كلمات في الدعوة إلى الله – لا تغضب

-كلمات في الدعوة إلى الله.

-الكلمة/ لا تغضب.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

عباد الله: إن الغضب من الأخلاق التي ينبغي الحذر منها أشد الحذر ، والغضب هو شدة ثوران الدم في قلب الإنسان لقصد الانتقام.
يروى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: (إن الغضب جمرة في قلب ابن آدم تتوقد)رواه أحمد(١١٥٨٧)ورجاله ثقات سوى علي بن جدعان فيه ضعف.

-والغضب من المخلوقين له حالتان:
الأول: غضب محمود ، وهو غضب المرء لأجل الدين.
كالغضب لله عزوجل أو الغضب لرسول الله عليه الصلاة والسلام أو الغضب للإسلام ، هذا غضب ممدوح.

قال سبحانه وتعالى عن موسى عليه السلام لما عبد بنو إسرائيل العجل (ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفاً قال بئسما خلفتموني من بعدي)يعني بئسما صنعتم في عبادتكم العجل بعد أن ذهبت وتركتكم.

وكان نبينا عليه الصلاة والسلام لا يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله ، فيغضب لله.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (والله ما انتقم رسول الله عليه الصلاة والسلام لنفسه في شيء يؤتى إليه قط حتى تنتهك حرمات الله فينتقم لله)
رواه البخاري(٦٧٨٦) ومسلم(٢٣٢٧)

الثاني: غضب مذموم ، وهو غضب المرء لأجل الدنيا.
وهذا نزغة من نزغات الشيطان ، وقد ينشأ عنه أفعال محرمة: كالقتل أو الضرب أو غير ذلك.
أو ينشأ عنه أقوال محرمة: كالقذف أو اللعن أو الفحش أو غير ذلك.

-وينبغي للمرء أن يمسك نفسه عند الغضب.
فإن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر من سأله ما يمنعه من غضب الله ، فقال: لا تغضب.
كما جاء عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما يمنعني من غضب الله؟ قال عليه الصلاة والسلام: (لا تغضب) رواه ابن حبان في صحيحه(٢٩٦)

وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام من سأله ما يدخلني الجنة ، فقال: لا تغضب.
كما في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام قال علمني ما يدخلني الجنة فقال: (لا تغضب) رواه الخرائطي في مساوي الأخلاق(٣١٢)
وفي رواية أن أبا الدرداء رضي الله عنه قال: يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة ، قال:(لا تغضب) رواه الطبراني كما في فتح الباري(١٠/٥٣٦)

وأوصى النبي عليه الصلاة والسلام من سأله الوصية ، فقال: (لا تغضب).
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي عليه الصلاة والسلام أوصني ، قال: (لا تغضب) فردد مراراً ، قال: (لا تغضب) رواه البخاري(٦١١٦)
وهذا الرجل قيل جارية بن قدامة كما في رواية ابن حبان في صحيحه(٥٦٦٠)

قوله(لا تغضب ) يحتمل: لا تغضب إذا أتتك دواعي الغضب. بل اكظم غيظك ، وكظم الغيظ ممدوح.
قال تعالى(والكـٰظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)
وعن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من كظم غيظاً وهو قادر على أن يُنفذه دعاه الله عزوجل على رؤوس الخلايق يوم القيام حتى يُخيره الله من الحور العين ما شاء) رواه أبو داود(٤٧٧٧) والترمذي(٢٠٢١) وحسنه ، وابن ماجه(٤١٨٦)
وحسنه الألباني في صحيح الجامع(٦٥١٨)

ويحتمل: لا تسعَ فيما يغضبُك. وعليك بالتغافل.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح(١٠/٥٣٦): قال الخطابي معنى قوله(لا تغضب)أي اجتنب أسباب الغضب ولا تتعرض لما يجلبه.اهـ

-عباد الله: إن للغضب علاج ، أرشدنا إليه نبينا عليه الصلاة والسلام ، وحثنا عليه ، وهو:
الأول: علاج لفظي: وهو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
عن سليمان بن صُرد قال: استب رجلان عند النبي عليه الصلاة والسلام ونحن عنده جلوس ، وأحدهما بسب صاحبه مُغضباً قد احمر وجهه ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يَجد ، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) رواه البخاري(٦١١٥)
ومسلم(٢٦١٠)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (إذا غَضِب الرجل فقال: أعوذ بالله ، سكن غَضبُه) رواه السهمي في تاريخ جرجان(٢٥٢)وصححه الألباني في الصحيحة(١٣٧٦)

قال الحافظ النووي في شرح مسلم(٢٦١٠): الغضب من نزغ الشيطان ، وينبغي لصاحب الغضب أن يستعيذ فيقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وأنه سبب لزوال الغضب.اهـ

-الثاني علاج فعلي ، وهو أنواع:
١- يغيير الحالة التي هو عليها ، إن كان قائماً جلس ، وإن كان جالساً اضطجع.
عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع) رواه أحمد(٥/١٥٢) وأبو داود(٤٧٨٢) وصححه ابن حبان(١٢/٥٠١)وحسنه السيوطي في الجامع(٧٦٤)وصححه الألباني في صحيح الجامع(٦٩٤)

قال العلامة الصنعاني في التنوير(٢/١٥١): المطلوب تحوله عن حالة غضبه إذا غضب قائماً جلس ، وإذا غضب قاعداً فلا يقم.اهـ

٢-يسكت ولا يتكلم.
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إذا غضب أحدكم فليسكت) رواه أحمد(١/٢٣٩) والبخاري في الأدب المفرد(١٣٢٠)حسنه السيوطي في الجامع(٧٦٣)وصححه الألباني في الصحيحة(١٣٧٥)

٣-يتوضوء.
عن عطية السعدي رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خُلق من النار وإنما تُطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدُكم فليتوضأ) رواه أحمد(١٧٩٨٥) وأبو داود(٤٧٨٤)
وفيه ضعف.
وله شاهد عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه رواه أبو نعيم في الحلية(٢/١٣٠) وفيه ضعف أيضاً.
قال العلامة ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية(٢/٢٧١): ويستحب لمن غضب أن يتوضأ ، لخبر عطية الذي رواه أبو داود وغيره.اهـ

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية

١٣ من شهر صفر ١٤٣٩هـ