@ الرد الحادي والعشرون / على المعتزلي عدنان إبراهيم @

الرد الحادي والعشرون / على المعتزلي عدنان إبراهيم في دعوى كراماته

 

 

قال المعتزلي عدنان إبراهيم: بأنه حصلت له كرامات كثيرة جداً منها سماعه لكلام الجن وطلبهم منه أن يدعو لهم ، ووضع يده على سلك فاشتغل الكهرباء ، ويقول بأن زوجته تبكي من كثر كراماته !!

وقال: ومن كراماتي أن أحد الأصدقاء ضاعت له ورقة ، قلت له إن الورقة تجدها في تفسير ابن كثير الجزء كذا في صفحة كذا ، فوجد الورقة.

وقال: ومن كراماتي أنه جاءتني رسالة باللغة الألمانية لا أعلم هل هي من الله أو من غيره مكتوب فيها ( مال عدنان حلال)

وقال أيضاً: الناس ينكرون كرامات عدنان إبراهيم ولا ينكرون كرامات ابن تيمية).

 

 

ولا يشك عاقل ما في كلام هذا الرجل من مفاخرة وعُجب وغلو ودجل وتلبيس، وهذه الخرافات التي يدعيها عدنان إبراهيم ، أشبه بالخرافات التي ذكرها الصوفي يوسف النبهاني في كتابه ( جامع كرامات الأولياء ) وادعى انها حصلت لبعض المتصوفة.

 

ويجاب على خرافاته بما يلي:

 

أولاً: ما هي الكرامات:

الكرامات لغة: جمع كرامة ، وهي النعمة الخاصة

قال تعالى( فأما الإنسـٰن إذا ما ابتلىـٰه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن)

واصطلاحاً: هي أمر خارق للعادة يجريه الله على يد ولي من أوليائه.

 

والولي: هو المؤمن التقي

قال تعالى( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهمـ ولا هم يحزنون الذين ءامنوا وكانوا يتقون)

 

قال شيخ الإسلام في الفتاوى(٢/٢٢٤): من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً.اهـ

 

والكرامة ليست ميزان الولاية ، بل الميزان أن تكون الكرامة جرت على يد مؤمن تقي.

ولهذا قال بعض السلف: (لو رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تنظروا وقوفه عند الأمر والنهي أو حتى يعرضوا أمره على الكتاب والسنة).

 

والولاية تكون بالإيمان والتقوى.

قال العلامة ابن عثيمين في شرح الواسطية(٤٩٠): ليست الولاية بالدعوى والتمني ، الولاية إنما هي بالإيمان والتقوى ، فلو رأينا رجلاً يقول: إنه ولي ، ولكنه غير متقٍ لله تعالى فقوله مردود عليه.اهـ

وقال أيضاً(٤٩١): وقد كثرت هذه الكرامات التي تُدعى أنها كرامات في هؤلاء المشعوذين الذين يصدون عن سبيل الحق فالواجب الحذر منهم ومن تلاعبهم بعقول الناس وأفكارهم.اهـ

 

 

 

فأهل الكرامة هم أهل الاستقامة الذين فعلوا المأمور وتركوا المحظور وصبروا على المقدور ، ومن لم يكن من أهل الاستقامة فليس له كرامة إنما هي من الأمور الشيطانية ، فليست الكرامة لمن يرد النصوص الشرعية ويقدم عقله على النقل ويرد اجماع الأمة وينكر نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان وينكر خروج المهدي وينكر خروج الدجال في آخر الزمان ويسب الصحابة ويطعن فيهم وغير ذلك من الطوام ، التي لا تصدر من أولياء الله تعالى.

 

قال العلامة ابن باز في شرح الواسطية(١٢١):

والمقصود أن الشيء الخارق للعادة ، إن كان صاحبه متقياً لله معروفاً بالخير فهي كرامة وهم يتبعون في هذا الكتاب والسنة ، وإن كان بخلاف ذلك فهي من مخاريق السحرة والشياطين.اهـ

 

وقال العلامة الفوزان في شرح الطحاوية(٤٩٤):

ضابط الكرامة ننظر إلى عمله ، فإن كان موافقاً للإسلام ، فما يجري على يده كرامة ، وإلا فهو من خدمة الشيطان ، والفرق بين الكرامة والعمل الشيطاني هو الإيمان والعمل الصالح.اهـ

 

 

– علامات أولياء الله وأولياء الشيطان:

 

قال شيخ الإسلام في كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (٩):

أولياء الله هم: الذين آمنوا به ووالوه فأحبوا ما يحب وأبغضوا ما يبغض ورضوا بما يرضى وسخطوا بما يسخط وأمروا بما يأمر ونهوا عما ينهى وأعطوا لمن يُحب أن يعطى ومنعوا من يُحب أن يمنع.

وقال أيضاً (٦٢):

أولياء الشيطان هم: الذي باشروا النجاسات والخبائث التي يُحبها الشيطان أو يأوى إلى الحمامات والحشوش التي تحضرها الشياطين أو يأكل الحيات والعقارب أو يشرب البول ونحوه من النجاسات التي يُحبها الشيطان أو يدعو غير الله فيستغيث بالمخلوقات ويتوجه إليها أو يسجد إلى ناحية شيخه ولا يخلص الدين لرب العالمين أويلابس الكلاب أو النيران أو يكره سماع القرآن وينفر عنه ويقدم عليه سماع الأغاني والأشعار ويؤثر سماع مزامير الشيطان على سماع كلام الرحمن ، فهذه علامات أولياء الشيطان لا علامات أولياء الرحمن.اهـ

 

 

وهنا تنبيه:

الكرامة لا تدل على مزية من ظهرت له على غيره

لأنه قد يُعطاها ضعيف الإيمان.

