@ التلقين @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

– التلقين –

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

– التلقين لغة: التفهيم
اصطلاحاً: هو أن يلقن الراوي حديثاً ويحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه.

مثال ذلك : أن يقول شخص للشيخ : حدثك فلان بكذا وكذا ويسوق له ما ليس من حديثه فيقول له الشيخ نعم ، ويقبل ما لُقن به.

– أسباب قبول الراوي للتلقين:
قبول الراوي للتلقين له عدة أسباب منها:
ضعف الراوي ، أوغفلته ، أواعتماده على الكتاب دون الحفظ ، أو إحسانه الظن بمن لقنه ، ونحو ذلك.

– حكم حديث من يقبل التلقين :
من ثبت قبوله للتلقين لا يخلو حديثه من حالتين:

أولاهما: من لُقن في بعض الأحاديث دون بعض ، فهذا يقبل حديثه الذي لم ُيلقن فيه ، ويُترك ما لُقن فيه.

ثانيهما: من لُقن في كل حديثه ، فهذا يترك حديثه كله.

قال أبوزرعة الدمشقي أخبرني أحمد قال : عبدالرزاق قبل المائتين صحيح البصر ومن سمع منه بعدما ذهب بصره فهو ضعيف السماع-لأنه كان يلقن-.
( ينظر تهذيب التهذيب لابن حجر-٦/٢٧٦)

وقال الإمام الحميدي: من قبل التلقين ترك حديثه الذي لقن فيه وأخذ عنه ما اتقن حفظه إذا علم ذلك التلقين حادثاً في حفظه لا يعرف به قديماً ؛
وأما من عرف به قديماً في جميع حديثه فلا يقبل حديثه ولا يؤمن أن يكون ما حفظه مما لقن.
رواه الخطيب في الكفاية(١٤٩)

– وبالغ الحافظ ابن حزم الظاهري في رده حديث من قَبِل التلقين ولو مرة، قال في الإحكام(١/١٣٢):
من صح أنه قَبِل التلقين ولو مرة سقط حديثه كله.اهـ

وقوله مخالف لما عليه الأئمة الحفاظ ، فإنهم لم يتركوا حديث من قَبل التلقين بالكلية ، بل تركوا من حديثه ما ثبت عندهم أنه لُقن فيه ، وقبلوا ما سواه،كما هو ظاهر كلام أحمد والحميدي.
وثبت عن الليث بن سعد أنه لُقن مرة
(كما في العلل لابن أبي حاتم- ٥٣٨)

وعبدالله بن مسلمة القعنبي لِقن مرة.
( كما في العلل لابن أبي حاتم-٢٠٧٤)

ويزيد بن هارون كان يلقن لما أضر
( كما في شرح العلل لابن رجب-٣٢٠)

ولم يترك الأئمة حديثهم ، بل قبلوه ، وتركوا منه ما لُقنوا فيه فقط ، ولم يعد ذلك جرحا لهم.

قال الحافظ ابن رجب في شرح العلل(٣٠٨): القسم الثاني:في ذكر قوم من الثقات لا يذكر أكثرهم غالباً في أكثر كتب الجرح وقد ضعف حديثهم إما في بعض الأوقات أو في بعض الأماكن أو عن بعض الشيوخ فهذا القسم تحته ثلاثة أنواع :
النوع الأول : من ضعف حديثه في بعض الأوقات دون بعض وهؤلاء هم الثقات الذين خلطوا في آخر عمرهم وهم متفاوتون في تخليطهم… ويلحق بهؤلاء من أضر في آخر عمره وكان لا يحفظ جيداً أو كان يلقن فيتلقن كيزيد بن هارون وعبدالرزاق الصنعاني .اهـ

– توضيح:
إذا كان اعتماد الراوي المُلقن على كتاب محفوظ الأصل عنده ، فلا يضره التلقين.

قال الأثرم سمعت أحمد يسأل عن حديث (النار جبار) فقال ومن يحدث به عن عبدالرزاق؟
قلت:أحمد عن شبويه.
قال:هؤلاء سمعوا بعدما عمي كان يلقن فلقنه وليس هو في كتبه كان يلقنها بعدما عمي.
(تهذيب التهذيب لابن حجر-٦/٢٧٦)

وروى ابن أبي حاتم في العلل(٥٣٨): قال: وسُئل أبو زرعة عن حديث رواه ليث بن سعد فاختلف عن ليث:
فروى أبو الوليد عن ليث عن عبدالله بن أبي مليكة عن عبدالله بن أبي نَهيك عن سعد بن وقاص عن النبي عليه الصلاة والسلام.
ورواه يحيى بن بكير عن ليث عن عبدالله بن عبيدالله بن أبي مليكة عن سعيد بن أبي سعيد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال(ليس منا من لم يتغن بالقرآن)
قال أبو زرعة:في كتاب الليث في أصله : سعيد بن أبي سعيد، ولكن لقن بالعراق عن سعد.اهـ

كتبه
بدر بن محمد البدر