كلمات في الدعوة إلى الله – حرمة الطيرة

-كلمات في الدعوة إلى الله.

-الكلمة/ حرمة الطيرة.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

فإن من أعمال أهل الجاهلية التي نهانا الله عزوجل عنها ، ونهانا رسول الله عليه الصلاة والسلام عنها، النهي عن الطيرة ، والطيرة بكسر الطاء وفتح الياء ، هي التشاؤم بالشيء المرئي أو المسموع أو المعلوم.
التشاؤم بالمرئي كأن يرى شيئاً فيتشاءم منه ، كالذي يتشاءم إذا رأى حادثاً أوحريقاً.
والتشاؤم بالمسموع كأن يسمع صوتاً فيتشاءم منه ، كالذي يتشائم إذا سمع صوت الغراب.
والتشاؤم بالمعلوم كأن يشتاءم من شهر معين أو يوم معين ، كالذي يتشاءم في شهر صفر أو يوم الأربعاء.

-والمتطير لا يخلو من ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يستجيب لذلك الداعي ويترك ما كان عازماً على فعله ، وهذا نقص في التوحيد.
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من ردتْه الطيرة من حاجته فقد أشرك)رواه أحمد(٧٠٤٥) وهو حسن بطرقه.

الحالة الثانية: أن لا يستجيب لذلك الداعي ، لكنه يؤثر في قلبه حزناً وهماً وغماً ، وهذا نقص في التوحيد أيضاً وهو دون الأول.

الحالة الثالثة: أن لا يستجيب لذلك الداعي ويتوكل على الله.وهذا من كمال التوحيد.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (الطيرة شرك ، وما منا إلا ولكن يذهبه الله بالتوكل)
رواه أحمد(٣٦٨٧) وأبو داود(٣٩١٠)وصححه الترمذي(١٦١٤) وابن حبان(٦٠٨٩)والحاكم(١/٦٤) وآخره مدرج من كلام ابن مسعود رضي الله عنه.

والتطير نوعان:
الأول: شرك أكبر ، وهو إذا اعتقد أن المؤثر لإيجاد الشر هو نفس ما تطير به ، فهذا جعل مع الله شريكاً ، وهذا شرك في الربوبية.
قال تعالى عن آل فرعون: (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تُصبهم سيئة يَطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكنّ أكثرهم لا يعلمون)
أي: أن آل فرعون كانوا إذا أصابتهم نعمة فرحوا بها وقالوا نحن مستحقون لها ، وإذا أصابتهم نغمة قالوا هذا بسبب وجود موسى بيننا. فقال تعالى لهم: (ألا إنما طائرهم عند الله) أي ما أصابكم من نغم بسبب كفركم بالله عزوجل.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (الطيرة شرك الطيرة شرك)
رواه أحمد(٣٦٨٧) وأبو داود(٣٩١٠)وصححه الترمذي(١٦١٤) وابن حبان(٦٠٨٩)والحاكم(١/٦٤)

وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من ردتْه الطيرة من حاجته فقد أشرك) قالوا: يا رسول الله ما كفارة ذلك؟ قال: (أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرُك ، ولا طير إلا طيرُك ، ولا إله غيرُك) رواه أحمد(٧٠٤٥) وهو حسن بطرقه.

الثاني: شرك أصغر ، منافٍ لكمال التوحيد ، وهو إذا اعتقد أن النافع الضار هو الله ، ولكن يظن أن هذه علامات ، كما كان أهل الجاهلية يتشاءمون بالعلامات.
ومن العلامات التي كان يتشائم منها أهل الجاهلية ، التشاؤم بشهر صفر ، فقد كانوا لا يتزوجون في شهر صفر ، ولا يسافرون فيه.
جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر) رواه البخاري(٥٧٥٧) ومسلم(٢٢٢٠)
قوله: (ولا صفر)هذا نفي وهو أبلغ من النهي ، ينفي النبي عليه الصلاة والسلام ما كان عليه أهل الجاهلية من التشاؤم بشهر صفر ، كانوا يقولون: شهر صفر شهر شؤم.
فأبطل النبي عليه الصلاة والسلام هذا المعتقد الفاسد ، لأن الأزمنة والأوقات لا تنفع ولا تضر ، والنافع الضار هو الله عزوجل.

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لا طيرة ، والطيرة على مَن تطير) رواه ابن حبان في صحيحه(٦٠٩٠)

-قال العلامة ابن عثيمين في القول المفيد(٣٤٣): اعلم أن التطير ينافي التوحيد ووجه منافاته له من وجهين:
الأول: أن المتطير قطع توكله على الله واعتمد على غير الله.
الثاني: أن المتطير تعلق بأمر لا حقيقة له بل هو وهم وتخييل.اهـ

-عباد الله: كان النبي عليه الصلاة والسلام يعجبه الفأل وينهى عن التطير.
جاء في الحديث عن أنس قال: قال رسول الله: (لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل) قالوا: وما الفأل؟ قال: (الكلمة الطيبة) رواه البخاري(٥٧٧٦) ومسلم(٢٢٢٤)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان النبي عليه الصلاة والسلام يعجبه الفأل ويكره الطيرة) رواه ابن ماجه(٣٦٠٢) حسنه ابن حجر في الفتح(١٠/٢٢٥)وقال الألباني في سنن ابن ماجه(٣٦٠٢): حسن صحيح.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يُعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع: (يا راشد يا نَجيح) رواه الترمذي(١٦١٦)وقال:حديث حسن صحيح.
وصححه الألباني في سنن الترمذي(١٦١٦)

فالفأل من باب حسن الظن بالله عزوجل ، ولهذا كان الفأ ممدوحاً ، والتشاؤم من باب سوء الظن بالله عزوجل ، ولهذا كان الشؤم مذموماً.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح(١٠/٢٢٥): قال الخطابي: الفرق بين الفأل والطيرة ، أن الفأل من طريق حسن الظن بالله ، والطيرة لا تكون إلا في السوء.اهـ

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية

٧ صفر ١٤٣٩هـ