– السلسلة التعريفية بالكتب الحديثية ، رقم (٧٨)
– صحيح ابن حبان.
كتاب صحيح ابن حبان ، للحافظ أبي حاتم محمد بن حبان البُستي.
اسمه (المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع من غير وجود قطع في سندها ولا ثبوت جرح في ناقليها) هكذا سماه ابن حبان ، وعُرف بين علماء الحديث باسم (التقاسيم والأنواع لابن حبان)
واشتهر بين العلماء وعلى ألسنة الناس باسم (صحيح ابن حبان)
قال الحافظ ابن كثير في قصص الأنبياء(٨٣): قال ابن حبان في صحيحه.اهـ
ويعد صحيح ابن حبان ، من أهم الكتب التي أُلفت في الصحيح المجرد بعد صحيح البخاري وصحيح مسلم وصحيح شيخه ابن خزيمة.
قال الحافظ العراقي في شرح ألفيته(١/٥٤):
ويؤخذ الصحيح أيضاً – يعني بعد الصحيحين – من المصنفات المختصة بجمع الصحيح فقط كصيحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان وكتاب المستدرك للحاكم.اهـ
قلت: ُرمي ابن حبان بالتساهل في التصحيح ، وقيل غاية تساهله أنه يسمي الحديث الحسن صحيحاً ، وقيل إنه يصحح حديث المجروحين والمجاهيل والمختلف في توثيقهم ، والله أعلم.
وتصحيحه فوق تصحيح الحاكم ودون تصحيح ابن خزيمة ، وكان الحفاظ كالعراقي وابن حجر وغيرهما يحتجون بتصحيحه في مصنفاتهم.
ولم يرتب ابن حبان صحيحه ، ورتبه على الأبواب الأمير علي ابن بلبان الحنفي ، ليسهل تناوله والرجوع إليه ، وسماه (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان)
– عدة أحاديث صحيحه:
بلغت أحاديث صحيح ابن حبان(٧٤٤٨) حديث.
– عاداته في صحيحه:
١- من عاداته: ذكره أوهام الرواة.
مثاله:
حديث(٥٣) عن يزيد بن زريع عن هشام الدستوائي عن المغيرة عن مالك بن دينار عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:(رأيت ليلة أسري بي رجالاً تقرض شفاههم بمقاريض من نار…)
قال ابن حبان: روى هذا الخبر أبو عتاب الدلال عن هشام عن المغيرة عن مالك بن دينار عن ثمامة عن أنس ، ووهم فيه لأن يزيد بن زريع أتقن من مئتين من مثل أبي عتاب وذويه.اهـ
٢- ومنها: بيانه لحال كثير من الرواة جرحاً وتعديلاً منهم:
قال ابن حبان(٦٢): عبدالله بن عبدالله الرازي ، ثقة كوفي.
وقال(٣٧٤): أبو كثير السحيمي اسمه يزيد بن عبدالرحمن بن أذينه ، من ثقات أهل اليمامة.
وقال(١٠٤٧): حَريز بن عثمان ، ليس بشيء في الحديث.
وقال(١١١٥): يزيد بن عبدالملك تبرأنا من عهدته في كتاب الضعفاء.
وقال (١٩٦٠): محمد بن أبان ، ضعيف قد تبرأنا من عهدته في كتاب المجروحين.
٣- ومنها: ذكره شواهد الحديث والمتابعات.
مثاله:
قال ابن حبان(١/٦٢): ذكر البيان بأن الأعمش لم يكن بالمنفرد في سماع هذا الخبر من عبدالله بن مرة دون غيره.
وقال أيضاً(١/٦٨): ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به حميد بن عبدالرحمن.
وقال(١/٢٢٧): ذكر الخبر المدحض قوم من زعم أن هذا الخبر تفرد به عبدالرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة.
٤- ومنها: شرحه لبعض الألفاظ الحديثية.
مثاله:
حديث(١٠٠) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (…ولو أدركته لرددت عليه…)
قال ابن حبان: قول عائشة(لرددت عليه) أرادت به سرد الحديث لا الحديث نفسه.اهـ
وحديث(١١٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(سددوا وقاربوا وأبشروا)
قال ابن حبان: (سددوا) يريد به: كونوا مسددين ، والتسديد: لزوم طريقة النبي عليه الصلاة والسلام
واتباع سنته ، وقوله(وقاربوا) يريد به: لا تحملوا على الأنفس من التشديد ما لا تطيقون ، (وأبشروا) فإن لكم الجنة إذا لزمتم طريقتي في التسديد
وقاربتم في الأعمال.اهـ
وحديث(٧٤٨) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن)
قال ابن حبان: قوله(يتغنى بالقرآن) يريد يحزّن به.اهـ
وحديث(٤٤٣٠) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:( إذا سكر الرجل فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر الرابعة فاضربوا عنقه).
