-كلمات في الدعوة إلى الله:
-الكلمة/ نار جهنم.
عباد الله: إن نار جهنم أعاذنا الله منها ، بلغت من الحر مبلغاً عظيماً ، قال تعالى في بيان حرها ، (هذه جهنمـ التى يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميمـ ءانٍ)
قال ابن عباس رضي الله عنه: (يطوفون بينها وبين حميم ءان) قال: (الآني ما اشتد غليانُه ونضجُه) رواه ابن جرير في تفسيره(٢٢/٢٣٣)
فجهنم بلغت من الحر أشده ومنتهاه ، ومن شدة حرها وشدة زمهريرها ، اشتكت لربها عزوجل أن بعضها أكل بعضاً ، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضاً فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ، ونفس في الصيف ، فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير)
رواه البخاري(٥٣٧) ومسلم(٦١٧)
وفي رواية لابن حبان في صحيحه(٧٤٢٣): (فجعل لها في كل عام نفسين في الشتاء والصيف).
-وهذا الحديث على ظاهره فإن الله عزوجل أنطق النار ، أنطقها وهو الذي أنطق كل شيء ، أنطقها واشتكت له أن بعضها أكل بعض ، بسبب شدة حرها ، فجعل لها ما تتنفس به ، متنفس في الصيف وآخر في الشتاء ، فأشد ما نجد من الحرارة في الصيف فهذا من فَيح جهنم ، ونار جهنم أعاذنا الله منها ، نار عظيمة ، وهي مخلوقة موجودة لا تفنى أبداً ، يعذب الله عزوجل بها مَن تمرد وعصاه ، وأعرض عن الذكر واتبع هواه.
وجعل الله عزوجل في هذه الدنيا ذكرى تذكر العباد في نار جهنم وحرها وسمومها ، كي يطاع الله ولا يعصى.
-فمن الأشياء التي تذكر العبد بنار جهنم: نار الدنيا.
فإن نار الدنيا ، تذكر بنار الآخرة ، وهي جزء من سبعين جزء من نار جهنم.
جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من حر جهنم)
رواه البخاري(٣٢٦٥) ومسلم(٢٨٤٣)واللفظ
ورواية للترمذي(٢٥٩٠) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: (نارُكم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم ، لكل جزء منها حرها) قال الترمذي: حسن غريب.
وكان من السلف من إذا رأى نار الدنيا خاف وتغير حاله وتذكر جهنم ومنعه خوف جهنم من النوم ، وبعضهم منعه خوف جهنم من كثرة الضحك ، وبعضهم منعه خوف جهنم من لذة الدنيا.
فنار الدنيا تذكر بنار الآخرة.
قال تعالى: (أفرءيتمـ النار التى تُورون ءأنتمـ أنشأتُم شجرتها أم نحن المنشـئـون نحن جعلناها تذكرة) أي جعلنا نار الدنيا تَذكرة ، تُذكر العباد بنار الآخرة.
قال مجاهد رحمه الله في قوله(نحن جعلناها تذكرة) أي تذكرة للنار الكبرى التي في الآخرة) رواه الطبري في تفسيره(٢٢/٣٥٦)
قال الحافظ ابن رجب في التخويف من النار(٢٦): وكان كثير من الصالحين يذكر النار وأنواع عذابها برؤية ما يشبهه بها في الدنيا ، أو يذكره بها كرؤية البحر وأمواجه ، والرؤوس المشوية ، وبكاء الأطفال وفي الحر والبرد.اهـ
-ومن الأشياء التي تذكر بنار الآخرة: شدة حر الدنيا.
فإن شدة الحر وشدة السموم يذكران بنار جهنم.
قال تعالى: (وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنمـ أشد حراً لو كانوا يفقهون)
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره(٤/١٣١):قال الله تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام (قل) لهم (نار جهنم) التي تصيرون إليها بسبب مخالفتكم (أشد حراً) مما فررتم منه من الحر بل أشد حراً من النار.اهـ
وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحر من فَيح جهنم) رواه البخاري(٥٣٦)ومسلم(٦١٥)
وفيح جهنم هو حرها وغليانها.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (وشدة ما تجدون من الحر من سمومها)يعني سموم جهنم
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه(٣٤١٢٦) رجاله ثقات.
-ومن الأشياء التي تذكر بنار الآخرة: شدة حرارة الماء.
فإن الماء الحار الذي لا يستطيع الناس استعماله بسبب شدة حره ، يذكر العبد بماء جهنم وهو الحميم ، قال الله تعالى(هذا فليذوقوه حميم وغساق)
قال الطبري في تفسيره(٢١/٢٢٥): الحميم هو الذي قد أغلى حتى انتهى حره.اهـ
-أيها الأخوة: يجب على كل إنسان أن يجعل له وقاية تقيه من نار جهنم ،
قال تعالى: (يـٰأيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة)
وقال تعالى: (فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين)
والوقاية من نار جهنم تكون بأمرين اثنين:
الأول: بالإيمان بالله عزوجل ، عن عتبان رضي الله عنه مرفوعاً: (فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)
رواه البخاري(٤٢٥)ومسلم(٣٣)
والثاني: العمل الصالح ،
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (اتقوا النار ولو بشق تمرة ، فمن لم يجد فبكلمة طيبة)رواه البخاري(٦٥٤٠) ومسلم(١٠١٦)
وعن أبي بكر بن عمارة بن رؤيبة عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لن يلج النارَ أَحدٌ صلى قبلَ طُلُوع الشمس وقبل غُروبها ، يعنى الفجر والعصر ) رواه مسلم (٦٣٤)
-كتبه/
بدر محمد البدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد
١٩ شوال ١٤٣٨هـ