– كلمات في الدعوة إلى الله.
– الكلمة/ صفات المنافقين.
أيها الأخوة: إن للمنافق ، النفاق العملي عدة صفات ، بينها لنا نبينا عليه الصلاة والسلام وحذرنا منها ، جاء في الحديث عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (أربع من كُن فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كان فيه خلّة منهن كان فيه خلة من نِفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا واعد أخلف وإذا خاصم فجر)
رواه البخاري(٣٤) ومسلم(٥٨) واللفظ له.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان)
رواه البخاري(٣٣) ومسلم(٥٩)
وفي لفظ لمسلم(٥٩) (آية المنافق ثلاث وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم).
– هذه خمس صفات من صفات المنافقين:
– الصفة الأولى: إذا حدث كذب.
الكذب ضد الصدق هو خلاف الحقيقة.
وهو محرم ، قال تعالى: (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) ، وقال تعالى: (قُتل الخرّاصون) أي لُعن الكذابون.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: (إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً)
رواه البخاري(٦٠٩٤) ومسلم(٢٦٠٦)
وقال عمر رضي الله عنه: ( ألا وإن الكذب والفجور في النار)
رواه ابن حبان في روضة العقلاء(١٢٤)
– والكذب محرم مطلقاً ، سواء كان جاداً أو هازلاً.
عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (ويل للذي يُحدث بالحديث ليُضحك به القوم فيَكذب ويل له ويل له)
رواه الترمذي(٢٣١٥) وحسنه
وحسنه الألباني في صحيح الجامع(٧١٣٦)
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (لا يصلح الكذب في هزل ولا جد)
رواه ابن أبي الدنيا في ذم الكذب(٧٩)
– والكذب نوعان:
الأول: كذب على النبي عليه الصلاة والسلام.
وهذا من كبائر الذنوب ، لما جاء عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن كذباً عليّ ليس ككذب على غيري من كذب علي عامداً فليتبوأ مقعده من النار)
رواه البخاري(١٢٩١) ومسلم(٤) وهو حديث متواتر.
قال الحافظ الذهبي في الكبائر(٧٢): الكبيرة التاسعة: الكذب على النبي عليه الصلاة والسلام ، قد ذهب طائفة من العلماء إلى أن الكذب على رسول الله عليه الصلاة والسلام كفر ينقل عن الملة
ولا ريب أن تعمد الكذب على الله ورسوله في تحليل حرام أو تحريم حلال ، كفر محض.اهـ
الثاني: الكذب في حديث الناس ، وهذا نوعان:
أولهما: كذب قليل ، وهذا محرم وهو من صغائر الذنوب.
ثانيهما: كذب كثير ، وهذا محرم وهو من كبائر الذنوب.
قال الحافظ الذهبي في الكبائر(١١٥): الكبيرة الرابعة والعشرون: الكذّاب في غالب أقواله.اهـ
– الصفة الثانية: إذا عاهد غدر.
الغادر هو الذي يعاهد الناس ولا يفي بعهده ، أو خيانة الإنسان في موضع الاستئمان ، وهذا محرم ، ولا يجوز ، قال تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً)
وقال تعالى: (يـٰأيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود)
أي: أوفوا بالعهد الذي تعاهدون عليه الناس ، وأوفوا بالعقود التي تعاملون بها الناس ، فإن العهد والعقد كل منهما يسأل صاحبه عنه يوم القيامة ، والعقود معاهدة وإن سمي العقد عقداً فهو عهد.
– والواجب على المسلم أن يفي بعهده سواء كان
العهد لمسلم ، أو كان العهد لكافر.
ولا يجوز الغدر سواء كان الغدر بمسلم أوالغدر بكافر لأن الغدر ليس من أخلاق المؤمنين ، قال الله تعالى في وصف عباده المؤمنين: (والذين همـ لأمـٰنـٰتهمـ وعهدهمـ رٰعون)
وعدم الوفاء بالعهد من صفات المنافقين: قال النبي عليه الصلاة والسلام في وصف المنافقين: (وإذا عاهد غدر)
وقد وردت أحاديث عدة تدل على أن الغدر من كبائر الذنوب.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لكل غادر لواء عند استِه يوم القيامة يُرفع له بقدر غدره ، ألا ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامة)
رواه مسلم(١٧٣٨)
يعني أن أعظم الغدر من غدر بأميره ، وقد نص الحافظ الذهبي في الكبائر(١٥١) أن الغادر بأميره من الكبائر.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمُهُم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر…)الحديث ، رواه البخاري(٤/٣٤٦) يعني أعطاهم العهد وغدر بهم.
