@ عدم ارتفاع الغرابة بالمتابعات والشواهد الضعيفة @

– عدم ارتفاع الغرابة بالمتابعات والشواهد الضعيفة –

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

– الحديث الغريب هو ما تفرد بروايته راوٍ واحد
فإن تابعه راوٍ آخر على رواية الحديث ارتفعت الغرابة عنه ؛ بشرط أن يكون المتابع ثقة أو صدوقاً وحديثه ليس شاذاً ولا معلولاً.
فإن كان المتابع ضعيفاً أو كان حديثه معلول
لم ترتفع به الغرابة.كما هو ظاهر قول الإمام الترمذي في العلل الصغرى
– قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في شرح علل الترمذي(٢٣٧):
ذكر الترمذي رحمه الله أن الحديث الغريب عند أهل الحديث يطلق بمعان:
أحدها:أن يكون الحديث لا يروى إلا من وجه واحد.ثم مثله بمثالين وهما في الحقيقة نوعان:
أحدهما أن يكون ذلك الإسناد لا يروى به إلا ذلك الحديث أيضاً
النوع الثاني: أن يكون الإسناد مشهوراً يروى به أحاديث كثيرة لكن هذا المتن لم تصح روايته إلا بهذا الإسناد ومثل له بحديث( النهي عن بيع الولاء وهبته) وحديث ( إنما الأعمال بالنيات).اهـ

– من أمثلة هذا القاعدة:

١- حديث عبدالله بن دينار عن ابن عمر ( أن رسول الله عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الولاء وهبته)
رواه الشيخان.
قال أبو عيسى الترمذي في جامعه(ح-١٢٣٦):هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث
عبدالله بن دينار عن ابن عمر
وقد روى يحيى بن سليم هذا الحديث عن
عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي عليه الصلاة والسلام( نهى عن بيع الولاء وهبته)
وهو وهم، وهم فيه يحيى بن سليم.
وروى عبدالوهاب الثقفي وعبدالله بن نمير وغير واحد عن عبيد الله بن عمر عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وهذا أصح من حديث يحيى بن سليم.اهـ

قال الحافظ ابن رجب في شرح العلل(٢٣٨):
حديث عبدالله بن دينار عن ابن عمر عن النبي عليه الصلاة والسلام في النهي عن بيع الولاء وهبته، لا يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام إلا من هذا الوجه ومن رواه من غيره فقد وهم وغلط وهو معدود من غرائب الصحيح فإن الشيخين خرجاه.اهـ

– ولهذا لم ترتفع غرابة هذا الحديث بمتابعة نافع لعبدالله بن دينار لأنها رواية منكرة وهم فيها
يحيى بن سليم؛
وقد نص الإمام الترمذي وغيره من الأئمة الحفاظ على أن حديث(النهي عن بيع الولاء وعن هبته) غريب لا يعرف إلا من طريق عبدالله بن دينار.

٢- حديث يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن علقمة عن عمر مرفوعاً( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء ما نوى ) رواه الشيخان.

– ذكر الإمام الزركشي في النكت على المقدمة(٢٠١) شواهد ومتابعات لحديث عمر( إنما الأعمال بالنيات)
قال: فقد رواه غير عمر؛ كعلي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وابن عمر وغيرهم ورواه عن عمر:جابر بن عبدالله وعبدالله بن عامر ومحمد بن المنكدر وغيرهم ورواه عن علقمة : نافع مولى ابن عمر وابن المسيب ، ورواه عن محمد بن إبراهيم: محمد بن عمرو وداود بن الفرات وغيرهم
ثم قال:لكن أسانيد هذه لا تصح فلهذا كان الحديث فرداً في الصحة.اهـ

وقال الحافظ ابن رجب في شرح العلل(٢٣٩): ومن غرائب الصحيحين حديث عمر(إنما الأعمال بالنيات)
فإنه لم يصح إلا من حديث يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر.اهـ

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح(١/١٤): ورد الحديث من طرق معلولة ذكرها الدارقطني
وأبو القاسم بن منده وغيرهما.اهـ

– ولهذا لم ترتفع غرابة الحديث بهذه الشواهد والمتابعات الضعيفة ؛ وقد نص الأئمة الحفاظ على غرابة حديث( إنما الأعمال بالنيات) وأنه لا يعرف إلا عن عمر رضي الله عنه ولا يعرف عنه إلا من رواية علقمة ولا يعرف عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم ولا يعرف عن محمد إلا من رواية يحيى.

كتبه
بدر محمد البدر

التعليقات معطلة.