@ كلمات في الدعوة إلى الله – التحذير من الابتداع في الدين @

-كلمات في الدعوة إلى الله.

-التحذير من الابتداع في الدين-

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

أيها الأخوة: إن نبينا عليه الصلاة والسلام حذرنا من البدع ، كما جاء في الحديث عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (وإياكم ومحدثات الأمور)
رواه أحمد(٤/١٢٦) وأبو داود(٤٦٠٧) وصححه الترمذي في جامعه(٢٦٧٦) وابن حبان في صحيحه(١/١٧٨) والحاكم في المستدرك(١/١٧٦)

وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن البدع كلها شر لا خير فيها ، كما جاء في الحديث عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه مرفوعاً: (شر الأمور محدثاتُها) رواه مسلم(٨٦٧)

وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في نار جهنم والعياذ بالله ، كما في الحديث عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (كل بدعة ضلالة) رواه مسلم(٨٦٧) والنسائي(٣/١٨٨) وزاد: (فكل ضلالة في النار).
وكل من ألفاظ العموم ، فيشمل كل بدعة بلا استثناء.

-والبدع جمع بدعة ، وهي الإحداث في الدين ، فكل ما ليس له أصل في كتاب الله ولا سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام من العبادات والاعتقادات فهو من البدع.

والابتداع في الدين محرم بالنص والإجماع.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا
هذا ما ليس منه فهو رد) رواه البخاري(٢٦٩٧) ومسلم(١٧١٨) وفي رواية لمسلم(١٧١٨): (من عمِل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رد)

وأجمع أهل السنة والجماعة على مجانبة البدع وأنها ضلالة ، وقد نقل الإجماع غير واحد من الأئمة منهم البخاري وأبو حاتم الرازي وأبو زرعة الرازي ، كما في شرح أصول اعتقاد أهل السنة(١/١٩٧).

أيها الأخوة: إن البدع في الدين من خُطوات الشيطان ، التي نهانا ربنا عزوجل عن اتباعها ، قال تعالى: (ولا تتبعوا خُطوات الشيطان)
وهي السبُل التي نهانا الله عزوجل عن اتباعها ، قال تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)
وهي طعن في الدين ، فإن الله عزوجل أكمل دينه قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم) فدين الله كامل ، لا يحتاج إلى إضافات تضاف عليه ، فالله عزوجل أكمل دينه ، فمن زاد في الدين فقد ابتدع ، ومن ابتدع بدعة طعن في الدين وادعى أن الدين لم يكمل والعياذ بالله.
قال الإمام مالك: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة ، فقد زعم أن محمداً عليه الصلاة والسلام خان الرسالة ، لأن الله يقول: (اليوم أكملت لكم دينكم) فما لم يكن يومئذٍ ديناً فلا يكون اليوم ديناً) ذكره الشاطبي في الاعتصام(١/٦٤)

-قال العلامة ابن عثيمين في شرح مسلم(٤/٥١٦): البدع لا خير فيها ، وذلك لأمور:
أولاً: أنها تخالف شريعة النبي عليه الصلاة والسلام وماذا بعد الحق إلا الضلال.
ثانياً: أنها تتضمن القدح في الشريعة ، حيث إن هذه البدعة المضافة تعني أن الشريعة قبل ذلك كانت ناقصة.
ثالثاً: أن إحداث هذه البدع وجعلها من الدين تنافي قول الله عزوجل (اليوم أكملت لكم دينكم)
لأن ما كان كاملاً لا يحتاج إلى إكمال.
رابعاً: أنها تفتح على الأمة الإسلامية باب الأهواء ، لأن كل إنسان يستحسن بذوقه أو فِكره شيئاً يتعبد به الله سوف يقوم به ، وحينئذٍ تحصل الفوضى بين الأمة الإسلامية ولا تتفق على دين واحد.اهـ

أيها الأخوة: إن من البدع والضلالات ، ما أحدثه بعض الناس في شهر رجب من قُرب وعبادات كعمرة وصيام وصلوات ، وغيرها من أنواع الطاعات ، كالعمرة الرجبية وصلاة الرغائب وغير ذلك ، فكل ما يروى فهو باطل لا أصل له ، فلم يرد في فضل شهر رجب حديث صحيح ، وإنما هي أحاديث موضوعة مختلقة مكذوبة.

قال الحافظ ابن حجر في تبيين العجب فيما ورد في فضل رجب(٦): لم يرد في فضل شهر رجب لا في صيامه ولا في قيام ليلة مخصوصة حديث صحيح.اهـ

-أيها الأخوة: إن الخير كل الخير باتباع السنة ،
كما جاء عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (خير الهدي هدي محمد) رواه مسلم(٨٦٧)

والشر كل الشر في ترك السنة ، كما جاء عن أنس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (فمن رغب عن سنتي فليس مني) رواه البخاري(٥٠٦٣) ومسلم(١٤٠١)

وعن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (تركتُكُم على البيضاء ليلُهُا كنهارها لا يَزيغُ عنها بعد إلا هالك)
رواه أحمد(٤/١٢٦) وابن ماجه(٤٣) وصححه الحاكم في المستدرك(١/١٧٥) والألباني في الصحيحة(٩٣٧)

فمن أراد الخير في الدنيا والآخرة ، فليتمسك بسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، ويبتعد عن محدثات الأمور.
قال الإمام مالك: السنة سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق) ذم الكلام(٨٨٥)

قال الإمام مالك: (ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها) ذكره ابن عبدالبر في التمهيد(١٠/٢٣)

كتبه/
بدر محمد البدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر

2 رجب 1438هـ