@ الأحكام الفقهية – إراقة الماء اذا ولغ فيه كلب @

– الأحكام الفقهية:

– إراقة الماء إذا ولغ فيه كلب.

إذا ولغ الكلب في إناء فيه ماء ، يراق الماء ولا يستعمل ، على المختار ، لتلوثه بلعاب الكلب ، ثم يغسل الإناء سبع مرات أولاهن بالتراب ، وبرهان ذلك:

روى مسلم في صحيحه (٢٧٩) قال حدثني علي بن حُجر حدثنا علي بن مُسهر أخبرنا الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ، ثم ليغسله سبع مراراً)
قال مسلم: وحدثني محمد بن الصَّبَّاح حدثنا إسماعيل بن زكريا عن الأعمش بهذا الإسناد مثله ، ولم يقل: (فليرقه).

قال النسائي في سننه(١/٥٣): لا أعلم أحداً تابع علي بن مسهر على قوله (فليرقه).اهـ

وقال السفاريني في كشف اللثام(١/٨٢): قال حمزة الكناني: إنها غير محفوظة ، وقال ابن عبدالبر: لم يذكرها الحفاظ من أصحاب الأعمش كأبي معاوية وشعبة ، وقال ابن منده: لا تعرف عن النبي عليه الصلاة والسلام بوجه من الوجوه إلا عن علي بن مسهر بهذا الإسناد.اهـ

قلت: والتحقيق أن زيادة (فليرقه) محفوظة ، لوجهين:

أولها: علي بن مُسهر القرشي ، أوثق من إسماعيل بن زكريا.
قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب(٧/٣٢٤): في ترجمة علي بن مسهر ، وثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن حبان وابن سعد.اهـ
وأما إسماعيل ، فإنه صدوق ، قال الذهبي في الكاشف(٤٤٥): إسماعيل ، صدوق ، اختلف قول ابن معين فيه.اهـ

فزيادته زيادة ثقة مقبولة ، ولذلك قبلها مسلم وأودعها كتابه الصحيح(٢٧٩) ، وأثبتها ابن خزيمة في صحيحه(٨٩) وأثبتها ابن الجارود في المنتقى(٥٠)
وقال الدارقطني في سننه(١٧٩) بعد ما رواها ، صحيح إسناده حسن ورواته كلهم ثقات.
وصححها الألباني في صحيح الجامع(٨٤١)

ثانيها: أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يفتي بإراقة الماء الذي ولغ فيه الكلب وهذا يدل على ثبوتها عنده ، روى الدارقطني في سننه(١٨٠) قال: حدثنا المحاملي أخبرنا حجاج بن الشاعر أخبرنا عارم أخبرنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه في الكلب يلغ في الإناء قال: (يهراق ويغسل سبع مرات)
قال الدارقطني: صحيح موقوف.
وقال ابن حجر في الفتح(١/٢٧٥): إسناده صحيح.اهـ

– ويزاد أيضاً: أن النفوس تعاف استعمال الماء إذا ولغ فيه كلب ، ولذلك روي عن طائفة من السلف كراهة سؤر الكلب.
روى ابن أبي شيبة(٣٠٥) عن نافع أن ابن عمر كان يكره سؤر الحمار والكلب.
وروى (٣٠٦) عن الحسن وابن سيرين أنهما كانا يكرهان سؤر الحمار والكلب.
وروى أيضاً(٣١١) عن حكيم قال سألت أبا وائل عن سؤر الكلب؟ فقال: ما أحب مشاركته.

قال الحافظ النووي في شرح مسلم(١/٢٧٩):
فيه: نجاسة ما ولغ فيه وأنه إن كان طعاماً مائعاً
حرم أكله لأن إراقته إضاعة له ، فلو كان طاهراً
لم يأمرنا بإراقته بل قد نهينا عن إضاعة المال ، وهذا مذهبنا ومذهب الجماهير أنه ينجس ما ولغ فيه.
وفيه: الأمر بإراقته وهذا متفق عليه عندنا.اهـ

– فائدة:

قال العلامة ابن عثيمين في التعليق على صحيح مسلم(٢/١٤٤): إذا نظرنا في أول السياق في قوله عليه الصلاة والسلام (فليرقه) ولم تذكر في بقية الألفاظ ، وهذه الجملة لا تنافي بقية الألفاظ بل قد تؤيدها ، لأنه لا يمكن أن يغسل إلا بعد إراقة الماء ، فنريق الماء الذي تلوث بنجاسة الكلب ثم بعد ذلك نغسل الإناء ، وكيف يمكن أن نغسل الإناء والماء فيه؟ فهذه اللفظة وإن لم تذكر فهي من لازم الغسل.اهـ

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بحفر الباطن.
١٢ محرم ١٤٣٨هـ