– مباحث في علم مصطلح الحديث –
– الحديث المرفوع –
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:
– المرفوع لغة: الرفع ضد الوضع.
اصطلاحاً: ما أُضيف إلى النبي عليه الصلاة من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.
– سبب تسميته بالمرفوع:
سمي المرفوع مرفوعاً لارتفاع نسبته بإضافته إلى المقام الرفيع للنبي عليه الصلاة والسلام.
– لطيفة:
قال ابن الصلاح في المقدمة(٤١): قال الخطيب المرفوع ما أخبر فيه الصحابي عن قول النبي عليه الصلاة والسلام وفعله؛ فخصه بالصحابة فيخرج بذلك المرسل.اهـ
– وقال ابن كثير في اختصار علوم الحديث(٥٤):
المرفوع هو ما أضيف إلى النبي عليه الصلاة والسلام قولاً أو فعلاً عنه وسواء كان متصلاً أو منقطعاً أو مرسلاً .اهـ
– به قال ابن حجر في النكت(١/٣٣٨)
– والسخاوي في فتح المغيث(١/١٧٨)
وقولهم أرجح من قول الخطيب لأن المراد بالمرفوع هو نسبة المتن إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام سواء نسبه صحابي أو تابعي.
– نوعا الحديث المرفوع:
ينقسم الحديث المرفوع إلى قسمين:
النوع الأول: مرفوع صريح:
وهو ما أضيف للنبي عليه الصلاة والسلام من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.
مثال القول: عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول(إنما الأعمال بالنيات)متفق عليه
ومثال الفعل: قال ابن مسعود رضي الله عنه(لقد رأيت النبي عليه الصلاة والسلام كثيراً ينصرف عن يساره)متفق عليه
ومثال التقرير: قال ابن عباس رضي الله عنه أقبلت راكباً على أتان ورسول الله يصلي بمنى إلى غير جدار فمررت بين يدي الصف فلم ينكر ذلك علي)متفق عليه
ومثال الصفة: قال أنس رضي الله عنه(ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف النبي عليه الصلاة والسلام)متفق عليه.
النوع الثاني: مرفوع حكمي:
هو ما كان له حكم الرفع.
كقول الصحابي: السنة كذا أو أُحل لنا كذا أو حُرم علينا كذا أو نُهينا عن كذا أو أُمرنا بكذا
أو كنا نفعل كذا
أو يقول الصحابي قولاً لا مجال للرأي فيه ولم يُعرف بالأخذ عن أهل الكتاب،
أو يقول نزلت هذه الآية في كذا.
فهذا كله من المرفوع الحكمي.
قال أبو عمرو الداني في علم الحديث(١٦):
وإذا قال الصحابي كنا نفعل كذا وكنا نُؤمر بكذا وأُمرنا أن نفعل كذا ونُهينا عن كذا ومن السنة كذا ومن الفطرة كذا وكنا نقول ورسول الله عليه الصلاة والسلام فينا كذا وكنا لا نرى بأساً بكذا وكان يقال كذا وكذا وشبه هذا إذا قاله الصحابي المشهور بالصحبة فهو حديث مسند متصل وجميع ذلك مُخرّج في المسانيد وإن لم يذكر الصحابي في شيء من ذلك النبي عليه الصلاة والسلام.اهـ
وقال أيضاً(٢٢): وقد يحكي الصحابي قولاً لا يضيفه إلى النبي عليه الصلاة والسلام فلا يسميه بل يوقفه على نفسه فيُخرجه أهل الحديث في المسند المتصل بالنبي عليه الصلاة والسلام لامتناع ذلك من أن يكون الصحابي يقوله رأياً دون التوقيف من النبي عليه الصلاة والسلام.اهـ
وقال أيضاً(٣١): الصحابي المشاهد للوحي والتنزيل إذا أخبر عن آية من القرآن أنها نزلت في كذا وكذا فهذا حديث مسند.اهـ
وقال ابن حجر في النزهة(١٤٣): وقد يقتصرون-أي التابعين-على القول مع حذف القائل ويريدون به النبي عليه الصلاة والسلام كقول الأعرج عن أبي هريرة قال:قال(تقاتلون قوماً…)الحديث.اهـ
– فائدة:
قول التابعي عن الصحابي(يرفع الحديث أو ينميه أو يبلغ به أو رواية) كل هذه الألفاظ كناية عن رفع الصحابي الحديث وروايته عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يختلف أهل العلم أن الحكم في هذه الأخبار وفيما صرح برفعه سواء في وجوب القبول والتزام العمل.
قاله الخطيب في الكفاية(٤١٥)
– فائدة أخرى:
المرفوع الصريح يقدم على المرفوع الحكمي حيث يتعارضان ولا يمكن الجمع بينهما.
قال الحازمي في الإعتبار(٢٨)-من وجوه الترجيح بين الأحاديث المتعارضة- أن يكون أحد الحديثين منسوباً إلى النبي عليه الصلاة والسلام نصاً وقولاً والآخر ينسب إليه استدلالاً واجتهاداً فيكون الأول مُرجحاً.اهـ
كتبه
بدر محمد البدر
التعليقات معطلة.