@ تفسير آيات من القرآن الكريم (٤) @

تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا) سورة آل عمران(٢٠٠)

يأمر ربنا عزوجل عبادة المؤمنين بالصبر ، في قوله: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا) ، ويأمرهم بملازمته والاستمرار عليه ، في قوله:(وصابروا).
والصبر لغة: الحبس.
وشرعاً: حبس النفس على طاعة الله ، وحبس النفس عن معصية الله ، وحبس النفس على أقدار الله المؤلة.

فالإنسان مأمور بالصبر على ثلاثة أشياء:
الأول: الصبر على طاعة الله تعالى ، وهذا من أعظم أنواع الصبر ، لأن الطاعة ثقيلة على النفس قد تستثقلها بعض الأنفس ، قال أنس رضي الله عنه: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (حُفت الجنة بالمكاره) رواه مسلم(٢٨٢٢) ، ورواه البخاري(٦٤٨٧) عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: (حُجبت الجنة بالمكاره).
معناه: أنه لا يوصل إلى الجنة إلا بفعل ما يستثقل على النفس من الطاعات.
فالواجب على العبد فعل الطاعات من صلاة وزكاة وصيام وغيرها من القُرب ، وملازمة ذلك والاستمرار عليه.

الثاني: الصبر عن معصية الله تعالى ، لأن النفس أمارة بالسوء ، وقد تشتهي فعل المعصية والعياذ بالله ، قال أنس رضي الله عنه: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:( حُفت النار بالشهوات) رواه مسلم(٢٨٢٢)، ورواه البخاري(٦٤٨٧) عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: (حُجبت النار بالشهوات).
ومعناه: أنه لا يوصل إلى النار إلا بفعل ما تشتهي النفس من الشهوات المحرمة.
فالواجب على العبد ، البعد عن المعاصي واجتنابها ، ومن وقع في معصية كبيرة أو صغيرة فعليه المبادرة إلى الاستغفار والتوبة ولا يصر على المعصية ، فإن الله سبحانه وتعالى غفور رحيم يقبل توبة عبده إذا تاب إليه وأناب ، ما لم تبلغ الروح الحلقوم وما لم تطلع الشمس من مغربها.

الثالث: الصبر على أقدار الله المؤلمة ، قال تعالى: (واصبر على ما أصابك)
والمؤمن يبتلى على قدر إيمانه ، والناس عند المصائب أنواع:
منهم: من يصبر ويحتسب ، إذا أصابته مصيبة قال:(إن لله وإن إليه راجعون) أو قال: (الحمد لله على كل حال).
وهذا على خير ، قال تعالى: (وبشر الصابرين) وقال تعالى: (إن الله مع الصابرين) وقال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)
وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه مرفوعاً:(والصبر ضياء) رواه مسلم(٢٢٣) ، ومعنى(والصبر ضياء) أي إذا اشتدت الكربات والمحن على العبد وصبر فإن الصبر ضياء له يهديه إلى الحق.
والصبر يكون عند الصدمة الأولى ، قال أنس رضي الله عنه قال النبي عليه الصلاة والسلام:(إنما الصبر عند الصدمة الأولى)
رواه البخاري(٢/٣٢٣)

ومنهم: من يتسخط على أقدار الله.
إما يتسخط بقلبه ، والتسخط بالقلب هو أن يكون في قلبه شيء على ربه والعياذ بالله.
أو يتسخط بلسانه ، والتسخط باللسان يكون بالدعاء بالويل والثبور.
أو يتسخط بجوارحه ، والتسخط بالجوارح يكون بلطم الخدود وضرب الصدور.
والتسخط محرم ولا يجوز ، وهو منافٍ للصبر الذي أمر الله به ، ودليل على ضعف الإيمان بالقضاء والقدر.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر

٥ صفر ١٤٣٨هـ

@ تفسير آيات من القرآن الكريم (3) @

تفسير قوله تعالى: (والذين همـ لأمـٰنـٰتهمـ وعهدهمـ رٰعون) سورة المؤمنون (٨)

يصف ربنا عزوجل عباده المؤمنين بأنهم يحفظون الأمانات التي اؤتمنوا عليها ، والأمانات التي أُمرنا بحفظها كثيرة منها:
المحافظة على العبادات ، والمحافظة على الأولاد والزوجات ، والمحافظة على أموال الناس ، والمحافظة على العمل ، المحافظة على العهود والمواثيق وغير ذلك.

وحفظ الأمانة علامة من علامات أهل الإيمان ، وضياع الأمانة علامة من علامات أهل النفاق ،
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(آية المنافق ثلاث) وذكر(وإذا ائتمن خان)
رواه البخاري(٣٣) ومسلم(٥٩)

عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(أربع مَن كن فيه كان منافقاً خالصاً ، ومَن كانت فيه خَصلة منهن كانت فيه خَصلة من النفاق حتى يدعها:(إذا ائتمن خان…)
رواه البخاري(٣٤) ومسلم(٥٨) واللفظ للبخاري.