قال شيخ الإسلام في الفتاوى(١١/٢٨٣):

ومما ينبغي أن يُعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل فإذا احتاج إليها ضعيف الإيمان أو المحتاج أتاه منها ما يقوي إيمانه ويسد حاجته ، ويكون من هو أكمل ولاية لله منه مستغنياً عن ذلك ، فلا يأتيه مثل ذلك لعلو درجته وغناه عنها لا لنقص ولايته ولهذا كانت هذه الأمور في التابعين أكثر منها في الصحابة.اهـ

 

وقال العلامة ابن أبي العز في شرح الطحاوية(٤٩٧): فاعلم أن عدم الخوارق علماً وقدرة لا تضر المسلم في دينه فمن لم ينكشف له من المغيبات ولم يسخر له شيئاً من الكونيات لا ينقص ذلك في مرتبته عند الله ، بل قد يكون عدم ذلك أنفع له.اهـ

 

وقال العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ في شرح الواسطية(٢٢٨): وأهل السنة أثبتوها – أي الكرامة- وصدقوا بأن ما جرى لهم من ذلك فهو كرامة وقالوا: إن من صدرت عنه فليس له مزية على غيره وفضيلة ، فليست الكرامة هي الميزان في علو الدرجة في الولاية وأن من ظهرت له كرامة أنه أفضل ممن لم تظهر له كرامة ، بل من ليس له كرامة أفضل بكثير ممن له كرامة ، بل هي من نوع الحظ والبخت يعطيها الله من يشاء.

 ثم هي قد تكون لمن جرت له فتنة وشر وتنقص في دينه وقد تكون خيراً.اهـ

 

 

ثانياً: أقسام كرامات الأولياء:

قسّم شيخ الإسلام الكرامات في الواسطية(١١٩) إلى قسمين:

الأول: كرامات من باب العلم والكشف.

وهو ما يحصل للإنسان من العلوم أو يظهر له من الأشياء ما لا يحصل لغيره.

 

مثاله: قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه

حينما نظر في بطن امرأته وهي حامل فقال:

(أراها جارية) فلما ولدت بعد مدة كانت جارية.

رواه مالك في الموطأ(١٤٣٨) وعبدالرزاق في مصنفه(٩/١٠١)

 

ومثله: قول عمر رضي الله عنه (يا سارية الجبل) وكان عمر يخطب  في المدينة وسارية في العراق.

(ذكره شيخ الإسلام في الفرقان بين الحق والباطل-٥٨)

 

والثاني: كرامات من باب القدرة والتأثير.

وهو ما يحصل للإنسان من قدرة وتأثير لا يحصل لغيره.

مثاله:

ما حصل لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه 

حيث يبس الماء ومر عليه الجيش.

ذكره الطبري في تاريخه(٢/٤٦٠)

 

 

ثالثاً: أقسام الناس في كرامات الأولياء:

انقسم الناس في كرامات الأولياء إلى ثلاث أقسام.

 

القسم الأول: قوم يؤمنون بكرامات الأولياء ويثبتونها على مقتضى ما جاء في الكتاب والسنة وهم أهل السنة والجماعة.

 

القسم الثاني: قوم ينفون كرامات الأولياء وهم الفلاسفة والجهمية والمعتزلة وبعض الأشاعرة

وشبهتهم: دعوى الالتباس بين الكرامة والمعجزة!

ويجاب عليهم: بأن الكرامة لا تقترن بدعوى الرسالة بخلاف المعجزة فإنها مقترنة بدعوى الرسالة ، والكرامة تكون على يد ولي ، والولي لا يمكن أن يدعي النبوة ولو ادعاها لم يكن ولياً.

 

القسم الثالث: قوم يغلون في إثبات الكرامات.

وهم الصوفية والرافضة.

 

رابعاً: الفرق بين الكرامات والمعجزات

المعجزة مقرونة بدعوى الرسالة.

والكرامة مقرونة بالولاية.

 

خامساً: الفرق بين الكرامات والأحوال الشيطانية

الكرامة مقرونة بالإيمان والتقوى

والأحوال الشيطانية مقرون بفعل الفواحش وعدم التقوى

قال شيخ الإسلام في الفرقان بين أولياء الله وأولياء الشيطان(١٢٥): كرامات الأولياء سببها الإيمان والتقوى ، والأحوال الشيطانية يكون سببها ما نهى الله عنه ورسوله ويستعان بها على ما نهى الله عنه ورسوله.اهـ

 

سادساً: الفرق بين الكرامة والفراسة:

الكرامة تعطى لأهل الإيمان والتقوى.

والفراسة تعطى لأهل الإيمان والتقوى ، وتعطى لأهل الخبرة في معرفة الأمور.

(ينظر شرح الطحاوية لابن أبي العز-٤٩٨)

 

ختاماً: 

يتضح مما سبق أن:

ما يجري من الخوارق على أيدي الأنبياء فهذه آيات وبراهين وتسمى معجزات

وما يجري من الخوارق على أيدي الأولياء فهذه كرامات

وما يجري من الخوارق على أيدي العصاة والمبتدعة فهذه أمور شيطانية.

 

كتبه/

بدر بن محمد البدر

١٤٣٦/٦/٣هـ