-ك-كلمات في الدعوة إلى الله:
-الكلمة/ الإيمان بعذاب القبر.
-عباد الله: إن من أصول الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة ، الإيمان باليوم الآخر ، قال تعالى: (والذين يؤمنون بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلك وبالأخرة هم يوقنون)
وعن عمر رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام قال للنبي عليه الصلاة والسلام: أخبرني عن الإيمان؟ قال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر تؤمن بالقدر خيره وشره) قال : صدقتَ. رواه مسلم(٨)
ومن الإيمان باليوم الآخر ، الإيمان بعذاب القبر ونعيمه وسؤال الميت في قبره ، والقبر أول منزل من منازل الآخرة ، قال عثمان رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (إن القبر أول منازل الآخرة ، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه)رواه الترمذي(٢٣٠٨)وحسنه ، وابن ماجه(٤٢٦٧)وحسنه ابن حجر في الفتوحات الربانية(٤/١٩٢) والألباني في سنن الترمذي(٢٣٠٨)
وعذاب القبر حق لا ريب فيه ، دل عليه الكتاب والسنة والإجماع ، وهو على الروح والبدن معاً:
أما الكتاب: فقوله تعالى: عن آل فرعون (النار يعرضون عليها غدواً وعشياً) يعني في قبورهم (ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب)
وقال تعالى: (ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً) يعني في قبره (ونحشره يوم القيامة أعمى).
وأما السنة: فقد تواترت الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام في سؤال الميت في قبره وأنه إما في نعيم في قبره وإما في جحيم ، وقد نص غير واحد من أهل العلم على تواتر الأحاديث منهم: الإمام ابن القيم في كتاب الروح(٥٢) والعلامة الزبيدي في كتاب لقط اللآلي المتناثرة في الأحاديث المتواترة(٢١٣)
-والإجماع: قال الإمام ابن القيم في كتاب الروح(٥٧): عن عذاب القبر وسؤال الميت في قبره ، قال: هو متفق عليه بين أهل السنة ، قال أبو عبدالله الإمام أحمد: عذاب القبر حق لا ينكره إلا ضال مضل.اهـ
-عباد الله: إن من الأحاديث الواردة في عذاب القبر وسؤال الميت في قبره ، ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الميت إذا وُضع في قبره إنه يسمعُ خفقَ نعالِهم حين يُولون مُدبرين
فإنْ كان مؤمنًا
كانت الصلاة عند رأسه
وكان الصيام عن يمينه
وكانت الزكاة عن شماله
وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه.
فيُؤتى من قِبل رأسه فتقول الصلاة: ما قِبلي مدخل ،
ثم يُؤتى عن يمينه فيقول الصيام: ما قِبلي مَدخل ،
ثمَّ يُؤتَى عن يساره فتقول الزكاة: ما قِبلي مَدخل ،
ثمَّ يُؤتى من قِبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس: ما قِبَلي مدخل.
فيُقال له: اجلس فيجلس قد مُثِلتْ له الشمس ، وقد أذِنت للغروب.
فيُقالُ له: أرأيتُكَ هذا الذي كان قبلَكُم ، ما تقول فيه ، وماذا تشهد عليه؟
فيقول: دعوني حتى أُصلي ، فيقولون: إنك ستفعل ، أخبرنا عما نسألُك عنه ، أرأيتُكَ هذا الرجل الذي كان قبلَكُم ، ماذا تقولُ فيه وماذا تشهد عليه؟
قال: فيقول: محمد ، أشهد أنه رسولُ الله ، وأنه جاء بالحق من عند الله.
فيقالُ له: على ذلك حَييتَ ، وعلى ذلك مت ، وعلى ذلك تُبعثُ إن شاء الله.
ثم يُفتَحُ له باب من أبواب الجنة فيقال له هذا مقعدُك منها وما أعد الله لك فيها، فيزداد غبطة وسروراً ،
ثم يُفتحُ له باب من أبواب النار فيقال له: هذا مقعدُكَ وما أعد الله لك فيها لو عصيتَه فيزداد غبطة وسروراً.
ثم يُفسحُ له في قبره سبعون ذراعاً ، ويُنَورُ له فيه.
