كلمات في الدعوة إلى الله – أسباب انشراح الصدر

-كلمات في الدعوة إلى الله.

-أسباب انشراح الصدر.

عباد الله: قد يبتلى العبد بموت قريب له أو فقدان مال أو ذهاب صحة أو أذى الناس أو غيرها من المصائب ، فيصيبه الحزن والهم والغم ويضيق صدره بما أصابه.
فعلى العبد إذا أُبتلي بمصيبة من تلك المصائب ، أن يكثر من ذكر الله عزوجل ، ويسارع إلى الصلاة ، يقف بين يدي ربه عزوجل ويناجيه.
فإن ذكر الله عزوجل يذهب الحزن والهم والغم وكذا الصلاة تذهب الحزن والهم والغم.

قال ربنا سبحانه وتعالى لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام ، (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون) أي: ولقد نعلم بضيق صدرك بسبب ما يقوله كفار قريش فيك وفي دعوتك ، (فسبح بحمد ربك وكن من السـٰجدين)
قوله: (فسبح بحمد ربك) هذا أمر بذكر الله ، أي أكثر من ذكر ربك وتسبيحه وتحميده.
وقوله: (وكن من السـٰجدين) هذا أمر بالصلاة.
أي: فافزع إلى ربك عند ضيق صدرك ، وسبح بحمده وكن من المصلين ، فإن ذلك يوسع صدرك ويشرحه.

فبيّن ربنا سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريم أسباب انشراح الصدر ، وأنه يكون بشيئين اثنين:
الأول: ذكر الله عزوجل ، قال تعالى(فسبح بحمد ربك) فذكر الله فيه انشراح الصدر ، وفيه طمأنينة القلب ، فإذا أكثر العبد من ذكر ربه عزوجل انشرح صدره واطمأن قلبه ، قال تعالى: (الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) فالمؤمن يأنس بذكر ربه عزوجل ، يأنس بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير.

وبذكر الله تحيا القلوب ، قال الإمام ابن القيم في الوابل الصيب(٥٠):حياة القلب بشيئين: الاستغفار والذكر.اهـ

والثاني: الصلاة ، قال تعالى: (وكن من الساجدين)
والصلاة صلة بين العبد وربه عزوجل ، وهي سعادة المؤمن وراحته ، فإذا صلى العبد لربه عزوجل انشرح صدره وارتاح قلبه وانجلى همه.
جاء في الحديث عن رجل من خزاعة قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: (أقم الصلاة يا بلال أرحنا بها) رواه أحمد(٢٣٠٨٨) وأبوداود(٤٩٨٥)وصححه الألباني في صحيح الجامع(٧٨٩٢)
فقلب المؤمن يطمأن ويسترح إذا دخل في الصلاة ، لأنه يقف بين يدي ربه عزوجل ، ويناجي ربه عزوجل ، فيسترح من الهم والغم ، وينشرح صدره ويطمئن ، قال تعالى: (يا أيها الذين ءامنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)

وكان النبي عليه الصلاة والسلام إذا أحزنه أمر من الأمور سارع إلى الصلاة.
عن حذيفة رضي الله عنه قال: (كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا حزَبهُ أمرٌ صلى) رواه أبو داود(١٣١٩) صححه السيوطي في الجامع(٦٦٢٣) وحسنه الألباني في صحيح الجامع(٤٧٠٣)

قال العلامة المناوي في الفيض (٦/٤٤٥): (كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا حزَبهُ أمرٌ صلى) لأن الصلاة معينة على دفع جميع النوائب بإعانة الخالق الذي قصد بها الإقبال عليه والتقرب إليه فمن أقبل بها على مولاه حاطه وكفاه لإعراضه عن كل ما سواه.اهـ

فالصلاة هي راحة المؤمن وسعادته قرة عينه ، جاء في الحديث عن أنس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (وجُعلت قُرَّةُ عيني في الصلاة)
رواه أحمد(٣/١٢٨) والنسائي(٣٩٥٠)
قال المناوي في الفيض(٤/٣٢٠): صححه الحاكم ، وقال العراقي: إسناده جيد ، وقال ابن حجر: حسن.اهـ
وصححه الألباني في صحيح الجامع(٣١٢٤)
وحسنه الوادعي في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين(١٠٠)

قال العلامة الصنعاني في التنوير (٥/٣٢٠): قوله(جعلت قرة عيني في الصلاة) قرة عينه لما فيها من مناجاته لمولاه ولذا خصها من بين أركان الدين.اهـ

-عباد الله: إن الغفلة عن ذكر الله ، والغفلة عن أداء الصلاة ، سبب من أسباب ضيق الصدر وعدم الطمأنينة والاستقرار.
والقلب يصدأ ويمرض ، إذا غفل العبد عن ذكر الله وغفل عن الصلاة وترك الواجبات ووقوع في المحرمات.

قال الإمام ابن القيم في الوابل الصيب(٥٠): صدأ القلب بأمرين: الغفلة والذنب.اهـ

فإذا رأى العبد أن قلبه لا يطمأن ولا ينشرح فليزم ذكر الله ويلزم الاستغفار ويحافظ على الواجبات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى(٥/٦٢): وإذا رأى المرء أنه لا ينشرح صدره ، ولا يحصل له حلاوة الإيمان ونور الهداية ، فليكثر التوبة والاستغفار، وليُلازم الاجتهاد بحسب الإمكان ، فإن الله تعالى يقول: (والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهُم سُبُلنا) وعليه بإقامة الفرائض ظاهرًا وباطناً.اهـ

-والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

كتبه/
بدر محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد
١٧ ذي الحجة ١٤٣٨هـ