كلمات في الدعوة إلى الله – نعمة الأولاد

-كلمات في الدعوة إلى الله.

-الكلمة/ نعمة الأولاد.

عباد الله: إن نعمة الأولاد نعمة عظيمة ، يهبها الله عزوجل مَن يشاء من عباده ، قال تعالى: (ولله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير).

فالأولاد نعمة من الله عزوجل ولا يعرف قدر هذه النعمة إلا من فقدها ، فمن حُرم نعمة الأولاد يعرف قدر الأولاد ، وقد قيل: لا يعرف قدر الشيء إلا فاقده.
فيامن أنعم الله عزوجل عليك بنعمة الأولاد ، عليك بشكر ربك على هذه النعمة ، فإن النعم تقابل بالشكر ، قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: (قيدوا النعم بالشكر) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر(٢٧)

-عباد الله: إن الأولاد قرة أعين الوالدين ، قال تعالى: (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزوٰجنا وذريـٰتنا قُرة أعين) فهم قرة الأعين ، وهم من زينة الحياة الدنيا ، قال تعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا).

فعلى من رزقه الله عزوجل الأولاد أن يعتني بتربيتهم ، فإن تربية الأولاد مسئولية الوالدين الأب مسؤول عن أولاده ، والأم مسؤولة عن أولادها ، قال تعالى: (يا أيها الذين ءامنوا قو أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة)
أي اجعلوا لكم وقاية تقيكم نار جهنم أنتم وأولادكم ، والوقاية تكون بفعل الأوامر الشرعية واجتناب النواهي ، فكما يحرص المرء على هداية نفسه ، يحرص أيضاً على هداية أولاده ، فإنه مسؤول عنهم ، فعليه أن يحرص على تعليمهم أحكام دينهم ، وتعليمهم محاسن الأخلاق وتحذيرهم من مساويها ، جاء في الحديث عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (ألا كُلُّكم راع وكُلُّكم مسؤول عن رعيته) وذكر (والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولدها وهي مسؤولة عنهم)
رواه البخاري(٧١٣٨) ومسلم(١٨٢٩)

وعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لهم: (ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومُرُوهم) رواه البخاري(٦٢٨)ومسلم(٦٧٤)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) رواه البخاري(١٣٨٥) ومسلم(٢٦٥٨)

-فعلى الوالد أن يبذل النصح لأولاده ، ولا يُقصر بنصحهم ، بل ينصحهم ويكرر النصح ويدلهم على ما ينفعهم ، ويحذرهم مما لانفع لهم به.
ويدعو لهم بالصلاح والخير والمعافاة ، قال تعالى عن نبيه إبراهيم عليه السلام(رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء) دعاء لنفسه ودعاء لذريته.

-عباد الله: إن مَن لم يبذل النصح لأولاده ، ويتركهم هملاً ، من غير نصح ولا إرشاد ، لا يأمرهم بالمعروف ولا ينهاهم عن المنكر ، أو جاء بالمنكرات لأولاده فهذا غاش لهم ، جاء في الحديث عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)
رواه البخاري(٧١٥٠) ومسلم(٢٢٧)

قال الإمام ابن القيم في تحفة المودود(٢٤٢): وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه وهو بذلك يزعُم أنه يكرمُه وقد أهانه ويرحمه وقد ظلمه ، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامتَه من قِبل الآباء.اهـ

قال العلامة ابن عيثمين في شرح مسلم(١/٤٠٦): الإنسان مسؤول عن أهله في حياته وبعد مماته وأنه يجب أن يَحْذر وأن ينصح لرعيته التي استرعاه الله عليها ، وأن مَن خلَّف لأهله ما لا يجوز اقتناؤه فإنه سوف يَلحقه هذا الوعيد وأنه إذا مات على هذه الحال فإن الله يحرم عليه الجنة والعياذ بالله.اهـ

-عباد الله: على المسلم أن يحذر كل الحذر من التشاؤم إذا رزقه الله عزوجل البنات ، لأن البنات هبة من الله عزوجل قال تعالى: (يهب لمن يشاء إناثاً).
والتشاؤم من البنات من عادات أهل الجاهلية الذين نُهينا عن التشبه بهم.
قال تعالى عن أهل الجاهلية: (وإذا بُشر أحدُهم بالأُنثى ظل وجهه مسودًا وهو كظيم يتوارى من القوم من سُوء ما بُشر به أَيُمسِكُهُ على هون أم يَدُسُّهُ في التراب ألا ساء ما يحكمون)

فعلى من رزقه الله البنات أن يحمد الله على هذه النعمة ، ويحسن إلى بناته.

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (مَن عالَ جاريتين حتى تَبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو ، وضمَّ أصابعَه) رواه مسلم(٢٦٣١)

قال الحافظ النووي في شرح مسلم(١٦/١٨٠): معنى عالهما: قام عليهما بالمؤنة والتربية ونحوهما.اهـ

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن ابتُلي من البَنات بشيء، فأحسَن إليهنَّ، كنَّ له سترًا من النار)رواه البخاري(٥٩٩٥) ومسلم(٢٦٢٩)
ومعنى (ابتلي) يعني من قدر له البنات

-كتبه
بدر بن محمد بدر العنزي
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية

١٨ ربيع الآخر ١٤٣٩هـ