ويُعادُ الجسد لما بُدئَ منه فتُجعلُ نسَمتُهُ في النسم الطيب وهي طيرٌ تُعلَقُ من شجر الجنة.
فذلك قولُه : (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ)
وإن الكافر إذا أُتي من قِبَل رأسه لم يُوجد شيء ثم أُتي عن يمينه فلا يُوجد شيء ثم أُتي عن شماله فلا يُوجد شيء ثم أُتي من قِبل رجليه فلا يُوجد شيء فيُقال له: اجلس فيجلس مَرعوبًا خائفًا.
فيُقال أرأيتُكَ هذا الرَّجلَ الذي كان فيكم ماذا تقولُ فيه وماذا تشهد عليه؟
فيقولُ : أيُّ رجل؟ ولا يهتَدي لاسمه ، فيُقالُ له: محمد ،
فيقولُ: لا أدري ، سمعتُ الناس قالوا قَولًا ، فقلتُ كما قال الناس ،
فيُقال له: على ذلك حييت وعليه مت وعليه تُبعثُ إن شاء الله.
ثم يُفتحُ له باب من أبواب النار فيقال له: هذا مقعدُك من النار وما أعدَ الله لك فيها فيزدادُ حسرة وثُبوراً ،
ثم يُفتحُ له باب من أبواب الجنة فيقال له: هذا مقعدُك منها وما أعد الله لك فيها لو أطعتَهُ فيزدادُ حسرة وثُبوراً ،
ثم يُضيق عليه قبرُهُ حتى تختلف فيه أضلاعُهُ
،فتلك المعيشةُ الضنكةُ التى قال الله: فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى )
رواه ابن حبان في صحيحه(٣١٠٣)
وحسنه الألباني في الترغيب والترهيب(٤/١٨٨)
وجاء في رواية لابن حبان(٣١٠٧) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (إذا قُبر أحدكم أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما منكر وللآخر نكير ، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد عليه الصلاة والسلام فإن كان مؤمناً ، قال: (هو عبد الله ورسوله وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
فيقولان له: إن كنا لنعلم أنك تقول ذلك ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعاً وينور له فيه ويقال له: نم ، وإن كان منافقاً قال: لا أدري كنت أسمع الناس يقولون شيئاً فكنت أقوله ، فيقولان له: كنا نعلم أنك تقول ذلك ، ثم يقال للأرض التئمي عليه فتلتئم حتى تختلف فيها أضلاعه فلا يزال معذباً حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك).
-عباد الله: تعوذوا بالله من عذاب القبر ، وأكثروا من التعوذ ، فإن نبينا عليه الصلاة والسلام كان يتعوذ من عذاب القبر ، قالت عائشة رضي الله عنها سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يستعيذ من عذاب القبر) رواه البخاري(١٠٤٩) ومسلم(٥٨٤)
واسألوا ربكم الثبات حال السؤال ، واعملوا لذلكم اليوم العصيب ، ذلكم اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من آتى الله بقلب سليم ، فإن الإنسان إذا مات لا يدفن معه ماله ولا يدفن معه ولده وإنما معه العمل ، قال أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يتبع الميت ثلاثة: أهله و عمله وماله ، فيرجع اثنان ، ويبقى واحد ، يرجع أهله وماله ويبقى عمله) رواه البخاري(٦٥١٤) ومسلم(٢٩٦٠)
فالسعيد من عمل في دنياه لآخرته ، وعلم أنه ميت لا محاله ، فأعد الأعمال الصالحة لذلك اليوم ، والشقي من فرط في دنياه وعمل المعاصي ولم يعمل خيراً قط.
جاء عن البراء رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام في جنازة فجلس على شَفير القبر فبكى حتى بل الثرى ثم قال: (يا إخواني لمثل هذا فأعدوا)
رواه ابن ماجه(٤٣٧٠) وحسنه الألباني في الصحيحة(١٧٥١)
-اللهم إنا نعوذ بك من عذاب القبر ، اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القبر ، اللهم اجعل قبورنا روضة من رياض الجنة ولا تجعلها حفرة من حفر النار.
كتبه/
بدر محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد
١٧ ذو القعدة ١٤٣٨هـ