@ قاعدة مضطربة ذكرها التهانوي في الحديث الحسن @

– قاعدة مضطربة ذكرها التهانوي في الحديث الحسن –

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

قال التهانوي في قواعد في علوم الحديث(٧٢):
إذا كان الحديث مختلفاً فيه صححه أو حسنه بعضهم وضعفه آخرون فهو حسن ، وكذا إذا كان الراوي مختلفاً فيه وثقه بعضهم وضعفه بعضهم فهو حسن الحديث .اهـ

قلت: أما قوله:( إذا كان الراوي مختلفاً فيه وثقه بعضهم وضعفه بعضهم فهو حسن الحديث)
فهو كما قال لكن بشروط معروفة عند الأئمة بسطنا القول فيها في رسالة(قاعدة في الحديث الحسن)

وأما قوله( إذا كان الحديث مختلفاً فيه صححه أو حسنه بعضهم وضعفه آخرون فهو حسن)
فهذا كلام ليس بحسن بل فيه نظر
فإنه يلزم من هذه القاعدة أن الأحاديث إما حديث صحيح بلا خلاف في تصحيحه وإما حديث ضعيف بلا خلاف في تضعيفه وإما حديث حسن وهو ما اختلف الأئمة في تصحيحه وتضعيفه وهذا لم يقل به أحد.

ومن الأدلة على ضعف هذه القاعدة:
رواية الحسن عن أبي هريرة
الحسن البصري ثقة فقيه، اختلف الحفاظ في سماعه من أبي هريرة على قولين مشهورين.
قال ابن حجر في التهذيب(٢/٢٤٥)
قال يونس بن عبيد وأحمد وعلي بن المديني
وأبو حاتم وأبوزرعة وغيرهم: لم يسمع الحسن من أبي هريرة.
وقال أيضاً في التهذيب(٢/٢٤٧): ووقع في سنن النسائي من طريق أيوب عن الحسن عن أبي هريرة في المختلعات قال الحسن لم أسمع من أبي هريرة غير هذا الحديث أخرجه عن إسحاق بن راهوية عن المغيرة بن سلمة عن وهيب عن أيوب وهذا إسناد لا مطعن من أحد في رواته وهو يؤيد أنه سمع من أبي هريرة بالجملة.اهـ

– وكذلك رواية سليمان بن يسار عن عائشة
سليمان ثقة، اختلف الأئمة في سماعة من عائشة على قولين.
قال الصنعاني في السبل(١/٥١): قال البزار سليمان بن يسار لم يسمع من عائشة وسبقه إلى هذا الشافعي في الأم حكاية عن غيره، ورد ما قاله البزار بأن تصحيح البخاري له وموافقة مسلم له على تصحيحه مفيد لصحة سماع سليمان من عائشة.اهـ

– فمن يرى صحة سماع الحسن من أبي هريرة فإنه يصحح حديثه
ومن يرى عدم صحة سماعه منه فإنه يضعف حديثه بسبب الانقطاع
ولم يقل أحد من الأئمة إن حديث الحسن عن أبي هريرة حديث حسن لوقوع الخلاف في تصحيحه وتضعيفه.
وكذلك القول في رواية سليمان بن يسار عن عائشة.لم يقل أحد من أهل العلم إن حديث سليمان عن عائشة حسن لوجود الخلاف في سماعه منها
بل حديثه عنها صحيح مخرج في الصحيحين.

– من الأمثلة أيضاً على بطلان هذه القاعدة.
الحديث مرسل بعض الأئمة يصححه وبعضهم يضعفه، ذكر الخلاف في ذلك السيوطي في تدريب الراوي(١٥٤)
ولم يقل أحد من الأئمة أن الحديث المرسل حسن
لوقوع الخلاف في تصحيحه وتضعيفه.

فعُلم بذلك ضعف هذه القاعدة المضطربة
التي لم يقل بها أحد سوى التهانوي فيما أعلم.

كتبه
بدر محمد البدر

التعليقات معطلة.