كلمات في الدعوة إلى الله – فضل العشر الأُول من ذي الحجة

-كلمات في الدعوة إلى الله.

-الكلمة/ فضل العشر الأُول من ذي الحجة.

-عباد الله: ها هي أيام العشر الأول من ذي الحجة قد أقبلت ، وهي أيام فاضلة ، أيام أقسم الله عزوجل بها ، والله سبحانه وتعالى عظيم ولا يقسم إلا بعظيم ، فأقسم بهذه الأيام لبيان عظمها عنده ، قال تعالى: (والفجر وليال عشر)
قال ابن عباس رضي الله عنه: (إن الليالي العشر التي أقسم الله بها هي ليالي العشر الأول من ذي الحجة) رواه الطبري في تفسيره(٢٤/٣٩٦)
وقال عبدالله بن الزبير رضي الله عنه: (الليالي العشر ، أول ذي الحجة إلى يوم النحر) رواه الطبري في تفسيره(٢٤/٣٩٦)

-ولعظم مكانة أيام العشر الأول من ذي الحجة ، تنازع العلماء هل هي أفضل أم العشر الأواخر من رمضان؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى(٢٥/١٥٤): أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان ، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة.اهـ

وقال الإمام ابن القيم في بدائع الفوائد(٣/٦٦٠): ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة ، فيها يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية.
وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الأحياء التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها، وفيها ليلة خير من ألف شهر.اهـ

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح(٢/٤٦٠): والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه ، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره.اهـ

-عباد الله: يستحب للمسلم أن يجتهد بأنواع العبادات في العشر الأول من ذي الحجة ، لأنها أيام فاضلة والعمل الصالح فيها أحب إلى الله من العمل في غيرها من أيام السنة.
عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر)فقالوا: ولا الجهادُ في سبيل الله ،
قال: (ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)
رواه البخاري(٩٦٩) وأبو داود(٢٤٣٨)والترمذي(٧٥٧)

وعن جابر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام أفضل عند الله من أيامَ عشر ذي الحجة) ، فقال رجلٌ: يا رسول الله هن أفضل أم عِدتهن جهاداً في سبيل الله؟ قال: (هن أفضل من عدتهن جهاداً في سبيل الله) رواه ابن حبان في صحيحه(٣٨٥٣)
وصححه الألباني لشواهده في صحيح الترغيب(١١٥٠)

قال الحفاظ ابن رجب في لطائف المعارف(٣٦٥): وقد دل هذا الحديث على أن العمل في أيام العشر أحب إلى الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء منها ، وإذا كان أحب إلى الله فهو أفضل عنده.اهـ

-فيستحب في أيام العشر: التبكير إلى الصلاة المفروضة ، والإكثار من النوافل لا سيما قيام الليا.
لعموم قول النبي عليه الصلاة والسلام: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر) والصلاة من العمل الصالح ، لذلك كان بعض السلف الصالح يجتهدون في العشر الأول من ذي الحجة ما لا يجتهدون في غيرها من أيام السنة.
كان سعيد بن جبير رحمه الله إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يقدر عليه. رواه الدارمي في مسنده(١٨١٥)بسند صحيح.

قال الحافظ ابن رجب في اللطائف(٣٦٩): قيام ليالي العشر من ذي الحجة مستحب ، وكان سعيد بن جبير إذا دخل العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه. وروي عنه أنه قال: لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر.اهـ

-يستحب في أيام العشر الإكثار من ذكر الله.
قال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات)
قال ابن عباس: (الأيام المعلومات أيام العشر) رواه البخاري معلقاً(٢/٥٢٥)بصيغة الجزم.

وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر فاكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) رواه أحمد(٥٤٤٦) وأبو عوانة في صحيحه(٣٠٢٤)
وصححه أحمد شاكر في المسند(٥٤٤٦) وضعفه آخرون ، وله شاهد عن ابن عباس رواه الطبراني في الكبير(١١١١٦)والبيهقي في الشعب(٣٧٥٧) قال المنذري في الترغيب والترهيب(٧٣٣) إسناده جيد.
وضعفه ابن حجر في الفتح(٢/٥٢٩)

وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما) رواه البخاري معلقاً(٢/٥٢٥)بصيغة الجزم.

-والتكبير في العشر له حالتان:
الأولى: تكبير مطلق: ويبدأ من دخول العشر من ذي الحجة.
الثاني: تكبير مقيد ، يعني مقيد بأدبار الصلوات المفروضة: ويبدأ من فجر يوم عرفة لغير الحاج وللحاج بعد رمي جمرة العقبة ، وينتهي بمغيب شمس آخر يوم من أيام التشريق.

-ويستحب في أيام العشر: الإكثار من الصيام.
والأفضل صيام التسع الأول من ذي الحجة كلها ، لما ثبت عن بعض أزواج النبي عليه الصلاة والسلام قالت: (كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يصوم تسع ذي الحجة) رواه أبو داود(٢٤٣٧)وصححه الألباني في سنن أبي داود(٢٤٣٧)

قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في اللطائف(٣٦٨): وممن كان يصوم العشر عبدالله بن عمر رضي الله عنه والحسن البصري وابن سيرين وقتادة وهو قول أكثر العلماء.اهـ

ومن لم يستطع صيام التسع كلها ، فليصم بعضها ، ويفطر وبعضها ، فإن لم يستطع ، فليصم يوم عرفة.
عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام سُئل عن صوم يوم عرفة؟ فقال: (يكفر السنة الماضية والباقية) رواه مسلم(١١٦٢)
وهذا لغير الحاج ، وأما الحاج فالسنة في حقه الفطر يوم عرفة لا الصيام ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يصم يوم عرفة لما حج ، رواه البخاري(١٥٧٥)عن أم الفضل رضي الله عنها.

وعن ابن أبي نَجيح عن أبيه أن رجلاً سأل عبدالله بن عمر رضي الله عنه عن صوم يوم عرفة ، فقال: (حججت مع رسول الله عليه الصلاة والسلام فلم يصمه ومع أبي بكر فلم يصمه ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه وأنا لا أصومه ولا آمرك ولا أنهاك عنه) رواه الترمذي(٧٥١) وحسنه ، وقال: العمل عليه عند أكثر أهل العلم.

-عباد الله: وهنا أمر يُحسن التنبيه عليه ، وهو أن
من أراد أن يضحي فلا يأخذ من ظفره ولا شعره ولا بشره إذا دخلت العشر الأول من ذي الحجة.
كما جاء في الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره) رواه مسلم(١٩٧٧)وفي رواية لمسلم(١٩٧٧) (فلا يمس من شعره وبشره شيئاً)
ظاهر الحديث أن الإمساك عن قص الشعر والظفر والبشرة ، يلزم من أراد أن يضحي فقط دون باقي أفراد أسرته وهذا هو الصحيح.
ويبدأ وقت الإمساك عن قص الشعر والظفر والبشرة ، برؤية هلال ذي الحجة ، أو بمغيب شمس آخر يوم من ذي القعدة إذا لم ير الهلال.
ومن أخذ من شعره أو ظُفره أو بشره ناسياً فلا شيء عليه ، ومن فعله متعمداً فعليه التوبة إلى الله ويمسك ما بقي من أيام العشر وأضحيته صحيحة.

كتبه/
بدر محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد

24 ذو القعدة 1438هـ