كلمات في الدعوة إلى الله – أحكام زكاة الفطر

-كلمات في الدعوة إلى الله.

-أحكام زكاة الفطر.

-أيها الأخوة: إن الصائم قد يقع منه خلل في صيامه ، كما يقع من المصلي خلل في صلاته ، فيجبر خلل الصيام بزكاة الفطر ، ويجبر خلل الصلاة بسجود السهو.

قال وكيع بن الجراح: زكاة الفطر لشهر رمضان ، كسجدتي السهو للصلاة ، تجبر نقصان الصوم ، كما يجبر السجود نقصان الصلاة) رواه الخطيب في تاريخه(١٠/٢٨٣)

-وزكاة الفطر شُرعت لحكمة عظيمة وهي طُهرة للصائم من اللغو والرفث.
قال ابن عباس رضي الله عنه: (فرض رسول الله عليه الصلاة والسلام زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث)
رواه أبو داود(١٦٠٩) وابن ماجه(١٨٢٧)وصححه الحاكم(١/٤٠٩)وحسنه ابن قدامة في المغني(٣/٤٢) والألباني في سنن أبي داود(١٦٠٩)
فالحكمة من مشروعية زكاة الفطر ، أنها طُهرة للصائم من اللغو والرفث ، يعني تكفر عن الصائم ما وقع منه وقت صيامه من كذب وغيبة ونميمة وغيرها من المحرمات.

-وزكاة الفطر ، واجبة من الواجبات ، دل على وجوبها الكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب ، فقوله تعالى:(قد أفلح من تزكى)
قال بعض أهل العلم: أنها زكاة الفطر.

وأما السنة: ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه قال: (فرض رسول الله عليه الصلاة والسلام زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين)
رواه البخاري(١٥٠٣) ومسلم(٢٢٧٥)

وأما الإجماع: فقد حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على وجوب زكاة الفطر. منهم ابن المنذر في الإجماع(٥٥)

-وتجب زكاة الفطر: على كل مسلم ، فيما فضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته ، فمن ملك قوتاً فاضلاً عن حاجته وحاجة عياله يوم العيد وليلته وجبت زكاة الفطر عنه.
ولا تجب زكاة الفطر على من لم يجد ما يفضل عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته ، بل يجب عليه تقديم قوت نفسه وقوت من يعول من زوجة وأولاد على غيرهم ، لما جاء عن جابر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ابدأ بنفسك ثم بمن تعول) رواه مسلم(٣/٧٨)

-وهنا تنبيه: الأولاد إذا كانوا في بيوت مستقلين عن والدهم ، وينفقون على أنفسهم ، فإنهم يخرجون زكاة الفطر عن أنفسهم ولا يخرجها عنهم والدهم لأنه لا يعولهم أي لا ينفق عليهم.

-ولا تجب زكاة الفطر على الفقير الذي لا يملك قوتاً ، قال تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).

-ولا تجب زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه بلا خلاف أعلمه ، ومن أخرج عنه جاز ذلك في قول أكثر أهل العلم.

-ولا تجب زكاة الفطر على الخادم الكافر ، وأما الخادم المسلم فلا بأس أن يخرج عنه كفيله زكاة الفطر.

-وزكاة الفطر صاع من قوت البلد من بر أو رز أو تمر ، فيخرج المسلم عنه صاع من طعام ، وصاع عن كل من يعول من أولاد وزوجات وعبيد.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا نُعطيها في زمن النبي عليه الصلاة والسلام صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من أقط أو صاعاً من زبيب)
رواه البخاري(١٥٠٦)ومسلم(٩٨٥)

وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (لا أُخرج أبداً إلا صاعاً) رواه أبو داود(١٦١٦)

-ومقدار الصاع: كيلوين ونصف ، ومن أخرج ثلاثة كيلو فهو أفضل وأحوط.
ومن أخرج أقل من صاع لم يُخرج الواجب ، ومن أخرج أكثر من صاع أخرج الواجب والزيادة له صدقة.

-ويجب على المزكي إخراج الطعام الجيد في زكاة الفطر ولا يخرج الردي ، قال تعالى: (من أوسط ما تُطعمون أهليكم) وقال تعالى: (ولا تيمموا الخبيث منه تُنفقون).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً) رواه مسلم(١٠١٥)

وأن يكون الطعام من غالب قوت البلد مما يأكله الآدمي ، قال شيخ الإسلام في الفتاوى(١٠/٤١٠): يُخرج من قوت بلده مثل الأرز وغيره.اهـ

-ولا يجوز إخراج القيمة ولا تجزئ ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام حددها بصاع من طعام ، فلا يجوز لأي أحد أن يجتهد مع وجود النص ، فلو كان المال يُجزئ في زكاة الفطر لأخرجه النبي عليه الصلاة والسلام ، وإنما فرض عليه الصلاة والسلام زكاة الفطر صاعاً من طعام.
قال العلامة ابن قدامة في المغني(٣/٤٨): قال أبو داود قيل لأحمد وأنا أسمع ، أَعطي دراهم-يعني في صدقة الفطر-قال: أخاف أن لا يجزئه خلاف سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام.اهـ

-وتعطى زكاة الفطر لفقراء ومساكين المسلمين ، وهي خاصة بهم ، فلا تعطى غيرهم.
قال ابن عباس رضي الله عنه: (فرض رسول الله عليه الصلاة والسلام زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطُعمة للمساكين)
رواه أبو داود(١٦٠٩) وابن ماجه(١٨٢٧)وصححه الحاكم(١/٤٠٩)
دل قوله: (طعمة للمساكين) أنها تصرف للمساكين ومثلهم الفقراء ، ولا تصرف لغيرهم من مصارف الزكاة الثمانية.
قال العلامة ابن القيم في الزاد(١/٢٤٥): وكان من هديه عليه الصلاة والسلام تخصيص المساكين بهذه الصدقة ، ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية ، ولا أمر بذلك ، ولا فعله أحد من أصحابه ، ولا مَن بعدهم.اهـ

ولا يجوز إعطاء زكاة الفطر لفقراء الكفار ، قال ابن قدامة في المغني(٣/٥٧): ولا يجوز دفعها إلى ذمي وبهذا قال مالك والليث والشافعي.اهـ

-وزكاة الفطر لها وقت محدد شرعاً ، فلا يجوز إخراجها قبل وقتها المحدد شرعاً ولا بعده ، ووقت إخراجها قبل صلاة العيد ، لما جاء عن ابن عمر رضي الله عنه قال: (أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بزكاة الفطر قبل خروج الناس إلى الصلاة) رواه البخاري(١٥٠٩)

ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين
قال ابن عمر رضي الله عنه: (كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين) رواه البخاري(١٥١١)

ومن أخرجها بعد صلاة العيد ، يأثم وعليه التوبة وتكتب له صدقة لا زكاة فطر ، كما في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (مَن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومَن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)
رواه أبو داود(١٦٠٩) وابن ماجه(١٨٢٧)
وصححه الحاكم(١/٤٠٩)

-كتبه/
بدر محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر.

٢٦ رمضان ١٤٣٨هـ