@ حكم إمامة الفاسق @

– حكم إمامة الفاسق –
الفسق نوعان:

الأول: فسق اعتقادي ، كبدعة الإرجاء ونحوها ، وهذا تنازع أهل العلم في صحة إمامته على قولين مشهورين، أحدهما: تصح إمامته ، قاله الإمام أحمد وغيره ، والآخر: تصح إمامته إذا لم يكن داعية إلى بدعته فإن كان داعية لم تصح ، قاله الإمام أحمد في رواية وغيره.
الثاني: فسق عمل ، كالزنى وشرب الخمر ونحوهما ، وهذا أيضاً تنازع أهل العلم في صحة إمامته على قولين ، أحدهما: لا تصح إمامته نص عليه الإمام أحمد ، والآخر: تصح إمامته وهو قول للإمام أحمد وبه قال أكثر أهل العلم.
قال العلامة عبدالرحمن المقدسي في الشرح الكبير(٥٥٢): الفاسق ينقسم إلى قسمين:

فاسق من جهة الاعتقاد ، وفاسق من جهة الأفعال.

فأما الفاسق من جهة الاعتقاد ، فمتى كان يعلن بدعته ويتكلم بها ويدعو إليها ويناظر لم تصح إمامته وعلى من صلى وراءه الإعادة.

قال الإمام أحمد: لا يصلى خلف أحد من أهل الأهواء إذا كان داعية إلى هواه ، وقال: لا تُصل خلف المرجئ إذا كان داعية.

وقال أحمد في رواية أبي الحارث:لا يصلى خلف مرجئ ولا رافضي ولا فاسق إلا أن يخافهم فيصلي ثم يُعيد.

وقال الإمام أبو داود: متى صليت خلف من يقول:القرآن مخلوق ، فأعد.

وعن الإمام مالك: لا تُصلِّ خلف أهل البدع.

والرواية الثانية: تصح الصلاة خلف أهل البدع.

قال الأثرم: قلت: لأبي عبدالله: الرافضة الذين يتكلمون بما تعرف؟قال: نعم ، آمره أن يُعيد. قيل له: وهكذا أهل البدع؟ قال: لا تُصلِّ خلف المرجئ إذا كان داعية. فدل على أنه لا يعيد إذا لم يكن داعية ، وقال الحسن والشافعي: الصلاة خلف أهل البدع جائزة بكل حال.

وأما الفاسق من جهة الأعمال ، كالزاني والذي يشرب ما يُسكره ، فروي عنه أنه لا يصلى خلفه

فإنه قال: لا تُصل خلف فاجر ولا فاسق.

وعنه أن الصلاة خلفه جائزة وهو مذهب الشافعي ، وكان ابن عمر يصلي مع الحجاج ، والحسن والحسين وغيرهما من الصحابة يصلون مع مروان

وصلوا وراء الوليد بن عقبة وقد شرب الخمر ، فصار هذا إجماعاً.اهـ
وقال الإمام المرداوي في الانصاف(٤/٤٣٥): الفاسق فيه روايتان ، إحداهما: لا تصح إمامته

وهو المذهب ، سواء كان فسقه من جهة الاعتقاد أو من جهة الأفعال من حيث الجملة ، وعليه أكثر الأصحاب.

والرواية الثانية: تصح ، وتكره. وعنه تصح في النفل.اهـ
فائدتان:

الأولى: قال عبدالرحمن المقدسي في الشرح الكبير(٥٥٢):وأما الجمع والأعياد فتصلى خلف كل بر وفاجر ، وقد كان أحمد يشهدها مع المعتزلة ، وكذلك من كان من العلماء في عصره.اهـ
الثانية: حكم الصلاة خلف مجهول الحال.

قال عبدالرحمن المقدسي في الشرح الكبير(٥٢٢): قال ابن عقيل: تصح الصلاة ولا إعادة عليه لأن ذلك مما يَخفى فأشبه الحدث والنجش. وقال شيخنا: الصحيح أن هذا ينظر فيه فإن كان ممن يُخفى بدعته وفسوقه صحت صلاته وإن كان ممن يظهر ذلك وجبت الإعادة ، على الرواية التي تقول بوجوب إعادتها خلف المبتدع.اهـ

كتبه/

بدر محمد البدر العنزي.

٢٤/٢/١٤٣٧هـ