– كلمات في الدعوة إلى الله.
– الكلمة/ النهي عن سب الريح.
أيها الأخوة: إن الريح ، مخلوق من مخلوقات الله عزوجل ، يصرفها الله كيف يشاء ، وقد وكّل الله عزوجل ملائكة تصرف الريح بأمره سبحانه وتعالى ، وقد تأتي الريح بالشر ، كقلع الأشجار ودفن الزروع وهدم البيوت وانعدام الرؤية وغير ذلك ، قال تعالى: (وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ، ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميمـ) أي كالشيء الهالك البالي.
وقد تأتي بالخير ، كتلقيح النخيل والمطر وإزالة المرض إذا نزل في بلد وغير ذلك ، قال تعالى:(وأرسلنا الريـٰح لوٰقح)
قال أبو هريرة رضي الله سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: (الريح من روح الله تعالى تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب)
رواه أبو داود(٥٠٩٧) وحسنه النووي في الأذكار(٥٢١)
فالريح مُسخرة يُسخرها الله عزوجل كيف يشاء ،
تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب ، وقد نهانا النبي عليه الصلاة والسلام عن سبها ، كما جاء في الحديث عن أُبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (لا تسبوا الريح) رواه الترمذي(٢٢٥٢) وصححه ، وصححه الحاكم(٢/٢٩٨) والألباني في الصحيحة(٢٧٥٦)
وله شاهد عن أبي هريرة رواه البخاري في الأدب المفرد(٧٢٠) وأبو داود(٥٠٩٧)
حسنه النووي في الأذكار(٥٢١)
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلاً لعن الريح عند النبي عليه الصلاة والسلام فقال: (لا تلعن الريح ، فإنها مأمورة ، وإنه من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه)
رواه أبو داود(٤٩٠٨) والترمذي(١٩٧٨) صححه ابن حبان(٥٧٤٥) والألباني في سنن أبي داود(٤٩٠٨)
قال الإمام الشافعي في الأم(٢/٥٥٦): لا ينبغي لأحد أن يسُب الريح فإنها خلق لله تعالى مُطيع وجُند من أجناده يجعلها رحمة ونقمة إذا شاء.اهـ
– أيها الأخوة: إن سب الريح محرم وهو كسب الدهر ، لأن سبه يعود على الله عزوجل بالإيذاء ، فسب الريح سب لخالق الريح ، جاء في الحديث
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار)
رواه البخاري(٤٨٢٦) ومسلم(٢٢٤٦) وفي رواية لمسلم(٢٢٤٦): (لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر)
– ما يقال إذا هاجت الريح:
ينبغي للمسلم إذا هاجت الريح واشتدت أن يسأل الله عزوجل خيرها ويعوذ به من شرها.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا عصفت الريح قال: (اللهم إني أسألُك خيرَها وخيرَ ما فيها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرِها وشر ما أرسلت به)
رواه البخاري(٣٢٠٦) ومسلم(٨٩٩)
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (لا تسبوا الريح فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسأَلُك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أُمرت به ، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أُمرت به)
رواه الترمذي(٢٢٥٢) وصححه ، وصححه الحاكم(٢/٢٩٨) والألباني في الصحيحة(٢٧٥٦)
وعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا هاجت ريح شديدة قال: (اللهم إني أسألُك من خير ما أُرسلت به ، وأعوذ بك من شر ما أرسلت به)
رواه البخاري في الأدب المفرد(٧١٧)
وصححه الألباني في الصحيحة(٢٧٥٧)
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كان رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا اشتدت الريح يقول: (اللهم لقحاً ، لا عَقِيماً)
رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة(٢٩٨) وصححه الحاكم في المستدرك(٤/٢٨٦) والنووي في الأذكار(٥٢٤) وحسنه الألباني في الصحيحة(٢٠٥٨)
قوله(لقحاً) هي الريح الحاملة للسحاب الحاملة للماء كاللقحة من الأبل ، وقوله(لا عقيماً) هي الريح التي لا ماء فيها كالعقيم من الحيوان لا ولد فيها.
– ويسن قراءة المعوذتين إذا اشتدت الريح.
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : بينا أنا أسير مع رسول الله عليه الصلاة والسلام بين الجُحفة والأبواء إذ غشيتنا ريح وظلمة شديدة فجعل رسول الله عليه الصلاة والسلام يتعوذ بـ (أعوذ برب الفلق ) و ( أعوذ برب الناس ) وهو يقول: ( يا عقبة تعوذ بهما ، فما تعوذ متعوذ بمثلهما ) رواه أبو داود (١٤٦٣) وصححه الألباني في سنن أبي داود(١٤٦٣)
– أيها الأخوة: إن وصف الريح بالشدة أو بالحرارة أو بالبرودة ليس سباً لها ، قال تعالى: (وأما عاد فأُهلكوا بريح صرصر عاتية) وهذا وصف للريح أنها شديدة الهبوب ، فوصف الريح بالشدة أو الحر أو البرد جائز ، وأما سب الريح ولعنها فمحرم غير جائز.
– كتبه/
بدر محمد البدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر
15 جمادى الثاني 1438هـ