– كلمات في الدعوة إلى الله –
– شرح حديث: (ألا أدُلُكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات)
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (ألا أدُلُكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط)
رواه مسلم(٢٥١)
قوله: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟) هذا إسلوب تشويق ، وجاء في رواية عند ابن ماجه(٤٣٣) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً:(ألا أدلكم على ما يكفر الله به الخطايا ويزيد به في الحسنات؟) صححه ابن خزيمة في الصحيح(٣٥٧) والألباني في سنن ابن ماجه(٤٣٣)
قوله: (ما يمحو الله به الخطايا) يعني ما يكفر الله به السيئات والذنوب ، والمراد بالذنوب الصغائر لا الكبائر ، لأن صغائر الذنوب تمحى بالأعمال الصالحة ، وكبائر الذنوب تمحى بالتوبة الخالصة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مُكفرات لما بينهن إذا اجتُنبت الكبائر) رواه مسلم(٢٣٣)
قوله: (ويرفع به الدرجات) يعني يرفع درجات العبد في الجنة ، (قالوا بلى يا رسول الله) يعني دلنا عليه ، قال: (إسباغ الوضوء على المكاره) يعني إتمام الوضوء من غير إخلال به سواء كان الماء بارداً أو حاراً ، يتم الوضوء على كراهة الماء البارد أو الحار فهذا مما يرفع به الدرجات ويمحو به الخطايا.
(والمكاره) جمع مكره ، وهو ما يكرهه الشخص ويشق عليه.
قال الحافظ ابن رجب في اللطائف(٣٢٨): إسباغ الوضوء في شدة البرد من أعلى خصال الإيمان.اهـ
– تنبيه:
قال العلامة ابن عثيمين في التعليق على صحيح مسلم(٢/٦٧): ولا يراد بهذا الحديث أن يتقصد الإنسان ما يكرهه من الماء المتوضئ به ، بمعنى أن يكون عنده ماء بادر وهو قادر على أن يسخنه ويسبغ الوضوء به فيرفض ذلك ويتقصد الوضوء بالماء البارد ليكون مسبغاً للوضوء على المكاره ، فنقول: هذا غلط.اهـ
– قوله: (وكثرة الخُطا إلى المساجد)
يعني يذهب ماشياً إلى المسجد ويرجع ماشياً ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى الصلاة لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت درجة وحط عنه بها خطيئة)
رواه البخاري(٦٤٧) ومسلم(١٥١٩)
وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:(من راح إلى مسجد الجماعة فخطوة تمحو سيئة وخطوة تكتب له حسنة ذاهباً وراجعاً)
رواه أحمد(٦٥٩٩) وصححه ابن حبان(٢٠٣٩) وأحمد شاكر في المسند(٦٥٩٩)
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا تطهر الرجل ثم مر إلى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتبه بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات)
رواه ابن خزيمة في صحيحه(١٤٩٢) وابن حبان في صحيحه(٢٠٤٣)
صححه الألباني في صحيح الترغيب(٢٩٨)
قال العلامة ابن عثيمين في شرح الرياض(٣/٣٩٢): المجيء إلى المسجد على القدمين أفضل من المجيء على مركوب لأنه يحسب لك أجر الخُطا ، لكن إذا كان الإنسان معذوراً فلا بأس أن يأتي بالسيارة وخطوة السيارة دورة لعجلتها إذا دار عجلها دورة واحدة فهذه خطوة.اهـ
– وقوله: (وانتظار الصلاة بعد الصلاة)
الانتظار نوعان:
الأول: انتظار بالبدن: وهو أن يجلس في المسجد ينتظر الصلاة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (لا يزال أحدُكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسُه) رواه مسلم(٦٤٩)
الثاني: انتظار بالقلب: وهو أن يكون قلبه معلقاً بالصلاة كلما انتهى من صلاة اشتاق للصلاة الأخرى.
عن أبي هريرة رضي الله عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) وذكر(ورجل قلبه معلق بالمساجد) رواه البخاري(١٣٥٧) ومسلم(١٠٣١)
– قوله: (فذلكم الرباط) وفي رواية للترمذي(٥٢): (فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط) ثلاثاً.
الرباط: هو حراسة ثغور المسلمين ، وهو من أفضل الأعمال الصالحة ، فعد النبي عليه الصلاة والسلام المواظبة على إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، كالرباط ، وكرر الرباط ثلاثاً للاهتمام بهذه الأعمال.
وجاء في رواية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إسباغ الوضوء على المكاره وإعمال الأقدام إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، يغسل الخطايا غسلاً)
رواه الحاكم(٤٦٨) وصححه على شرط مسلم.
وصححه الألباني في صحيح الجامع(٩٢٦)
كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر
27 جمادى الأول 1438هـ