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام:( لا إيمان لمن لا أمانة له) رواه أحمد(١٢٣٢٥) وصححه ابن حبان(١٩٤)
و قوى سنده الذهبي كما في فيض القدير(٦/٣٨١)
وحسنه الهيثمي في المجمع(١/٩٦)
وصححه الألباني في صحيح الجامع(٧١٧٩)

قال العلامة ابن بدران في شرح الشهاب(١٩٤): قوله:(لا إيمان لمن لا أمانة له) معناه: أن المؤمن من آمنه الناس على أنفسهم وأموالهم فمن خانهم لم يكن كامل الإيمان.اهـ

ونهانا ربنا عزوجل عن ضياع الأمانة
قال تعالى: (لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)
وهذا نهي ، والنهي للتحريم ، وقد نص بعض أهل العلم أن خيانة الأمانة كبيرة من كبائر الذنوب ، قال الحافظ الذهبي في الكبائر(١٣٤): الكبيرة الرابعة والثلاثون: الخيانة.اهـ

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر

٢ صفر ١٤٣٨هـ

@ تفسير آيات من القرآن الكريم (٢) @

تفسير قوله تعالى: ( واستغفر لذنبك )

قال تعالى: (فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك)
وقال: (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك)

– يأمر ربنا عزوجل في هاتين الآيتين بالاستغفار وهو طلب المغفرة أي طلب ستر الذنب ، لأن المغفرة معناها الستر.
ويكون الاستغفار من ترك ما أمرت به الشريعة أو فعل ما نهت عنه الشريعة ، فإذا ترك العبد واجباً من الواجبات الشرعية ، لزمه الاستغفار.
وإذا فعل محرماً من المحرمات ، لزمه الاستغفار.
والاستغفار يكون بالقلب واللسان معاً كما نص على ذلك أهل العلم.

فعلى العبد إذا وقع في معصية من المعاصي ، أن يبادر إلى الاستغفار من غير تأخير ، والله سبحانه وتعالى غفور لمن تاب إليه وأناب ، قال عزوجل: (وإني لغفار لمن تاب وءامن وعمل صـٰلحاً ثم اهتدى)
ومن أسماء الله الحسنى ، الغفور والغفار ،
قال تعالى: (ألا إن الله هو الغفور الرحيم) وقال: (هو العزيز الغفار)
ومعناه: واسع المغفرة لمن تاب إليه.
كتبه/
بدر بن محمد البدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بحفر الباطن.

١٧ ذي الحجة ١٤٣٧هـ

@ تفسير آيات من القرآن الكريم (1) @

تفسير قوله تعالى (الذين هم في صلاتهم خـشعون).

يصف ربنا عزوجل عباده المؤمنين بأنهم أهل خشوع في صلاتهم ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خـٰشعون)

– وأمرهم في الخشوع في صلاتهم ، قال تعالى: (وقوموا لله قانتين) يعني خاشعين.

– وبين عزوجل أن الصلاة ثقيلة إلا على أهل الخشوع.
قال تعالى: ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخـٰشعين ).

والخشوع: هو السكينة والطمأنينة.
وهو نوعان:
الأول: خشوع القلب. وهو حضوره في الصلاة.
الثاني: خشوع الجوارح. وهو السكينة وعدم الحركة في الصلاة.

– حالات الناس في الصلاة:
القسم الأول: من خشع قلبه وخشعت جوارحه في الصلاة. وهؤلاء هم أهل الخشوع في صلاتهم.
القسم الثاني: من خشعت جوارحه ولم يخشع قلبه.
وهذا يكتب له من الأجر على قدر ما حضر قلبه في الصلاة كما جاء ذلك في حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه.
القسم الثالث: من أساء في صلاته إما بكثرة الحركة أو عدم الطمأنينة.
والطمأنينة ركن وتركها مبطل للصلاة ، لحديث المسيء في صلاته.
والحركة إذا كانت كثيرة متتابعة عرفاً لغير حاجة فإنها محرمة ومبطلة الصلاة ، وأما إذا كانت قليلة لغير حاجة فإنها مكروهة.
القسم الرابع: من خشع قلبه وخشعت جوارحه ، ويأتيه الشيطان كي يلبس عليه فيدافعه ، وهذا في جهاد مع الشيطان ، والسنة أن يستعيذ بالله من الشيطان ويتفل عن يساره ثلاثاً.
كتبه/
بدر بن محمد البدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بحفر الباطن

١٦ ذي الحجة ١٤٣٧هـ