قال العلامة ابن عثيمين في التعليق على مسلم(١/٢٣٠) وفي شرح الرياض(٤/٢٨١): الغدر من كبائر الذنوب.اهـ
– الصفة الثالثة: إذا وعد أخلف.
وخِلف الوعد محرم إذا تعمد ذلك ، قال الحافظ الذهبي في الكبائر(٢٢٢): خِلف الوعد ، يحتمل أنه من الكبائر.اهـ
والمنافق كلما وعد إنساناً أخلف وعده.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح(١/١١٢): خلف الوعد لا يقدح إلا إذا كان العزم عليه مقارناً للوعد ، أما إذا كان عازماً ثم عرض له مانع أو بدا له رأي فهذا لم توجد منه صورة النفاق.اهـ
– وُسن للمرء إذا وعد شخصاً على أمر في المستقبل ، أن يعلق الوعد بالمشيئة ، بقوله: (إن شاء الله) ، قال تعالى: (ولا تقولن لشاىء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله) وإذا نسى الاستثناء يستثني عند ذكره له ، لقوله تعالى: (وأذكر ربك إذا نسيت) قال المفسرون: معناه: إذا نسيت الاستثناء فاستثن عند ذكرك له.
– الصفة الرابعة: إذا خاصم فجر.
الفجور في اللغة: هو الميل عن القصد ، ومعنى (إذا خاصم فجر) أي مال عن الحق وقال الباطل والكذب.
والفجور في الخصومة أنواع منها:
١- الكذب والبهت وقول الزور على المخاصم.
٢- هجر المخاصم فوق ثلاث أيام على أمر دنيوي.
٣- تحريش الناس على المخاصم.
٤- الاعتداء على المخاصم بالضرب كلما وجده.
الصفة الخامسة من صفات المنافق: (إذا أؤتمن خان).
حفظ الأمانة علامة من علامات أهل الإيمان ، وضياع الأمانة علامة من علامات أهل النفاق ،
قال تعالى في وصف عباده المؤمنين: (والذين همـ لأمـٰنـٰتهمـ وعهدهمـ رٰعون)
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام:( لا إيمان لمن لا أمانة له) رواه أحمد(١٢٣٢٥) وصححه ابن حبان(١٩٤)
و قوى سنده الذهبي كما في فيض القدير(٦/٣٨١)
وحسنه الهيثمي في المجمع(١/٩٦)
وصححه الألباني في صحيح الجامع(٧١٧٩)
قال العلامة ابن بدران في شرح الشهاب(١٩٤): قوله:(لا إيمان لمن لا أمانة له) معناه: أن المؤمن من آمنه الناس على أنفسهم وأموالهم فمن خانهم لم يكن كامل الإيمان.اهـ
أيها الأخوة: إن الله عزوجل نهانا عن ضياع الأمانة
قال تعالى: (لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)
وهذا نهي ، والنهي للتحريم ، وقد نص بعض أهل العلم أن خيانة الأمانة كبيرة من كبائر الذنوب ، قال الحافظ الذهبي في الكبائر(١٣٤): الكبيرة الرابعة والثلاثون: الخيانة.اهـ
فالواجب على المسلم أن يحافظ على الأمانة سواء كانت أمانة في القول أو أمانة في الفعل.
– أيها الأخوة: هذه صفات المنافقين ، التي نهانا عنها نبينا عليه الصلاة والسلام ،
فمن كانت فيه خصلة من هذه الخصال ، أو كانت هذه الخصال غالبة عليه ، وكثيرة عنده ، فعليه بالتوبة والاستغفار ، وتجنب هذه الخصال الذميمة.
كتبه/
بدر بن محمد بن بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر
5 جمادى الثاني 1438هـ