@ المقصود من سكوت أبي داود @

١٢‏/١١‏/٢٠١٣ ٩:٥٠:٠٣ م: بدر البدر: ( المقصود من سكوت أبي داود )

الحمد لله رب العالمين:

لما ألف الإمام الحافظ أبو داود السجستاني كتابه السنن سأله أهل مكة عن صحة ما في كتابه من أحاديث فقال رحمه الله تعالى : ذكرت فيها الصحيح وما يشابهه وما يقاربه وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح . أ هـ قوله رحمه الله ذكرت فيها الصحيح هذا واضح وما يشبهه أي الحسن وما يقاربه أي الحديث الصالح ويحتمل الحسن لغيره ( ينظر شرح ألفية السيوطي- لأحمد شاكر١/٨٠) . @-وقوله (وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح) فيها عدة أقوال للعلماء:

١- قيل معنى ( صالح ) أي صحيح . وهذا القول نسبه ابن حجر العسقلاني لابن عبد البر المالكي  ( النكت على مقدمة ابن الصلاح لابن حجر (١/٤٣٦) ٢- وقيل : معنى(صالح ) أي حسن أو صحيح . قاله الإمام النووي في الأذكار (٦٣)وقال العراقي:الصالح يشمل الصحيح والحسن فلا يرتقي إلى الأول إلا بيقين . ذكره السيوطي في التدريب (١٢٤) وقال الزركشي في النكت على مقدمة ابن الصلاح له (١٠٨)وقوله ( صالح ) أراد به القدر المشترك بين الصحيح والحسن هذا إن كان أبو داود يفرق بين الصحيح والحسن وأما إن كان يرى الكل صحيحاً ولكن درجات الصحة تتفاوت وهو الظاهر من حاله فذلك أقوى في الإعتراض على ما نقل عنه الحكم بكونه حسن . نعم جاء عن أبي داود أيضاً : ما سكت عنه فهو حسن . إلا أن الرواية لسنن أبي داود مختلفة يوجد في بعضها كلام وحديث ليس في الأخرى. معنى كلام الزركشي:إذا كان أبو داود يقسم الحديث المقبول إلى صحيح وحسن فالصالح عنده داخل في هذين النوعين وإذا كان لا يقسم المقبول ويرى أن الحديث إما صحيح وإما ضعيف فالصالح داخل في الصحيح ودرجات الصحة تتفاوت . ٣-وقيل معنى(صالح ) أي حسن عنده . قاله شيخ الإسلام في الإقتضاء (١٦٦)وهو قول الحافظ ابن الصلاح  في المقدمة(١٨٢)وقاله أيضاً الحافظ ابن كثير في تفسيره ( ١/٩٩) وفي اختصار علوم الحديث (٣٨)وقال السيوطي في التدريب(١٢٣)فإن صح ذلك أي نسبة هذا القول لأبي داود – فلا إشكال – يعني أنه لا إشكال فيما سكت عنه لأن معناه عرف وهو الحسن عنده – وقال هذا القول الإمام الألباني في مقدمة سنن أبي داود ( ١/١٤)قال : فالرواية إن صحت فهي صريحة بمعنى السكوت . قال أحمد شاكر في شرح ألفية السيوطي(١/٨٣) فالأولى أن يحمل – أي السكوت – على أنه حسن عنده ولا يرتقي إلى درجة الصحة وإن جاز أن يبلغها لأنه أحوط . ٤- وقيل معنى(صالح ) أي صالح عنده . قاله ابن حجر العسقلاني في القول المسدد(..)وقال السيوطي في التدريب (١٢٢)فالأحوط الإقتصار على الحسن وأحوط منه التعبير عنه بصالح .وقال السخاوي في فتح المغيث (١/١٤٣)فالأحوط أن يقول المسكوت عليه : صالح كما هي عبارته خصوصاً وقد سلكه جماعة. والمراد من قول الأئمة (صالح )أي أنه أعم من أن يكون للاحتجاج أو الإعتبار فما ارتقى إلى الحسن ثم إلى الصحيح فهو بالمعنى الأول ( الإحتجاج ) وما عداهما فهو المعنى الثاني ( الإعتبار ) وهذا التفسير لهذه الكلمة قاله الإمام الألباني في مقدمة سنن أبي داود ( ١/١٥)وقاله العلامة مقبل الوادعي في المقترح ( ص ٦٨) وهو الراجح لعدة أمور : أولاً : أنه يسكت على أحاديث مخرجة في الصحيحين أو على شرطهما . ولا يقال هذا من قبيل الحسن . ويسكت على أحاديث ظاهرها الحسن وربما ظاهرها الضعف لكن ليس بضعف شديد . ( ينظر النكت على مقدمة ابن الصلاح لابن حجر (١/٤٣٥) وينظر أيضا فتح المغيث للسخاوي (١/١٤٢) ثانياً: أن أبا داود ذكر في رسالته لأهل مكة: أن ما كان فيه ضعف شديد بينته . مفهوم كلامه:أن الضعف اليسير لا يتكلم عليه لأنه يصلح للإعتبار . ثالثاً : أنه روي عنه أنه قال ( وما سكت عنه فهو حسن ) ذكرها ابن كثير كما مر بصيغة التمريض . والرواية المعروفة ( وما سكت عنه فهو صالح ) وقد مر قبل ذلك قول الزركشي : أن الرواية لسنن أبي داود مختلفة يوجد في بعضها كلام وحديث ليس في الأخرى . رابعاً : أنه قد يسكت على الحديث ويضعف رجاله في موضع آخر . قال أحمد شاكر في الباعث (٤٠)وأما قول ابن كثير من ذلك أحاديث ورجال قد ذكرها في سننه . أراد به أنه ضعف أحاديث ورجالاً في سؤالات الآجري وسكت عليها في السنن فلا يلزم من ذكره لها في السؤالات بضعف أن يكون الضعف شديداً فإنه يسكت في سننه على الضعف الذي ليس بشديد كما ذكره هو . خامساً : أنه لا يسع الباحث في هذه المسألة إلا هذا القول وما عداه من الأقوال فيها نظر . كما لا يخفى على أهل هذا العلم. وكتبه بدر بن محمد البدر.

التعليقات معطلة.