١٦/١١/٢٠١٣ ١:٤٢:٠١ ص: بدر البدر: [ موافقة الذهبي للحاكم ]
الحمد لله رب العالمين:
من العبارات المشتهرة عند بعض المشتغلين بعلم الحديث قولهم: (صححه الحاكم ووافقه الذهبي ) الذهبي من أعلم الناس بمستدرك الحاكم وله تلخيص جيد للمستدرك بين فيه الصحيح من الضعيف وسكت على بعض الأحاديث وظن بعض أهل العلم أنها موافقة من الذهبي للحاكم. وهذا القول فيه مؤاخذات من عدة أوجه: أولاً : لم يذكر الذهبي أن ما سكت عليه في المستدرك يعد موافقة للحاكم، وأول من قال إنها موافقة العلامة أحمد شاكر.
ثانياً : لم يذكر إمام من الأئمة المتأخرين هذه المقولة بل يقولون صححه الحاكم . ولا يزيدون على هذا ومنهم تلاميذ الذهبي كابن كثير وغيره وهم أعرف الناس بشيخهم ومراده من غيرهم؛ ثم وجدت لبعض المتأخرين كالمناوي والصنعاني قولهم:صححه الحاكم وأقره الذهبي، فعدوا السكوت إقراراً.
ثالثاً : أن الذهبي قد يضعف الحديث في المستدرك ثم يروي الحاكم نفس الحديث في موضع آخر ويسكت عليه الذهبي . مثاله : روى الحاكم من طريق دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً(إذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فاشهدوا له بالإسلام) -رواه الحاكم – كتاب الصلاة –( ح ٨٠١) وقال : حديث صحيح . و قال الذهبي : دراج كثير المناكير . وذكر الذهبي:في كتابه ميزان الإعتدال (٢/٢٤)أقوال العلماء المعتبرين في دراج. ثم روى الحاكم نفس الحديث من طريق دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً(إذا رأيتم الرجل يلزم المساجد فلا تحرجوا أن تشهدوا أنه مؤمن)رواه الحاكم -كتاب التفسير -ح ٣٣٣٣ وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وسكت عليه الذهبي .
رابعاً:أن الذهبي قد يسكت على الحديث في المستدرك ويضعفه في موضع آخر غير المستدرك . مثاله : أ – روى الحاكم من طريق عيسى بن عبيد عن غيلان بن عبدالله العامري عن أبي زرعة عن جرير مرفوعاً(إن الله عز وجل أوحى إلى أي هؤلاء البلاد الثلاث نزلت فهي دار هجرتك المدينة أو البحرين أو قنسرين) رواه الحاكم ( ح ٤٣١٧)وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وسكت عليه الذهبي . وفي ميزان الإعتدال للذهبي ( 3/ 338)قال الذهبي في ترجمة غيلان العامري : ما علمت روى عنه سوى عيسى بن عبيد الكندي وحديثه منكر ما أقدم الترمذي على تحسينه.
ب – روى الحاكم من طريق خالد بن نافع الأشعري عن سعيد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بأبي موسى الأشعري ذات ليلة ومعه عائشة وأبو موسى يقرأ فقاما فاستمعا لقراءته ثم مضى … الحديث رواه الحاكم ( ح 6020 ط : دار المعرفة ) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وسكت عليه الذهبي . وفي السير للذهبي ( 2/ 387)قال الذهبي : خالد بن نافع ضعيف . وترجم له أيضاً في ميزان الإعتدال ( 1/643) ذكر أقوال الأئمة في تضعيفه .
خامساً : قال العلامة مقبل الوادعي في ( المقترح /154 ) : ومما ينبغي أن يعلم أن سكوت الحافظ الذهبي على بعض الأحاديث التي يصححها الحاكم وهي ضعيفة لا يعد تقريراً للحاكم بل الذي ينبغي أن يقول الكاتب : صححه الحاكم وسكت عليه الذهبي لأمور : منها : أن الذهبي لم يذكر في مقدمة تلخيصه ما سكت عليه فأنا مقر للحاكم . ومنها : أنه ذكر في سير أعلام النبلاء في ترجمة الحاكم أن كتابه التلخيص محتاج إلى نظر . ومنها : أن الحاكم قد يقول صح على شرط الشيخين ولم يخرجاه أو صحيح على شرط أحدهما أو صحيح ولم يخرجاه ويكون في سنده من قال الذهبي في الميزان : أنه كذاب أو ضعيف وربما يذكر الحديث في ترجمته في الميزان . فعلا هذا فلا تقل ( صححه الحاكم وأقره الذهبي ) بل تقول ( صححه الحاكم وسكت عنه الذهبي ) على أني وقعت في كثير من هذا قبل أن أتنبه لهذا. ثم بعد هذا أصبح العلامة الوادعي يقول : صححه الحاكم وسكت عليه الذهبي – كما في كتابه النفيس:أحاديث معلة ظاهرها الصحة (٢٨٠). هذا من باب الفائدة فقط والأمر في هذا واسع ولا مشاحة في الإصطلاح بين وافقه أو أقره أو سكت عليه؛ فهي ليست مسألة خلافية ولله الحمد.
وكتبه: بدر بن محمد آل بدر ليلة الجمعة الموافق 22/ جمادي الأول / 1431