– أحكام صلاة العيدين –
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:
العيد من العود ، سمي عيداً لأنه يعود ويتكرر كل عام.
– حكم صلاة العيد:
صلاة العيد ، فرض كفاية في أصح قولي العلماء وهو المشهور في مذهب الإمام أحمد.
قال الإمام ابن قدامة في الكافي (١٤٨): صلاة العيدين فرض على الكفاية ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام والخلفاء بعده كانوا يداومون عليها ، ولاتجب على الأعيان لأن النبي عليه الصلاة والسلام ذكر للأعرابي خمس صلوات، فقال:هل علي غيرها؟ قال(لا إلا أن تطوع) متفق عليه.اهـ
– فصل –
وتسن صلاة العيد في الصحراء.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كان النبي عليه الصلاة والسلام يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى)
رواه البخاري(١/٢٤٣) ومسلم(٣/٢٠)
ولا تصلى في المساجد إلا من عذر
قال الإمام الحجاوي في الزاد(١١٧):
وتكره في الجامع بلا عذر.اهـ
إلا مكة فإنه يصلى العيد فيها لمكانة الحرم.
– فصل –
في آداب من حضر صلاة العيد.
– يستحب الإغتسال للعيد.
عن نافع أن ( ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى )
رواه مالك(٤٣٨) والشافعي في مسنده(٣١٨) وعبدالرزاق في المصنف(٥٧٥٣) والبيهقي في السنن الكبرى(٦١٢٥) وسنده صحيح.
– والتزين.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال أخذ عمر جُبة من استبرق تُباع في السوق فأخذها فأتى رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسول الله ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود…)
رواه البخاري(٩٤٨) وبوب له: باب في العيدين والتجمل فيه.
رواه البيهقي(٦١٣٥) وبوب له: باب الزينة للعيد.
وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يلبس أحسن ثيابه للعيدين.
رواه البيهقي في السنن الكبرى (٦١٤٣)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح(٢/٥١٠) رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي بإسناد صحيح
– التبكير.
قال الإمام الحجاوي في الزاد(١١٧) ويسن تبكير مأموم إليها.اهـ
– ويخرج ماشياً.
قال علي رضي الله عنه: (من السنة أن تخرج إلى العيد ماشياً)
رواه الترمذي(٥٣٠)وقال: حديث حسن ، وابن ماجه(١٢٩٦) والبيهقي(٣/٢٨١)
قال المحدث الألباني في الإرواء(٣/١٠٣): إسناده ضعيف جداً ، وله شواهد كثيرة أخرجها ابن ماجه من حديث سعد القرظ وابن عمر وأبي رافع ، وهي وإن كانت مفرداتها ضعيفة فمجموعها يدل أن للحديث أصلاً.اهـ
وحسنه الألباني في سنن الترمذي(٥٣٠)
قال الإمام الترمذي في جامعه(٥٣٠): العمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم ، يستحبون أن يخرج الرجل إلى العيد ماشياً ، ويستحب أن لا يركب إلا من عذر.اهـ
– ويخالف بين الطريقين.
قال جابر رضي الله عنه: (كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا كان يوم عيد خالف الطريق ، أي ذهب إلى المصلى من طريق ورجع من طريق آخر)
رواه البخاري (٩٨٦)
وفي الباب عن أبي هريرة رواه الترمذي(٥٤١)وقال: حديث حسن غريب ، وصححه ابن خزيمة في صحيحه(١٤٦٨)
وعن ابن عمر رواه أبو داود(١١٥٦) وابن ماجه(١٢٩٩)
– ويخرج مكبراً.
قائلاً: ( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد )
عن نافع قال كان ابن عمر رضي الله عنه إذا غدا يوم الفطر أو يوم الأضحى ، يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ثم يكبر حتى يأتي الإمام.
رواه الدارقطني(١٨٠) والبيهقي(٣/٢٧٩)
صححه الألباني في الإرواء(٣/١٢٢)
– ويُسن خروج النساء إليها حتى الحُيض يشهدن الخير ودعوة المسلمين.
عن أم عطية رضي الله عنها قالت: ( أُمرنا أن نُخرج العواتق وذوات الخدور ، ويعتزلن الحُيض المصلى )
رواه البخاري(٩٧٤) بوب له: باب خروج النساء والحيض إلى المصلى.
