– طليعة الرد على الحدادية –
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن والاه وبعد:
فهذه طليعة يسيرة أردت منها بيان حال فرقة الحدادية غلاة التكفير والتبديع والتفسيق ، ليحذر منهم ومن مذهبهم المنحرف ، ويتقيهم كل مَن لا يعرفهم ، أو مَن يُحسن الظن فيهم.
وهذه الفرقة التي أسسها المدعو/ محمود الحداد المصري ، لها أصول كثيرة.
من هذه الأصول:
– الأصل الأول: الطعن بالعلماء.
من علامات الحدادية ، الطعن في العلماء الأكابر
فتجدهم يطعنون في العلماء ، إما بالتكفير أو التبديع أو التفسيق أو الاستهزاء والسخرية.
وهذا خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة.
فإن علامة أهل السنة ، حبهم لعلماء أهل السنة ، والترحم عليهم وتوقيرهم ، والاعتراف بفضلهم ، ومعرفة قدرهم ، والاعتذار لهم إذا وقع منهم خطأ أو زلل.
عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر ويعرف لعالمنا حقه)
رواه أحمد(١/٢٥٧) والترمذي(١٩٨٦) وصححه ابن حبان(١٩١٣)
وله شاهد عن عبدالله بن عمرو ، رواه أحمد(٢/٢٠٧) والترمذي(١٩٨٥)وصححه
وله شاهد آخر عن عبادة بن الصامت ، رواه أحمد(٥/٣٢٣) والحاكم(١/١٢٢)
قال طاوس رحمه الله: ( من السنة أن يوقر أربعة: العالم وذو الشيبة والسلطان والوالد )
ذكره البغوي في شرح السنة(١٣/٤٣)
وقال الإمام أبو عثمان النيسابوري في عقيدة السلف(٣٠٧): وإحدى علامات أهل السنة : حبهم لأئمة السنة وعلمائها وأنصارها وأوليائها.اهـ
وعلامة أهل البدعة ، الطعن بعلماء أهل السنة.
قال أبو إسماعيل الترمذي: سمعت الإمام أحمد وقال له رجل: إن رجلاً قال: إن أصحاب الحديث قوم سوء ، فقال أحمد: هذا زنديق.
(الآداب الشرعية لابن مفلح-٢/٤٠)
وقال الإمام أبو حاتم الرازي: علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر.
(شرح أصول الاعتقاد للاكائي-٢/١٧٩)
وقال الإمام أبو عثمان النيسابوري في عقيدة السلف (٢٩٩): وعلامات البدع على أهلها ظاهرة بادية وأظهر آياتهم وعلاماتهم شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي عليه الصلاة والسلام واحتقارهم لهم وتسميتهم إياهم: حشوية وجهلة وظاهرية ومشبهة ، اعتقاداً منهم في أخبار رسول الله عليه الصلاة والسلام أنها بمعزل عن العلم وأن العلم ما يلقيه الشيطان إليهم ، من نتائج عقولهم الفاسدة ، ووساوس صدورهم المظلمة وهواجس قلوبهم الخالية من الخير العاطلة وحججهم بل شبههم الداحضة الباطلة.اهـ
– والطعن في العلماء الربانيين له مفاسد كثيرة
جدًا ، من هذه المفاسد:
أولاً: أنه محاربة لله سبحانه وتعالى.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ( إن الله قال: من عادي لي ولياً فقد آذنته بالحرب)
رواه البخاري(٦٥٠٢)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح(١١/٤٣٠):
قوله: ( من عادي لي ولياً) المراد بولي الله العالم بالله المواظب على طاعته المخلص في عبادته ، وقد استشكل وجود أحد يعاديه لأن المعاداة إنما تقع من الجانبين ومن شأن الولي الحلم والصفح عمن يجهل عليه ، وأُجيب بأن المعاداة لم تنحصر في الخصومة والمعاملة الدنيوية مثلاً بل قد تقع بغض ينشأ عن التعصب كالرافضي في بغضه لأبي بكر ، والمبتدع في بغضه للسني فتقع المعاداة من الجانين.اهـ
ثانياً: أن الطعن في العلماء ، طعن في العلم الذي ورثوه ، لأن العلماء هم ورثة الأنبياء ، ورثوا العلم وعملوا به علموه ، والطعن بهم طعن بالعلم الذي حملوه.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا ، ورَّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر )
رواه أبو داود (٣٦٤١) والترمذي(٢٦٨٢) واللفظ له وصححه الألباني في صحيح أبي داود(٢/٦٩٤)
ثالثاً: أن الطعن في العلماء ، مخالف للنصوص الشرعية الدالة على فضلهم وعلو مكانتهم وقدرهم.
قال تعالى: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ).
وقال تعالى: ( يَرْفَعِ اللهُ الَّذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )
وقال تعالى: (فاسألوا أهل الذِّكر إنْ كنتم لا تَعلمون).
وقال تعالى: ( إنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )
وقال تعالى: (شهد الله أنه لاإله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لاإله إلا هو العزيز الحكيم)
قال الإمام ابن القيم في مفتاح دار السعادة(٤٨): استشهد سبحانه بأولى العلم على أجلّ مشهود عليه وهو توحيده ، فقال: ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط )
وهذا يدل علي فضل العلم وأهله من وجوه:
أحدها: استشهادهم دون غيرهم من البشر.
والثاني: اقتران شهادتهم بشهادته.
والثالث: اقترانها بشهادة ملائكته.
والرابع: أن في ضِمن هذا تزكيتهم وتعديلهم .
فإن الله لا يستشهد من خلقه إلا العدول ومنه الأثر المعروف عن النبى صلى الله عليه وسلم ( يحمل هذا العلم من كل خلفٍ عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ).
السادس: أنه سبحانه استشهد بنفسـه وهـو أجَلّ شاهـد ثم بخيار خلقه وهم ملائكته والعلماء من عباده ، ويكفيهم بهذا فضلا وشرفاً.اهـ
عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( إِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِى السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِى الأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِى جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ )
رواه أبو داود (٣٦٤١) والترمذي(٢٦٨٢) واللفظ له وصححه الألباني في صحيح أبي داود(٢/٦٩٤)
رابعًا: من المفاسد أن يكون العلماء خصومك يوم القيامة ، فكيف بك إذا كان خصمك في ذلك اليوم العظيم ، علماء أجلاء كأبي حنيفة وابن الجوزي والنووي والذهبي وشيخ الإسلام وابن حجر والسعدي وابن باز والألباني والفوزان وغيرهم من أهل العلم والفضل.
والله الموعد.
كتبه/
بدر بن محمد البدر العنزي.
٤/٤/١٤٣٧هـ