– اهدنا الصراط المستقيم –
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:
فإن كل مسلم يدعو ربه عز وجل في كل صلاة فريضة أو نافلة ، أن يهديه الصراط المستقيم ، (اهدنا الصراط المستقيم) ، والصراط المستقيم هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه ،
وهو طريق الأنبياء والرسل وأتباع الأنبياء والرسل (صراط الذين أنعمت عليهم) أي أنعمت عليهم بسلوك هذا الطريق ، طريق الهداية ، طريق الحق ، وهو طريق واحد لا طرق ، قال تعالى (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه) هذا أمر يأمرنا ربنا سبحانه وتعالى باتباع هذا الطريق الواحد ، طريق الحق ، والحق واحد لا يتجزئ ، ونهانا ربنا سبحانه وتعالى عن طُرق الضلال ، وهي طُرق كثيرة ، قال تعالى (ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)
قال ابن مسعود رضي الله عنه: خط لنا رسول الله عليه الصلاة والسلام يوماً خطاً ، وخط عن يمينه خطاً ، وخط عن يساره خطاً ، ثم قال: (هذا سبيل الله) ، ثم خط خطوطاً فقال: (هذه سُبُل ، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه) ، وقرأ (أن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)
رواه البزار في مسنده (١٨٦٥) ورجاله رجال الصحيح.
فالواجب على كل من استبان له طريق الحق أن يسلكه ولا يحيد عنه ، ويجتنب طريق الضلال ، طريق البدع والأهواء ويبتعد عنه.
ومن العجب ، أن تجد قوماً ، عرفوا الحق واستبان لهم طريقه واجتنبوه ، وعرفوا الباطل واستبان لهم طريقه وسلكوه.
قال الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين(٢/٢٨٢): قال الإمام الشافعي: أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد.اهـ
لذا ينبغي لمن عرف الحق أن لا يتركه لقول فلان وفلان ، بل يلزم الحق ويصبر على الأذى فيه ويحتسب الأجر من الله ، كما صبر واحتسب من كان قبله ، ولا يضره من خالفه ولا من خذله.
عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك)
رواه مسلم (١٩٢٠).
فالزم هذا السبيل الذي سألت ربك سلوكه
(اهدنا الصراط المستقيم)
واسأل ربك الثبات عليه وعدم الإنحراف عنه ، (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا).
عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يُكثر أن يقول: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) فقلت: يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ قال:(نعم ، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء)
رواه الترمذي (٢١٤٠) وحسنه ، وصححه الألباني في سنن الترمذي(٢١٤٠)
فكم من قلوب زاغت ، وأعرضت عن الحق ، لأنها لم تسأل ربها الثبات على الحق.
وكم من قلوب ثبتت على الحق ، رغم كثرة الفتن والمحن ، لأنها سألت ربها الثبات عليه.
وهذا خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، يسأل ربه الثبات (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام)
(واجنبني) أي أبعدني واجعلني في جانب بعيد (أن نعبد الأصنام) أي بعيد عن عبادتها.
قال أحد السلف: (مَن يأمن البلاء بعد إبراهيم).
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
كتبه/بدر محمد البدر العنزي.
٧/٣/١٤٣٧هـ