ورواه ابن خزيمة(١٤٦٦) وبوب له: باب إباحة خروج النساء في العيدين وإن كن أبكاراً ذوات خدور ، حيضاً كن أو أطهاراً.
ورواه البيهقي(٦٢٣٨) وبوب له: باب خروج النساء إلى العيد.
– ويسن خروج الصبيان إليها.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرجت مع النبي عليه الصلاة والسلام يوم فطر أو أضحى فصلى ثم خطب )
رواه البخاري(٩٧٥) وبوب له: باب خروج الصبيان إلى المصلى.
ورواه البيهقي(٦٢٤٤) وبوب له: باب خروج الصبيان إلى العيد.
– فصل –
لا يصلي في المصلى قبل صلاة العيد شيئاً ولا بعدها.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام خرج يوم الفطر فصلى ركعتين ثم لم يصلِ قبلها ولا بعدها.
رواه البخاري(١/٢٥١) ومسلم(٣/٢١)
قال الإمام الترمذي في جامعه( ٥٣٧):والعمل عليه عند بعض أهل العلم من الصحابة وغيرهم وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق ، وقد رأى طائفة من أهل العلم الصلاة بعد صلاة العيدين وقبلها من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وغيرهم ، والقول الأول أصح.اهـ
– ومن صلاها في المسجد ، يصلي ركعتين تحية المسجد.
– فصل –
في وقت صلاة العيد
وقتها من حين ترتفع الشمس قيد رمح، إلى وقت الزوال.
فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال ، صلوا من الغد قضاء.
– فصل –
في صفة صلاة العيد
هي ركعتان ، وليس لها أذان ولا إقامة.
قال ابن عمر رضي الله عنهما ( صلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان على لسان محمد عليه الصلاة والسلام )
رواه أحمد(١/٣٧) وابن خزيمة في صحيحه(١٤٢٥)
قال الألباني في الإرواء(٣/١٠٥): صحيح.
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صليت مع النبي عليه الصلاة والسلام العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة.
رواه أبو داود(١٠٤٢) والترمذي(٥٣٢) وقال: حديث حسن صحيح.
وأصله في صحيح مسلم.
وصححه الألباني في سنن أبي داود(١٠٤٢)
قال الإمام الترمذي في جامعه(٥٣٢): والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وغيرهم ، أنه لا يؤذن لصلاة العيدين ولا لشيء من النوافل.اهـ
– ويكبر في صلاة العيد ، سبع تكبيرات في الركعة الأولى ، وخمس تكبيرات سوى تكبيرة الإنتقال في الثانية.
عن كثير بن عبدالله عن أبيه عن جده رضي الله عنه (أن النبي عليه الصلاة والسلام كبر في العيدين في الأولى سبعاً قبل القراءة وفي الآخرة خمساً قبل القراءة)
رواه الترمذي ( ٥٣٦) وقال: حديث حسن ، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب عن النبي عليه الصلاة والسلام.اهـ
وصححه ابن خزيمة في صحيحه(١٤٣٩)
وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، رواه أبو داود (١١٥١) وابن خزيمة في صحيحه(١٤٣٨)
وصححه البيهقي في السنن الكبرى(٣/٤٠٤)
وشاهد عن عائشة ، رواه أبو داود(١١٤٩)
وصححه الألباني في الإرواء(٣/١٠٧)
وآخر عن ابن عباس موقوفاً رواه ابن أبي شيبة(٢/٦) والبيهقي(٦١٨٠) وصححه.
وصححه الألباني في الإرواء(٣/١١١)
– ويرفع يديه مع كل تكبيرة.
عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال كان النبي عليه الصلاة والسلام يرفع يديه مع التكبير.
رواه أحمد(٤/٣١٦)
وحسنه الألباني في الإرواء(٣/١١٣)
قال الإمام الحجاوي في الزاد(١١٨): يرفع يديه مع كل تكبيرة.اهـ
وحدثني الشيخ صالح اللحيدان قال: يشرع رفع اليدين مع كل تكبيرة في تكبيرات العيد.
– ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي عليه الصلاة والسلام بين كل تكبيرتين.