قال ابن حبان: معناه: إذا استحل شربه ولم يقبل تحريم النبي عليه الصلاة والسلام.اهـ
٥- ومنها: أنه يذكر تفردات الرواة والبلدان.
مثاله:
حديث (١٧٤) قال ابن حبان: تفرد به الدراوردي.
وحديث(١٧٥) قال ابن حبان: تفرد به شعبة.
وحديث(٣٧٩) قال ابن حبان: هذا مما تفرد به أهل فلسطين عن وكيع.
٦- ومنها: بيانه الأحاديث الغريبة.
مثاله:
حديث(١٨١) قال ابن حبان: أخبرنا الحسن بن محمد بخبر غريب غريب.
وحديث(٧١٤) قال ابن حبان: أخبرنا الحسن بن سفيان بخبر غريب.
٧- ومنها: بيانه اسم المهمل من الرواة.
مثاله:
قال ابن حبان(٤٧٤): أبو زميل ، هذا هو سماك بن الوليد الحنفي ، يماني ثقة.
وقال (٤٨١): عطاء الكيخاراني ، هذا هو عطاء بن عبدالله ، وكيخاران موضع باليمن.
وقال(٦٣٨): أبو يونس هذا اسمه سليم بن جبير تابعي.
وقال(٤٣١٢): حصن ، هو حصن بن عبدالرحمن التراغمي ، من أهل دمشق ، جده سلمة بن العيار ، له حديثان غير هذا.
٨- ومنها: بيانه المتفق والمفترق والمختلف والمؤتلف والمتشابه من أسماء الرواة.
مثاله:
حديث(٤٧٤) قال ابن حبان: النضر بن محمد ، هذا هو الجرشي اليمامي ، والنضر بن محمد القرشي ، مروزي صاحب الرأي ، وكانا في زمن واحد.
وحديث(٤٨١) قال ابن حبان: أم الدرداء: هي الصغرى واسمها هجيمة بنت حيي الأوصابية.
وأم الدرداء الكبرى: هي خيرة بنت أبي حدرد الأنصارية لها صحبة.
وقال(١٧٣٦) أبو جمرة ، من ثقات أهل البصرة ، اسمه نصر بن عمران الضبعي.
وأبو حمزة ، اسمه عمران بن أبي عطاء سمعا جميعاً ابن عباس ، سمع شعبة منهما وكانا في زمن واحد.
وقال(٢١٦٠) أسامة بن زيد الليثي مولى من أهل المدينة مستقيم الأمر صحيح الكتاب.
وأسامة بن زيد بن أسلم ، مدني واه ، وكانا في زمن واحد ، إلا أن الليثي أقدم.
وقال(٢١٧٧) أبو معشر ، هذا زياد بن كليب كوفي ثقة.
وليس بأبي معشر السندي ، فإنه من ضعفاء البغداديين.
وقال(٣٧٣٥): أبو سعيد مولى المَهري من أهل مِصر ، اسمه بكر بن عمرو.
وأبو سعيد المقبري من أهل المدينة ، اسمه كيسان مولى بني ليث ، ثقتان مأمونان ، رويا جميعاً عن أبي سعيد الخدري.
٩- ومنها: أنه يذكر بعض الأحاديث الضعاف التي لم يدخلها في صحيحه.
مثاله:
قال ابن حبان(١/١٤٠): الخبر الذي رواه قُراد عن الليث عن مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة (قصة المماليك) خبر باطل لا أصل له.اهـ
وقال(١/٢٢٧): خبر سالم بن أبي الجعد عن ثوبان خبر منقطع ، فلذلك تنكبناه.اهـ
وقال(٢/٢٩٧): ذكر الخبر الدال على أن الطرق المروية في خبر الزهري (من أدرك من الجمعة ركعة) كلها معللة ليس يصح منها شيء.اهـ
١٠- ومنها: أنه يذكر أحياناً عدد الأحاديث التي رواها بعض الرواة عن بعض.
مثاله:
حديث(٥٤٨) قال ابن حبان: ما روى مالك عن الأوزاعي إلا هذا الحديث ، وروى الأوزاعي عن مالك أربعة أحاديث.اهـ
وحديث(٦٠٦) قال ابن حبان: ما سمع القعنبي من شعبة إلا هذا الحديث.اهـ
وحديث(٦٢٣) قال ابن حبان: ما روى وائل عن ابنه إلا ثلاثة أحاديث.اهـ
وحديث(٧٥٩) قال ابن حبان: لم يسند سعيد بن أبي عروبة عن الأعمش غير هذا.اهـ
١١- ومنها: بيانه الأحاديث المنسوخة.
