– أصناف السائلين –
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:
اعلم أن السائلين أصناف:
أولاً: صنف يسأل ويريد بسؤاله التعلم ورفع الجهل عن نفسه.
وهذا سؤاله جائز لا حرج فيه.
قال تعالى: ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )
وعن المغيرة بن أبي بردة أنه سمع أبا هريرة يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ به؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( هو الطهور ماؤه الحل ميتته )
رواه مالك (٤٥) وأبو داود (٨٣)
والترمذي(٦٩) وقال: حديث حسن صحيح.
وصححه ابن خزيمة (١١١) وابن حبان (١٢٤٠)
ثانياً: صنف يسأل ويريد بسؤاله التعليم.
وهذا سؤاله جائز لا حرج فيه.
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت رِدْفَ رسول الله صلى الله عليه و سلم على حمار
فقال: يا معاذ أَتدري ما حق الله على العباد
وما حق العباد على الله؟ قال قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: ( حق الله على العباد أنْ يَعبدوا الله ولا يُشرِكوا به شيئاً ، وحق العباد على الله أنْ لا يُعذب مَن لا يُشرك به شيئاً ).
رواه البخاري (٧٣٧٣) ومسلم (٣٠)
ثاثاً: صنف يسأل ويريد بسؤاله معرفة علم صاحبه.
وهذا سؤاله جائز لا فيه.
عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ )
قلت : الله ورسوله أعلم.
قال : ( يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟)
قلت : “الله لا إله إلا هو الحي القيوم”
فضرب النبي عليه الصلاة والسلام في صدري وقال: ( والله لِيَهْنِكَ العلم أبا المنذر )
رواه مسلم(٨١٠)
رابعاً: صنف يسأل ويريد بسؤاله الشرور والفتن.
وهذا سؤال لا يجوز ، وحق فاعله الزجر والتأديب.
عن سليمان بن يسار أن رجلاً يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل فقال: من أنت؟قال أنا عبد الله صبيغ، فأخذ عمر عرجوناً من تلك العراجين فضربه وقال: أنا عبد الله عمر، فجعل له ضربا حتى دمي رأسه، فقال يا أمير المؤمنين حسبك قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي ).
رواه الدارمي سننه (١/٥٤)
وقال الإمام مالك بن أنس لما سأله رجل عن قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى ) كيف استوى؟
قال: ( الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا ضالاً وأمر به أن يخرج من مجلسه ).
رواه أبو عثمان النسيابوري في عقيدة السلف وأصحاب الحديث (١٨١)
خامساً: صنف يسأل ويكثر المسائل من غير حاجة ، أو يبحث عن فتوى توافق هواه.
وهذا فعل مكروه.
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:( إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال )
رواه البخاري (١٤٧٧)
وعن أبي مجلز قال: كنت أسأل ابن عمر عند البيت عن الوتر؟ فجعل يقول:آخر الليل فقلت: أرأيت أرأيت؟
فقال:اجعل أرأيت عند ذاك الكوكب , وأشار إلى السماء )
رواه الطبراني في الكبير (١٢٨٨٢)
سادساً: صنف يسأل ويريد بسؤاله التثبت عن مسألة ما.
وهذا سؤاله جائز لا حرج فيه.
قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )
قوله(فتبينوا) يعني تثبتوا.
وعن أبي هريرة رضى الله تعالى عنه قال:صلى بنا النبي عليه الصلاة والسلام الظهر أو العصر فسلم ، فقال له ذو اليدين الصلاة يا رسول الله أنقصت ، فقال النبي لأصحابه: (أحق ما يقول) قالوا: نعم ، (فصلى ركعتين أخريين ثم سجد سجدتين)
رواه البخاري (١١٦٩)
كتبه/
بدر بن محمد البدر.
٢٣/١/١٤٣٧هـ