@كلمات في الدعوة إلى الله – تفسير قوله تعالى: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) @

كلمات في الدعوة إلى الله.

-الكلمة/ تفسير قوله تعالى: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان)-

أيها الأخوة: قال الله سبحانه تعالى في سورة النور: (يـٰأيها الذين ءامنوا لا تتبعوا خُطُوٰت الشيطـٰن ومن يتبع خُطُوٰت الشيطـٰن فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر)
قوله(يـٰأيها الذين ءامنوا) هذا خطاب لأهل الإيمان ، روي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (إذا سمعت قول الحق “يا أيها الذين ءامنوا” فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره كما في تفسير ابن كثير(١/١٨٠)

وقوله(لا تتبعوا خطوات الشيطان) هذا نهي ، ينهى ربُنا سبحانه وتعالى عباده المؤمنين أن يتبعوا خطوات الشيطان ، وخطوات الشيطان هي طرائقه ومسالكه وما يأمر به من شر.
وخطواته كثيرة ، قال قتادة رحمه الله: (كل معصية فهي من خطوات الشيطان) ذكره ابن كثير في تفسيره(١٣٢٢)

فالمعاصي بشتى أنواعها سواء كانت معاصي قلبية أو معاصي قولية أو معاصي فعلية ، فهي من خطوات الشيطان ، فخطواته كثيرة لا يمكن حصرها ، إذ كل شر يقع به العباد ، سببه الشيطان نعوذ بالله من شره ، فالشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر ، كما قال تعالى: (ومن يتبع خُطُوٰت الشيطـٰن فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر).
(الفحشاء) كل ما تستفحشه العقول والشرائع من الذنوب العظيمة.
(والمنكر) كل ما تنكره العقول ولا تعرفه.

-أيها الأخوة: اعلموا رحمكم الله أن من خطوات الشيطان: أن يوقع العبد في الشرك.
والشرك: هو جعل شريك لله تعالى في ربوبيته وإلهيته.
وهو نوعان:
الأول: الشرك الأكبر: وهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله. كدعاء غير الله ، والذبح لغير الله والطواف حول القبور.
وهذا يُحبط العمل ، ويُخلد فاعله في النار إذا مات عليه ، ومن مات عليه فلن يُغفر له ، والجنة عليه حرام.

والثاني: الشرك الأصغر: وهو كل ذنب سماه الشارع شركاً ولم يبلغ مرتبة عبادة غير الله.
كيسير الرياء والحلف بغير الله لا على وجه التعظيم وقول: (ما شاء الله وشاء فلان)
وهذا لا يُحبط العمل ، ولا يخلد صاحبه في النار ، ولا يحرم عليه الجنة.

ومن خطواته: أن يوقع العبد في البدع.
والبدع جمع بدعة ، وهي الإحداث في الدين ، فكل ما ليس له أصل في كتاب الله ولا سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام من العبادات والاعتقادات فهو من البدع.

والبدع نوعان:
١- بدع مكفرة: وهي التي يكفر فاعلها.
كبدعة نفي الصفات ، والقول بخلق القرآن ، والقول بأن القرآن ناقص أو مُحرّف ، وغير ذلك من البدع المكفرة.

٢- بدع مفسقة: وهي التي يفسق فاعلها.
كبدعة المولد وأعياد الميلاد والذكر الجماعي وغير ذلك من البدع المفسقة.

ومن خطواته: أن يوقع العبد في المعاصي.
والمعاصي: هي الذنوب.
والذنوب نوعان:
الأول: كبائر.
والكبائر جمع كبيرة وهي: كل ذنب فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة أو لعن.
قال ابن عباس رضي الله عنه: (الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو لعنه أو غضب أو عذاب) رواه ابن جرير في تفسيره(٥/٤١)

والكبائر كثيرة ، وبعضها أعظم من بعض.
قال طاووس: قيل لابن عباس رضي الله عنه: (الكبائر سبع؟ قال هي إلى السبعين أقرب)
رواه ابن جرير في تفسيره(٥/٤١) وصححه ابن مفلح في الآداب الشرعية.

والثاني: صغائر.
والصغائر جمع صغيرة وهي: كل ذنب ليس فيه حد في الدنيا ولا وعيد في الآخرة.

فإذا داوم العبد على صغائر الذنوب وأصر عليها أصبحت كبائر لا صغائر.
قال ابن عباس رضي الله عنه: (لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار)
رواه ابن جرير في تفسيره(٥/٤١) وصححه ابن مفلح في الآداب الشرعية.

-أيها الأخوة: إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً ، كما قال ربنا سبحانه تعالى: (إن الشيطـٰن لكمـ عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعوا حزبه ليكونوا من أصحـٰب السعير)
فلا يغويك عدوك يا عبدالله فتعصي ربك عزوجل ، بل الواجب عليك أن تجتنب خطوات الشيطان وتبتعد عنها ، وإذا وسوس لك الشيطان بفعل معصية من المعاصي ، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال تعالى: (وإما ينزغنك من الشيطـٰن نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم)
فإذا أوقعك في المعصية فبادر بالتوبة والإنابة ، قال تعالى: (وإني لغفار لمن تاب وأناب ثم اهتدى)

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الرب: وعزتي وجلالي لا أزالُ أغفرْ لهم ما استغفروني)
رواه أحمد(١١١٧٨)
والحاكم(٤/٢٦١) وقال: صحيح الإسناد ، وسكت عليه الذهبي في التلخيص(٤/٢٦١)
قال الهيثمي في المجمع(١٠/٢٠٧): رواه أحمد وأبو يعلى ، وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح ، وكذلك أحد إسنادي أبي يعلى.اهـ
وحسنه الألباني في الجامع(١٦٥٠)

-كتبه/
بدر محمد العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر

3 شعبان 1438هـ