مثاله:
حديث (٦٥٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار…)
قال ابن حبان: هذا منسوخ ، إن فيه أنه لا يشفع لأحد واختيار الشفاعة كانت بالمدينة بعده.اهـ
وحديث(١١١٩) عن طلق بن علي رضي الله عنه أنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الرجل يمس ذكره وهو في الصلاة قال:(لا بأس به إنه لبعض جسدك)
قال ابن حبان: خبر طلق بن علي الذي ذكرناه منسوخ ، لأن طلق بن علي كان قدومه على النبي عليه الصلاة والسلام أول سنة من سني الهجرة
حيث كان المسلمون يبنون مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام بالمدينة ، وقد روى أبو هريرة إيجاب الوضوء من مس الذكر ، على حسب ما ذكرناه قبل ، وأبو هريرة أسلم سنة سبع من الهجرة ، فدل ذلك على أن خبر أبي هريرة كان بعد خبر طلق بسبع سنين.اهـ
وقال(١/٢٤٦) ذكر البيان بأن الأمر بالوضوء مما مست النار منسوخ خلا لحم الإبل وحدها.
وقال(١/٢٤٨) ذكر البيان بأن هذا الخبر يعني خبر عثمان منسوخ بعد أن كان مباحاً.
١٢- ومنها: بيانه فقه الحديث.
مثاله:
حديث(٨٠٣) عن مهاجر بن قنفذ رضي الله عنه مرفوعاً: (إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر)
قال ابن حبان: في هذا الخبر بيان واضح أن كراهية المصطفى عليه الصلاة والسلام ذكر الله إلا على طهارة ، كان ذلك لأن الذكر على طهارة أفضل ، لا أن ذكر المرء ربه على غير الطهارة غير جائز ، لأنه كان يذكر الله على أحيانه.اهـ
وحديث(٩٠٨) عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً:(إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة)
قال ابن حبان: في هذا الخبر دليل على أن أولى الناس برسول الله عليه الصلاة والسلام في القيامة يكون أصحاب الحديث إذ ليس من هذه الأمة قوم أكثر صلاة عليه منهم.اهـ
وحديث(١٢١٧) عن حفصة رضي الله عنها مرفوعاً:(على كل محتلم رواح الجمعة وعلى من راح الغسل)
قال ابن حبان: في هذا الخبر إتيان الجمعة فرض على كل محتلم ، والعلة فيه أن الاحتلام بلوغ ، فمتى بلغ الصبي وأدرك بأن يأتي عليه خمس عشرة سنة كان بالغاً وإن لم يكن محتلماً.اهـ
وحديث(١٢٧٦) قال ابن حبان: معنى خبر عبدالله بن عكيم (أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)
يريد به قبل الدباغ ، والدليل على صحته قوله عليه الصلاة والسلام: (أيما إهاب دبغ فقد طهر).اهـ
وحديث(٥٨٥٦) قال ابن حبان: في هذا الخبر كالدليل على أن البدنة تقوم عن عشرة عند النحر.اهـ
١٣- ومنها: ضبط أسماء الرواة.
مثاله:
قال ابن حبان(٩٨٥): كل ما يجيء في الروايات فهو (كُريز) إلا هذا فإنه (كَريز).
١٤- ومنها: بيانه الأحاديث التي رويت بالمعنى خطأ.
مثاله:
حديث(١١٣١) عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال:(كان آخر الأمرين من رسول الله ترك الوضوء مما مست النار)
قال ابن حبان: هذا خبر مختصر من حديث طويل اختصره شعيب بن أبي حمزة متوهماً لنسخ إيجاب الوضوء مما مست النار مطلقاً وإنما هو نسخ لإيجاب الوضوء مما مست النار خلا لحم الجزور فقط.اهـ
١٥- ومنها: تحريه في اتصال الإسناد.
مثاله:
حديث(١٤٢٠) عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً: (لا تبل قائماً)
قال ابن حبان: أخاف أن ابن جريج لم يسمع من نافع هذا الخبر.اهـ
وحديث(١٨٠٤) عن الحسن عن سمرة رضي الله عنه قال: (سكتتان حفظتهما عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فذكرت ذلك لعمران بن حصين…)
قال ابن حبان: الحسن لم يسمع من سمرة شيئاً وسمع من عمران بن حصين هذا الخبر ، واعتمادنا فيه على عمران دون سمرة.اهـ
١٦- منها: بيانه المدرج في الحديث.
مثاله:
قال ابن حبان(٢/٤٠٣) ذكر البيان بأن قوله (وكانا متقاربين) إنما هو كلام أبي قلابة أدرجه خالد الطحان في الخبر.
١٧- ومنها: أنه إذا روى الحديث أكثر من راو يبين لمن اللفظ أحياناً.
مثاله:
حديث(٢٩٣٨) قال ابن حبان: لفظ الإسناد لإبراهيم بن الحجاج ، والمتن ليزيد بن هارون.
كتبه/
بدر بن محمد البدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بحفر الباطن.
١٦ ذو القعدة ١٤٣٧هـ