله لم تنعقد صلاته.
قال الإمام ابن قدامة في الكافي(٨٥): إن مد الهمزة في اسم الله تعالى فيجعله استفهاماً أو يمد أكبار فيزيد ألفاً فيصير جمع كبير وهو الطبل ، لم تجزه.اهـ
وقول: (الله وكبر) ، قلب همزة القطع إلى واو ، وإن كان رخص به بعض أهل العلم ، لكن الأحوط والأفضل قول: (الله أكبر) بتحقيق الهمز ، هذا هو الثابت في صلاته عليه الصلاة والسلام(الله أكبر). قال الإمام ابن القيم في الزاد(١/١٩٤): وكان دأبه عليه الصلاة والسلام في إحرامه لفظة(الله أكبر) لا غيرها ولم ينقل عنه سواها.اهـ
وقول: (الله الأكبر) أو (الله العلي) ، لا يجوز ، لأن التكبير لا يجزئ بغير لفظة (الله أكبر) ، ولم ينقل عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يكبر بغير لفظة: (الله أكبر)
الرابع: قراءة شيء من القرآن في الركوع أو السجود.
وهذا منهي عنه ولا يجوز ، جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ألا إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً) رواه مسلم(٤٧٩)
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (نهاني رسول الله عليه الصلاة والسلام أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً) رواه مسلم(٤٨٠)
ورخص بعض العلماء بقراءة الآية في السجود إذا كان من باب الدعاء ، كقول: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).
الخامس: قول: (ربنا ولك الحمد والشكر) عند الرفع من الركوع.
وزيادة (الشكر) لا أصل لها في هذا الموضع ، والسنة عدم ذكرها في الرفع من الركوع.
والثابت في أذكار الرفع من الركوع.
قول: (ربنا لك الحمد) رواه البخاري (٧٣٣) عن أنس.
أو(اللهم ربنا لك الحمد) رواه البخاري(٧٩٦) ومسلم(٩١٢) عن أبي هريرة.
أو(ربنا ولك الحمد) رواه البخاري(٧٣٢) ومسلم(٩٢٠) عن أنس
أو(اللهم ربنا ولك الحمد) رواه البخاري(٧٩٥) عن أبي هريرة.
وإن شاء زاد: (حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه) رواه البخاري(٧٩٩) عن رفاعة بن رافع.
السادس: مد تكبيرات الانتقال من أول الركن إلى الركن الآخر.
كأن يكبر قائماً للركوع ويمد التكبير حتى يطمئن راكعاً ، أو يكبر قائماً للسجود ويمد التكبير حتى يطمئن ساجداً.
وهذا خلاف السنة ، فإن النبي عليه الصلاة والسلام لم يثبت عنه أنه كان يمد التكبير من ركن إلى آخر.
– ومثله: الإتيان بتكبيرات الانتقال في الأركان.
كأن يركع من غير تكبير فإذا اطمئن راكعاً كبر أو يسجد من غير تكبير فإذا اطمئن سجد كبر.
وهذا خلاف السنة ، لأن تكبيرات الانتقال تكون بين الأركان.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: (كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يكبر حين يركع ، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صُلبه من الركعة ثم يقول وهو قائم:ربنا لك الحمد ، ثم يكبر حين يهوي ، ثم يكبر حين يرفع رأسه ، ثم يكبر حين يسجد ، ثم يكبر حين يرفع رأسه ، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها) رواه البخاري(٧٨٩) ومسلم(٣٩٢)
دل قوله: (يكبر حين يهوي ، وحين يسجد ، وحين يرفع) أن تكبير الانتقال يكون بين الأركان.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يُكبر وهو يَهوي)
رواه الترمذي(٢٥٤) وقال: حديث حسن صحيح ، وهو قول أهل العلم من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ومن بعدهم قالوا: يكبر الرجل وهو يهوي للركوع والسجود.اهـ
قال الأسود: (كان عمر رضي الله عنه إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده ، قبل أن يقيم ظهره ، وإذا كبر كبر وهو منحط) رواه ابن أبي شيبة في المصنف(٢٦١٨) بسند صحيح.
السابع: قول: (رب اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين) بين السجدتين.
وهذا لم يرد فيه دليل ، والوارد بين السجدتين قول: (اللهم اغفرلي وارحمني وعافني واهدني وارزقني) رواه أبو داود(٨٥٠) والترمذي(٢٨٤) وابن ماجه(٨٩٨) عن ابن عباس ، وحسنه النووي في الأذكار(١٦٨) والألباني في سنن أبي داود(٨٥٠)
ومن أراد الدعاء لوالديه وللمسلمين فليدع في سجوده ، لما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) رواه مسلم(١٠٨٣)
الثامن: قول: (اللهم صل على سيدنا محمد) في التشهد.
ولفظ (سيدنا) في التشهد لم يرد فيه الدليل ، والوارد بدونها.
التاسع: (الجهر بالتشهد).
والسنة في التشهد الإسرار لا الجهر ، قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (من السنة أن يُخفى التشهد)
رواه أبو داود(٩٨٦) والترمذي(٢٩١) وقال: حديث حسن غريب ، والعمل عليه عند أهل العلم.
وقال الحاكم في المستدرك(٨٧٠): حديي صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وله شاهد صحيح عن عائشة.
وصححه الألباني في سنن أبي داود(٩٨٦)
العاشر: (مد السلام).
والسنة في السلام حذفه من غير مد ، قال أبو هريرة رضي الله عنه: (حذف السلام سنة)
رواه الترمذي(٢٩٧) قال الترمذي: حديث حسن صحيح ، قال عبدالله بن المبارك: يعني أن لا يمد مداً ، وهو الذي استحبه أهل العلم.اهـ
والحديث: رجاله ثقات سوى قرة بن عبدالرحمن مختلف فيه.
وصححه الحاكم في المستدرك(١/٢٣١)
قال لي الشيخ العلامة صالح اللحيدان: مد السلام من التكلف المنهي عنه.
كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر
١٦ جمادى الأول ١٤٣٨هـ