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سألت ابن مسعود رضي الله عنه ، عما يقوله بين تكبيرات العيد ، قال: (يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي عليه الصلاة والسلام.)
رواه الطبراني في المعجم الكبير(٣/٣٧)
وصححه الألباني في الإرواء(٣/١١٤)
وحدثني الشيخ صالح اللحيدان قال: يشرع أن يقول بين التكبيرات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والصلاة والسلام على رسول الله.
-ويقرأ في الركعة الأولى الفاتحة وسورة (الأعلى) ، وفي الركعة الثانية الفاتحة وسورة (الغاشية)
رواه مسلم (٨٧٨) عن النعمان بن بشير.
أو يقرأ في الأولى الفاتحة وسورة ( ق ) وفي الثانية الفاتحة و سورة (القمر)
رواه مسلم(٢٠٥٩) عن أبي واقد الليثي.
– فصل –
فإذا سلم الإمام خطب خطبتين.
عن ابن عمر رضي الله عنها (أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان يخطب الخطبتين وهو قائم وكان يفصل بينهما بجلوس)
وراه ابن خزيمة في صحيحه (١٤٤٦)
– والخطبة بعد الصلاة لا قبلها.
عن ابن عمر قال: كان النبي عليه الصلاة والسلام وأبو بكر وعمر وعثمان يصلون العيد قبل الخطبة)
رواه البخاري(١/٢٤٥) ومسلم(٣/٢٠)
قال الإمام الترمذي في جامعه(٥٣١): والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وغيرهم أن صلاة العيدين قبل الخطبة.اهـ
مسائل:
المسألة الأولى: تكبيرات العيد الزوائد والذكر بينهما سنة لا يؤثر تركها ، نص عليه الإمام ابن قدامة في الكافي(١٥١).
المسألة الثانية: يُسن أن لا يخرج يوم عيد الفطر حتى يطعم ، ويوم الأضحى لا يطعم حتى يرجع ويأكل من أضحيته.
عن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم النحر حتى يذبح.
رواه الترمذي(٥٤٢) وابن ماجه(١٧٥٦)ابن خزيمة في صحيحه(١٤٢٦)
وصححه الألباني في سنن ابن ماجه(١٧٥٦)
قال الإمام الترمذي في جامعه(٥٤٢): وقد استحب قوم من أهل العلم أن لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم شيئاً ويستحب له أن يُفطر على تمر ، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يرجع.اهـ
المسألة الثالثة: يستحب صلاة ركعتين في المنزل بعد الرجوع من صلاة العيد.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كان رسول الله عليه الصلاة والسلام لا يصلي قبل العيد شيئاً فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين)
رواه أحمد(٣/٢٨) وابن ماجه (١٢٩٣)
وابن خزيمة في صحيحه(١٤٦٩)
والحاكم(١/٢٩٧) وقال: صحيح الإسناد
قال الحافظ ابن حجر في الفتح(٢/٥٥٢): إسناده حسن.
وقال الحافظ البوصيري في الزوائد(٢/٨٠): إسناده حسن.
وقال المحدث الإلباني في الإرواء(٣/١٠٠): حسن.
قال الإمام ابن قدامة في الكافي (١٥٢):
لا بأس أن يصلي بعد رجوعه لحديث أبي سعيد.
المسألة الرابعة: من فاتته صلاة العيد
له أن يقضيها كهيئتها ، ما دام في الوقت.
لفعل أنس رواه البيهقي(٣/٣٠٥) وضعفه الألباني في الإرواء(٣/١٢٠)
وبه قال مالك في الموطأ(١٦٥) وغيره.
وقيل يصليها أربعاً وهو قول ابن مسعود رواه ابن أبي شيبة(٢/٩)
قال ابن حجر في الفتح(٢/٥٥٠): أخرجه سعيد بن منصور بإسناد صحيح.اهـ
وأعله الألباني في الإنقطاع في الإرواء(٣/١٢٠).
المسألة الخامسة: إذا اجتمع عيد وجمعة ، فإن مَنْ صلى العيد ، إن شاء صلى الجمعة ، وإن شاء صلى الظهر.
كتبه/
بدر بن محمد البدر.
٩/ذي الحجة/١٤٣٦هـ