-الكلمة/ المسلم أخو المسلم.
عباد الله: إن الأخوة الحقيقية أخوة الإسلام ، أخوة الدين والعقيدة ، وهي أعظم من أخوة الدم والنسب ، قال تعالى: (إنما المؤمنون أخوة).
وفي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (المسلم أخو المسلم لا يَظلمه ولا يُسلِمُه)
رواه البخاري(٢٤٤٢) ومسلم(٢٥٨٠)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (وكونوا عباد الله إخواناً) رواه البخاري(٦٠٦٤) ومسلم(٢٥٥٩)
قال الحافظ النووي في شرح مسلم(١٥٣٥): معنى كونوا عباد الله إخواناً أي: تعاملوا وتعاشروا معاملة الإخوة ومعاشرتهم في المودة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاون في الخير ونحو ذلك مع صفاء القلوب والنصيحة بكل حال.اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح(١٠/٤٩٨): قال القرطبي: قوله(وكونوا عباد الله إخواناً) المعنى كونوا كإخوان النسب في الشفقة والرحمة والمحبة والمواساة والمعاونة والنصيحة.اهـ
فالواجب على المسلم أن يحرص أشد الحرص على دوام الأخوة ودوام الألفة والتراحم بينه وبين إخوانه المسلمين ، جاء في الحديث عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمى) رواه البخاري(٦٠١١)ومسلم(٢٥٨٦)
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يَشد بعضُه بعضاً) رواه البخاري(٤٨١)ومسلم(٢٥٨٥)
قال الحافظ النووي في شرح مسلم(١٥٤٥): هذه الأحاديث صريحة في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض ، وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثم ولا مكروه.اهـ
عباد الله: إن لدوام الأخوة والمحبة والأُلفة بين المسلمين عدة أسباب ، منها:
أولاً: التغافل عن زلة أخيك المسلم إذا زل.
والتغافل هو الإعراض عن الأمر السيء كأنك لم تسمعه.وهو من فعل الكرام.
قال ابن أبي الدنيا أخبرنا محمد بن عبدالله الخزاعي قال: سمعت عثمان بن زائدة يقول: (العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل ، فحدثت به أحمد بن حنبل فقال: العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل) رواه البيهقي في الشعب(٨٣٨٤)
قال الحافظ المزي في التهذيب(١٩/٢٣٠): قال ابن الجوزي رحمه الله: ما يزال التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكرام فإن الناس مجبلون على الزلات والأخطاء فإن اهتم المرء بكل زلة وخطيئة تعب وأتعب غيره ، والعاقل الذكي من لا يدقق في كل صغيرة وكبيرة مع أهله وأحبابه وأصحابه وجيرانه.اهـ
ثانياً: أن تحب لأخيك المسلم ما تحب لنفسك.
عن أنس رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) رواه البخاري(١٣) ومسلم(٤٥)
والمراد يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الأمور الدينية والأمور الدنيوية.
ثالثاً: أن تنصح أخاك المسلم سراً إذا أخطأ وتبذل له النصح.
قال المزني سمعت الشافعي يقول: (من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه ، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه) رواه أبو نعيم في الحلية(٩/١٤٠)
قال الحافظ ابن رجب في الجامع(٧٧): كان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سراً ، حتى قال بعضهم: من وعظ أخيه فيما بينه وبينه فهي نصيحة ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه.اهـ
رابعاً: التنازل عن بعض الأمور الدنيوية التي لا ضرر فيها عليك لأجل أخيك المسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً)رواه مسلم(٢٥٨٨)
خامساً: إحسان الظن بأخيك المسلم ، والتماس العذر له.
قال تعالى في سورة النور: (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً)
قال محمد بن سيرين رحمه الله: (إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً ، فإن لم تجد له عذراً ، فقل: لعل له عذراً) رواه أبو الشيخ في التوبيخ والتنبيه(١٠٠)
وقال قتادة بن دعامة رحمه الله: (والله لقد عظَّم الله حُرمة المؤمن حتى نهاك أن تظن بأخيك إلا خيراً) رواه أبو الشيخ في التوبيخ والتنبيه(٢٣٤)
والله أعلى وأعلم
كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية
٣ ربيع الآخر ١٤٣٩هـ