كلمات في الدعوة إلى الله.
-فضل العشر الأواخر من رمضان.
أيها الأخوة: ها هي العشر الأواخر من رمضان قد دخلت ، وهذه العشر هي أفضل أيام الشهر ، ولها عدة خصائص:
١- من خصائصها: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يجتهد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها من أيام الشهر.
قالت عائشة رضي الله عنها: (كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله)
رواه البخاري(٢٠٢٤) ومسلم(٢٧٨٧)
وفي رواية لابن حبان في صحيحه(٣٤٢٧)(إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أيقظ أهله وشد المئزر وأحيا ليله)
-معنى (شد مئزره) قيل: معناه اعتزاله للنساء ، وقيل: معناه شدة جده واجتهاده في العبادة.
والتحقيق: أنه اجتهد في العبادة ، واعتزل النساء.
-ومعنى(أحيا ليله) يحتمل أنه أحيا الليل كله بالعبادة ، ويحتمل أنه أحيا غالب الليل لا كله.
-ومعنى(وأيقظ أهله) يعني أيقظهم لصلاة الليل لأن ليالي العشر ليالي فاضلة وفيها ليلة مباركة.
-فينبغي للمسلم إذا دخلت العشر الأواخر أن يتهجد في لياليها ، ويجتهد في العبادة ، كما كان نبينا عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك.
عن الأسود بن يزيد قال: قالت عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره)
رواه مسلم(١١٧٥)
قال الحافظ النووي في شرح مسلم(١/٧٢٩): في هذا الحديث أنه يستحب أن يزاد من العبادات في العشر الأواخر من رمضان ، واستحباب إحياء لياليه بالعبادات.اهـ
٢-ومن خصائص العشر: أن فيها ليلة القدر.
وسميت بـ (ليلة القدر) لعظم قدرها وشرفها ، وقيل: لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة من خير ومصيبة ورزق وبركة.
وهي ليلة شريفة مباركة من ليالي العشر الأواخر من رمضان ، عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (تَحَينوا ليلة القدر في العشر الأواخر)رواه مسلم(١١٦٥)
وهي ليلة متنقلة في العشر الأواخر من رمضان ، وأرجاها في أوتار العشر الأواخر ، لحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (أرى رُؤيَاكم في العشر الأواخر فاطلُبُوها في الوتر منها)
رواه البخاري(٦٩٩١) ومسلم(١١٦٥)
قال الإمام أحمد كما في المغني(٤/٤٤٩): هي في العشر الأواخر وفي وتر من الليالي لا يُخطي إن شاء الله كذا روي عن النبي عليه الصلاة والسلام).اهـ
وقال الإمام الترمذي في جامعه(٧٩٢): أكثر الروايات عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر).اهـ
-قال بعض أهل العلم: أبهم الله تعالى هذه الليلة على الأمة ليجتهدوا في طلبها ويجدوا في العبادة في الشهر كلِّه طمعاً في إدراكها ، كما أخفى الله ساعة الإجابة في يوم الجمعة ليُكثروا من الدعاء في اليوم كلِّه.اهـ
وهذه الليلة لها فضائل كثيرة منها:
١-أن من قامها إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)
رواه البخاري(١٩٠١) ومسلم(٧٦٠)
٢-ومن فضائل ليلة القدر: أن العبادة في ليلة القدر ، خير من عبادة ألف ليلة ليس فيها ليلة قدر.
قال تعالى: (ليلة القدر خير من ألف شهر)
قال ابن قدامة في المغني(٤/٤٤٧): معنى(ليلة القدر خير من ألف شهر) أن العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة قدر.اهـ
٣-ومن فضائل ليلة القدر: استحباب الدعاء فيها ، وهو مظنة إجابة.
كما جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ، ليلة القدر ماذا أقول؟ قال: (قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)
رواه أحمد(٢٦٢٠٦) والترمذي(٣٥١٣)وصححه وابن ماجه(٣٩١٨)وصححه الألباني في سنن ابن ماجه(٣٩١٨)
٣-ومن خصائص العشر: أن فيها سنة الاعتكاف.
والاعتكاف: هو لزوم المسجد لطاعة الله ، وأجمع أهل العلم على مشروعيته وأنه مستحب وليس بواجب ، وعلى أنه متأكد في العشر الآواخر من رمضان.
قالت عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى ، ثم اعتكف أزواجه من بعده) رواه البخاري(٢٠٢٦) ومسلم(١١٧٢)
وعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان)
رواه البخاري(٢٠٢٥) ومسلم(١١٧١)
-ويبدأ وقت الاعتكاف صبيحة يوم إحدى وعشرين في أصح قولي العلماء ، وينتهي بمغيب شمس آخر يوم من رمضان.
وأقله يوم أو ليلة ، وأكثره اعتكاف عشرة أيام.
ويستحب للمعتكف أن يشتغل بما ينفعه من صلاة وذكر الله وتلاوة القرآن وغير ذلك من القُربات.
ويجتنب ما لا ينفعه من الأقوال والأفعال فيجتنب الغيبة والنميمة والكذب والجدال والمِراء والفُحش وغير ذلك من المحرمات.
ولا يخرج من معتكفه إلا لأمر لابد له منه.
-كتبه:
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر
٢١ رمضان ١٤٣٨هـ