كلمات في الدعوة إلى الله – علامات حب النبي ﷺ

– كلمات في الدعوة إلى الله.

-الكلمة رقم(٥٥): علامة حب النبي عليه الصلاة والسلام.

عباد الله: إن محبة النبي عليه الصلاة والسلام واجبة من الواجبات ، وعلامة على الإيمان ، وقد دلت الأدلة الشرعية على وجوب محبته عليه الصلاة والسلام على كل مسلم ، وأن يكون النبي عليه الصلاة والسلام أحب إلى العبد من نفسه ووالده وولده وماله والناس أجمعين.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده)رواه البخاري(١٤)

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين)رواه مسلم(٦٩)

قال الحافظ ابن حجر في الفتح(١/٥٩): ما ذُكر على سبيل التمثيل -يعني أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين- والمراد الأعزَّة ، كأنه قال: أحب إليه من أعزته.اهـ ، أي حتى أكون أحب إليه من كل عزيز لديه حتى من نفسه.

عن عبدالله بن هشام رضي الله عنه قال: كنا مع النبي عليه الصلاة والسلام وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له عمر رضي الله عنه: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك) فقال له عمر رضي الله عنه: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (الآن يا عمر)رواه البخاري(٦٦٣٢)

قال العلامة العيني في عمدة القاري شرح البخاري(٢٣/١٦٩): قوله: (لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك)أي لا يكمل إيمانك ، وقوله: (الآن يا عمر)يعني الآن كمل إيمانك.اهـ

وعن أنس رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان)وذكر: (أن يكون الله ورسولُه أحب إليه مما سواهما)رواه البخاري(١٦)ومسلم(٤٣)
والمراد: أحب إليه من كل شيء.

ونقل العلامة القرطبي في تفسيره(٨/٩٥)الإجماع على وجوب حب الله عزوجل وحب رسوله عليه الصلاة والسلام وأن ذلك مقدّم على كل محبوب.

-عباد الله: لقد توعد ربُنا عزوجل من قدم محبة الأهل ومحبة الدنيا على محبة الله عزوجل ومحبة رسوله عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى: (قل إن كان ءابآؤُكم وأبنآؤُكم وإخوٰنُكم وأزوٰجُكمـ وعشيرتُكمـ وأموٰل اقترفتموها وتجـٰرة تخشون كسادها ومسـٰكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفـٰسقين)

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره(٢/٣٢٤): أي إن كانت هذه الأشياء أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فانتظروا ماذا يحل بكم من عقابه ونكاله بكم.اهـ ، المراد: أن المحبة الطبيعية كمحبة المال والأهل إذا قدمت على المحبة الدينية فإنها تحرم ويأثم فاعلها.

-عباد الله: إن محبة النبي عليه الصلاة والسلام لها علامات ، تدل على صدق من ادعى محبته عليه الصلاة والسلام ، ومن علامات محبته عليه الصلاة والسلام:
أولاً: التمسك بسنته ، والذب عنها.
فمن علامة محبة النبي عليه الصلاة والسلام التمسك بسنته ، فإن الخير كل الخير بالتمسك بسنة النبي عليه الصلاة والسلام ، والشر كل الشر بالإعراض عن سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، فالتمسك بالسنة جماع الخير ، والإعراض عن السنة جماع الشر ، عن جابر رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (وخيرَ الهدي هدي محمد عليه الصلاة والسلام)رواه مسلم(٨٦٧)
والتمسك بالسنة نجاة من كل شر ، نجاة من البدع ونجاة من الخلافات ونجاة من الفتن ، ومن أعرض عن السنة عَرَّض نفسه للبدع وعرض نفسه للخلافات وعرض نفسه للفتن.
فالواجب على كل مسلم التمسك بالسنة والذب عنها ، فمن تمسك بها وذب عنها دل على صدق محبته للنبي عليه الصلاة والسلام.

ثانياً: طاعته فيما أمر.
فمن علامة محبة النبي عليه الصلاة والسلام طاعته فيما أمر ، فكل ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام يجب طاعته به كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما أستطعتم)رواه البخاري(٦٨٥٨)ومسلم(٣٣٧)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (من أطاعني دخل الجنة) رواه البخاري(٧٢٨٠)
فمن أطاع أمر النبي عليه الصلاة والسلام دل على صدق محبته له.

ثالثاً: اجتناب ما نهى عنه وزجر.
فمن علامة محبة النبي عليه الصلاة والسلام اجتناب كل ما نهى عنه وزجر من الأقوال والأفعال ، قال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أنه تصيبهمـ فتنة أو يصيبهمـ عذاب أليمـ)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)رواه البخاري(٦٨٥٨)ومسلم(٣٣٧)
فمن اجتنب ما نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام دل على صدق محبته له.

رابعاً: أن لا يعبد الله إلا بما شرع.
فمن علامة محبة النبي عليه الصلاة والسلام أن لا يعبد الله إلا بما شرع لا بالخرفات والبدع.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) رواه البخاري(٢٦٩٧) ومسلم(١٧١٨)
وفي رواية لمسلم(١٧١٨): (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)

وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة)
رواه أبو داود(٤٦٠٧) والترمذي(٢٦٧٦)وقال:حديث حسن صحيح.وابن ماجه(٤٢)
وصححه ابن حبان(٥) والحاكم(١/٩٦)والألباني في صحيح الجامع(٢٤٥٩)
فمن عبد الله عزوجل بما شرع النبي عليه الصلاة والسلام دل على صدق محبته له.

خامساً: تصديقه فيما أخبر.
فمن علامة محبة النبي عليه الصلاة والسلام تصديقه فيما أخبر ، فكل ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام عن الأمور الماضية التي حصلت في الماضي أوالمستقبلية التي سوف تحصل بالمستقبل ، فإنه يجب علينا تصديق خبره عليه الصلاة والسلام.
فمن صدّق خبر النبي عليه الصلاة والسلام دل على صدق محبته له.

هذه علامات محبة النبي عليه الصلاة والسلام رزقنا الله عزوجل صدق محبته.

-كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية

٢٨ جمادي الأخر ١٤٣٩هـ