كلمات في الدعوة إلى الله

-كلمات في الدعوة إلى الله:

-الكلمة/ الأشهر الحرُم وفضلها.

عباد الله: إن الله عزوجل خلق الأزمنة والأمكنة ، وفضل بعضها على بعض ، ومن الأزمنة التي فضلها الله عزوجل على غيرها ، الأشهر الحرم ،
والحُرم جمع حرام ، وهي التي يحرم فيها ما لا يحرم في غيرها.
قال تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشَرَ شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حُرم).
والأربع الحرم هي: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب.
جاء في الحديث عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ، ورجب)
رواه البخاري(٥٢٣٠)

-والأشهر الحرم خصها الله عزوجل بخصائص.
فمن خصائصها: أن الله عزوجل عظَّم حرمتها وجعل المعصية فيها أعظم من غيرها.
قال تعالى عن الأشهر الحرم: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم).

قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) قال: في كل الأشهر ، ثم خص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حُرُماً ، وعظَّم حرماتهن ، وجعل الذنب فيهن أعظم ، والعمل الصالح والأجر أعظم) رواه الطبري في تفسيره(١٦٦٩٦)

وقال قتادة بن دعامة رحمه الله: (الظلم في الأشهر الحرم ، أعظم خطيئة ووزراً ، من الظلم فيما سواها ، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً ، ولكنَّ الله يُعظم من أمره ما شاء) رواه الطبري في تفسيره(١٦٦٩٨)

قال بعض أهل العلم: إن المعاصي تضاعف في هذه الأشهر الحرم ، لقوله(فلا تظلموا فيهن أنفسكم).
كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف ، لقوله تعالى عن البيت الحرام: (ومَن يُرِد فيه بِإِلْحَادٍ بظلم نُذقه من عذاب أليم).
والتحقيق: أن الذنب في الأشهر الحرم أعظم ، من الذنب في غيرها ، وأما تضاعفه ففيه نظر لعدم ورود الدليل الصحيح الدال على تضاعف السيئات في هذه الأشهر.

-ومن خصائصها: أن بعض الأعمال الصالحة في هذه الأشهر لها فضيلة ومنزلة عند الله عزوجل.
منها: العشر الأول من ذي الحجة. جاء في فضلها ما صح عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر)رواه البخاري(٩٦٩) وأبو داود(٢٤٣٨)والترمذي(٧٥٧)

ومنها: صيام شهر محرم.
لما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان ، شهر الله الذي تدعونه المحرم) رواه مسلم(١١٦٣).

-وقال بعض أهل العلم: إن الأعمال الصالحة تتضاعف في الأشهر الحرم.
وفي ما قالوه نظر ، فإنه لم يرد في حديث صحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يدل على تضاعف الأعمال الصالحة في الأشهر الحرم ، وإنما ورد فضل بعض الأعمال فيها لا كلها ، ولم يَرد تضاعف الأعمال الصالحة لا في بعضها ولا كلها.

ومن خصائصها: أنه يحرم القتال فيها.
قال تعالى(فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم).
أي إذا انقضت الأشهر الحرم التي يَحرم فيها القتال ، فقاتلوا المشركين.
وكانت العرب في الجاهلية يُحرمون القتال في الأشهر الحرم ، حتى لو لقي الرجل عدوه لم يقاتله ، لأن هذه الأشهر يسير فيها الناس إلى الحج ، فحرم فيها القتال.
وقال بعض أهل العلم: يجوز القتال في الأشهر الحرم ، لقوله تعالى: (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير).

-عباد الله: على المرء أن يُطيع الله عزوجل ويمتثل أوامره ، ولا يعصي الله عزوجل ويرتكب نواهيه ، في هذه الأشهر الحرم ، وفي غيرها من أشهر السنة ، وفي الأشهر الحرم آكد ، لقوله تعالى(فلا تظلموا فيهن أنفسكم)
قال العلامة ابن عثيمين في الضياء اللامع(٩/٧٠٤): وإنكم اليوم تستقبلون الأشهر الحرم الثلاثة فلا تظلموا فيهن أنفسكم ، التزموا حدود الله تعالى ، أقيموا فرائض الله ، واجتنبوا محارمه ، أدوا الحقوق فيما بينكم وبين ربكم، وفيما بينكم وبين عباده.اهـ

كتبه/
بدر محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد

٤ ذو القعدة ١٤٣٨هـ