كلمات في الدعوة إلى الله – وجوب طاعة ولاة الأمور وحُرمت الخروج عليهم

-كلمات في الدعوة إلى الله.

-الكلمة/ وجوب طاعة ولاة الأمور وحُرمة الخروج عليهم.

الحمدُ لله وحده والصلاةُ والسلامُ على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

عباد الله: إن من أصول الإعتقاد عند أهل السنة والجماعة ، السمع والطاعة لولي الأمر ، كما دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع.

– أما الكتاب: فقوله تعالى ( ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )
قال الإمام الطبري في تفسيره(٦/٤٢٨):( وأولي الأمر منكم) هم الأمراء على قول الجمهور كأبي هريرة وابن عباس وغيرهما.

-وأما السنة: فقد تكاثرت الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام في وجوب السمع والطاعة لولي الأمر حتى بلغت مبلغ التواتر ، منها:
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وعلى ألا ننازع الأمر أهله)أخرجه البخاري(٧٠٥٥)

وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)
أخرجه البخاري(٧١٤٤) ومسلم(١٨٣٩)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك)
رواه مسلم (١٨٣٦)

وعن حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اسمع وأطع وإن أخذ مالك وضرب ظهرك) رواه مسلم في صحيحه(١٨٤٧)وله عدة شواهد.

– وأما الإجماع: فقد أجمع عامة أهل السنة والجماعة لا خلاف بينهم على وجوب السمع والطاعة لولي الأمر ، نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم منهم الحافظ النووي في شرح مسلم (١٢/٢٢٩) وشيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة(٥/٥٢٩).

والسمع والطاعة لولي الأمر فيه مصالح كثيرة على البلاد والعباد ، من هذه المصالح:
أنه طاعة لله عزوجل وطاعة لرسوله عليه الصلاة والسلام.
ومنها: ضبط الأمن في البلد ، وتأمين الطُرق للناس.
ومنها: حماية الشريعة وإلزام الناس بها.
ومنها: عدم ضياع حقوق الناس وإعطاء كل ذي حق حقه.
ومنها: عدم تعطيل أعمال الناس ومصالهم.
وغير ذلك من المصالح الكثيرة.

-وأما عدم السمع والطاعة لولي الأمر والخروج عليه ففيه مفاسد كثيرة ، وهو محرم من المحرمات ، وكبيرة من كبائر الذنوب كما نص على ذلك الحافظ الذهبي في كتاب الكبائر(١٥١)

وهو أصل من أصول أهل الجاهلية ، قاله الإمام محمد بن عبدالوهاب في مسائل الجاهلية(٣٤)

وأصل من أصول أهل البدع كالخوارج والروافض ، قال العلامة عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ كما في الدرر السنية(٩/٩٢): فطاعة ولي الأمر وترك منازعته هي فصل النزاع بين أهل السنة وبين الخوارج والرافضة.اهـ

وأصل كل شر وفتنة ، قال الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين(٣/٦) عن الخروج على ولي الأمر: فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر.اهـ

-والخروج على ولي الأمر يكون بشيئين اثنين:
الأول: خروج بالقول: كأن يسب ولي الأمر أو يكذب عليه أو يقلل من شأنه وهيبته في المجالس العامة والخاصة أو في المحاضرات والخطب أو في الكتابات والمقالات.
وأول خروج حصل في الأمة الإسلامية بدأ بالقول ، لما تجمع الخوارج في المدينة وطعنوا في عدالة وأمانة أمير المؤمنين الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وكذبوا عليه ورموه بالتهم الباطلة ، ثم حملوا السلاح عليه وقتلوه غدراً وهو قائم يصلي في جوف الليل في بيته.

قال العلامة ابن عثيمين في شرح الرياض(٢/٥٩٥): لا يجوز لنا أن نتكلم بين العامة فيما يثير الضغائن على ولاة الأمور وفيما يسبب البغضاء لهم ، لأن في ذلك مفسدة كبيرة.اهـ

وقال العلامة الفوزان في شرح مسائل الجاهلية(٣٧): أما الكلام في ولاة الأمور وسبهم واغتيابهم فهذا من الغش لهم ، لأنه يؤلب الناس عليهم ويفرح أهل الشر ، وهذا من الخيانة لولاة الأمور.اهـ

والثاني: خروج بالفعل ، وخروج الفعل له صور ،
منها: الخروج بالمظاهرات والإعتصامات في البلد ضد ولي الأمر ، ويسعون في الأرض فساداً بنشر الفوضى وبث الرعب بين الناس وتعطيل المصالح وتخريب الممتلكات ، ثم تكبر هذه الفتنة وتكبر ويتحول خروج المظاهرات إلى خروج بالسلاح.
وانظروا يا عباد الله ماذا حدث في البلدان الإسلامية ، لما خرج الشعب على الحكام باسم المظاهرات السلمية ، والاعتصامات السلمية ، والمطالبة بالحرية ، وشجعهم على هذا الخروج دعاة الشر دعاة الفتن دعاة الخراب والدمار ، وجوزوا لهم المظاهرات ، التي حرمتها الشريعة الإسلامية.
والنتيجة: أنفس قتلت وبيوت هُدمت وأعراض أُغتصبت وأموال سُرقت ومزارع حُرقت ، وغير ذلك من المفاسد الكبار.

ومنها: الخروج بإنشاء فرق وأحزاب وجماعات ويعين لهذه الفرق الأحزاب والجماعات أمراء يبايع لهم أعضاء الحزب والجماعة كما يبايع المسلمون ولي أمرهم ، ويَسمعون ويَطيعون لأمير الحزب والجماعة ، ولا يسمعون ولا يطيعون لولي أمرهم ، ولا يرون له بيعة ، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية) رواه مسلم(١٨٥١)
دل هذا الحديث: على أن من خرج على ولي أمره أو لا يرى لولي أمره طاعة ، فمات على هذه الحالة مات ميتة جاهلية.

قال الحافظ الذهبي في الكبائر(١٥٣): وأيّ جرم أعظم من أن تُبايع رجلاً ثم تنزعَ يدَكَ من طاعته وتنكث الصفقة وتقاتله بسيفك أو تخذلَه حتى يُقتل.اهـ

-اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم إنا نسألك الثبات على التوحيد والسنة ونعوذ بك من الشرك والبدعة.

كتبه/
بدر محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد

٢٤ ذي الحجة ١٤٣٨هـ