شرح حديث: (لاتدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة)

-شرح حديث: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة)

عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة)رواه البخاري(٣٣٢٢)ومسلم(٢١٠٦)

وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب)رواه أبو داود(٤١٥٢)والنسائي(٢٦١)بسند ضعيف.
رواه أحمد(٨١٥): عن علي رضي الله عنه بلفظ: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة)وليس فيه (ولا جنب)
قال الأرناؤوط في المسند(٢/١٩٠): حديث حسن لغيره.

وعن أم سلمة رضي الله عنه قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جلجل ولا جرس)رواه النسائي(٥٢٢٢)وحسنه الألباني.
وله شاهد عن عائشة رضي الله عنه رواه أحمد(٢٦٠٥٢)بسند ضعيف.

غريب الحديث:
الجُلجُل بضم الجيم، صوت الجرس الصغير، قال ابن الأثير في النهاية(١/٢٧٧): الجلجل هو الجرس الصغير، الذي يعلق في أعناق الدواب.اهـ
قال السندي في حاشية النسائي(٨/١٨٠): ‏‏قوله: (جلجل ولا جرس) ‏يدل على أن بينهما فرقاً وبعضهم فسر أحدهما بالآخر.اهـ

-شرح الحديث:
ذهب جمع من أهل العلم أن المراد بالملائكة هم ملائكة الرحمة، لا يدخلون بيتاً فيه كلب ولا صورة ولا جرس.

قال النووي في المنهاج(٦/١٥٦): قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة)
قال العلماء: سبب امتناعهم من بيت فيه صورة كونها معصية فاحشة، وفيها مضاهاة لخلق الله تعالى، وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله تعالى، وسبب امتناعهم من بيت فيه كلب لكثرة أكله النجاسات، ولأن بعضها يسمى شيطاناً كما جاء به الحديث، والملائكة ضد الشياطين، ولقبح رائحة الكلب، والملائكة تكره الرائحة القبيحة، ولأنها منهي عن اتخاذها، فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته، وصلاتها فيه، واستغفارها له، وتبريكها عليه وفي بيته، ودفعها أذى الشيطان.
وأما هؤلاء الملائكة الذين لا يدخلون بيتاً فيه كلب أو صورة فهم ملائكة يطوفون بالرحمة والتبريك والاستغفار، وأما الحفظة فيدخلون في كل بيت، ولا يفارقون بني آدم في كل حال، لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم وكتابتها.اهـ

وقال السندي في حاشية ابن ماجه(٥/٢٤٣): قوله: (فيه كلب ولا صورة) حمل الكلب على غير كلب الصيد والزرع ونحوهما والمراد بالصورة صورة ذي الروح قيل إذا كان لها ظل وقيل بل أعم والمعنى لا تدخل ملائكة الرحمة والبركة في ذلك البيت وإلا فالحفظة لا يفارقون أحداً.اهـ

وقال عظيم آبادي في عون المعبود(١/١١٣): بالتصغير (لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا كلب ولا جنب): قال الإمام الخطابي في معالم السنن: يريد الملائكة الذين ينزلون بالبركة والرحمة دون الملائكة الذين هم الحفظة فإنهم لا يفارقون الجنب وغير الجنب.اهـ

وقال ابن عثيمين في شرح مسلم(١٠/٣٩١): فإن قال قائل: هل يمنع وجود الصور دخول الملائكة؟
الجواب: إذا وجدت الصورة الممنوعة فإنها تمنع من دخول الملائكة، وأما المباحة فلا بأس بها، ونحمل قوله: (بيتاً فيه صورة)على الصور المحرمة، لئلا نمنع دخول الملائكة من شيء أباحه الله للعباد.
لكن إذا كانت الصورة المحرمة في حجرة من البيت فهل يمتنع دخول الملائكة للبيت كله أو لهذه الحجرة؟
الجواب: الظاهر لي أنها الحجرة خاصة فقط، لأنها منفصلة مستقلة عن البيت.اهـ

-فائدة:
كما أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة ولا جرس، كذلك لا تصحب رفقه في سفر معهم كلب أو جرس.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس)رواه مسلم(٢١١٣)وفي رواية لمسلم(٢١١٤)عنه: (الجرس مزامير الشيطان)

قال النووي في المنهاج(٦/١٦٢): ‏‏قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس) ، ‏وفي رواية: (الجرس مزامير الشيطان) فقه الحديث: فيه كراهة استصحاب الكلب والجرس في الأسفار، وأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها أحدهما.
والمراد بالملائكة ملائكة الرحمة والاستغفار، لا الحفظة، وسبق بيان الحكمة في مجانبة الملائكة بيتا فيه كلب، وأما الجرس فقيل: سبب منافرة الملائكة له أنه شبيه بالنواقيس، أو لأنه من المعاليق المنهي عنها، وقيل: سببه كراهة صوتها، وتؤيده رواية (مزامير الشيطان)وهذا الذي ذكرناه من كراهة الجرس على الإطلاق هو مذهبنا ومذهب مالك وآخرين ، وهي كراهة تنزيه ، وقال جماعة من متقدمي علماء الشام : يكره الجرس الكبير دون الصغير.اهـ

كتبه/
بدر بن محمد البدر العنزي