كلمات في الدعوة إلى الله – ما يلحق المسلم من الثواب بعد موته

-كلمات في الدعوة إلى الله.

-ما يلحق المسلم من الثواب بعد موته:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

عباد الله: إن الإنسان إذا مات ، انقطع عمله ، ولا ينفعه بعد موته إلا عمله الصالح الذي عمله في الدنيا ، قال تعالى في سورة النجم: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) يعني ليس للإنسان من العمل إلا عمله الصالحه الذي عمله في الدنيا ، وجاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إنه إذا مات أحدكم انقطع عملُه) رواه مسلم(٢٦٨٢)
قوله: (إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله) يعني انقطع عمله الذي كان يعمله حال حياته.

إلا أن الأدلة الشرعية من الكتاب وصحيح السنة دلت على وصول ثواب بعض الأعمال الصالحة التي يعملها الحي للميت ، منها:

١-دعاء المسلمين للميت واستغفارهم له.
قال تعالى: (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات)
وقال تعالى: (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإِخواننا الذين سبقونا بالإيمان)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام نعى النجاشي لأصحابه ثم قال: (استغفروا له) رواه أحمد(١٠٧٩٦) ورجاله ثقات.

وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبي عليه الصلاة والسلام إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: (استغفروا لأخيكم ، وسلوا له التثبيت…)رواه أبو داود(٣٢٢١)وصححه الحاكم(١/٣٧٠)والألباني في سنن أبي داود(٣٢٢١)

ونقل الإمام ابن قدامة في المغني(٣/٥١٩)الإجماع على انتفاع الميت المسلم بالدعاء والاستغفار.

٢-ويلحق المسلم بعد موته: دعاء الولد الصالح لوالديه ، بالرحمة والمغفرة ورفع الدرجة في الجنة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله قال: (إذا مات الإنسان انقطع عملُه إلا من ثلاث) وذكر (أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم(١٦٣١)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مما يَلحق المؤمنَ من عمله وحسناته بعد موته) وذكر (وولدًا صالحًا ترَكه)
رواه ابن ماجه(٢٤٢) قال المنذري في الترغيب(١/٥٥): إسناده حسن.
وحسنه الألباني في صحيح الجامع(٢٢٣١)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إن الرجل لتُرفعُ درجتهُ في الجنة ، فيقول: أنى لي هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك) رواه أحمد(١٠٥٥٩)ابن ماجه(٣٦٦٠)
وصححه ابن حبان(٦٦٣)والبوصيري في مصباح الزجاجة(٢/١٢٠٦) قال الصنعاني في التنوير(٣/٤٦١):إسناده جيد
وصححهالألباني في صحيح الجامع(١٦١٧)

قال العلامة ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين(٣/٢٧٦): الولد غير الصالح لا يدعو لوالديه ولا يبرهما ، لكن الصالح هو الذي يدعو لوالديه بعد موتهما.اهـ

٣-ويلحق المسلم بعد موته: الصدقة عنه.
عن عائشة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي عليه الصلاة والسلام إن أمي افتلتت نفسها وأُراها لو تكلمت تصدقت ، فهل لها أجر إن تصدقت عنها) قال: (نعم)
رواه البخاري(١٣٨٨) ومسلم(١٠٠٤)

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبي مات وترَك مالاً، ولَم يُوصِ، فهل يُكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: (نعم)رواه مسلم(١٦٣٠)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله قال: (إذا مات الإنسان انقطع عملُه إلا من ثلاث: صدقة جارية…) رواه مسلم(١٦٣١)

قال الحافظ النووي في شرح مسلم(١٠٠٤): وفي هذا الحديث جوازُ الصدقة عن الميِّت واستحبابها، وأنَّ ثوابها يَصله ويَنفعه، ويَنفع المتصدِّق أيضًا، وهذا كلُّه أجمَع عليه المسلمون.اهـ

قال العلامة ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين(٣/٢٧٦): دل الحديث على جواز الصدقة على الميت ، فتنوي إذا أردت أن تتصدق أن هذه عن أمك ، عن أبيك ، عن أخيك ، عن أختك ، عن أي إنسان مسلم ميت فإن ذلك ينفعه.اهـ

٤-ويلحق المسلم بعد موته: الحج عنه.
عن عبدالله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: بينما أنا جالس عند رسول الله عليه الصلاة والسلام إذ أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أُمي بجارية وإنها ماتت ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (وجب أجرُك وردها عليكِ الميراث)
قالت: يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: (صومي عنها)
قالت: إنها لم تحج قط أفأحج عنها؟ قال: (حجي عنها) رواه مسلم(١١٤٩)

٥-ويلحق المسلم بعد موته: الوقف ، كأن يبنى له مسجد أو يحفر له بئر أو يطبع له مصحف أوغير ذلك.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مما يَلحق المؤمنَ من عمله وحسناته بعد موته: ومصحفًا ورَّثه ، أو مسجدًا بناه ، أو بيتًا لابن السبيل بناه ، أو نهرًا أجراه ، أو صدَقة أخرَجها من ماله في صحته وحياته يَلحقه من بعد موته)
رواه ابن ماجه(٢٤٢) قال المنذري في الترغيب(١/٥٥): إسناده حسن.
وحسنه الألباني في صحيح الجامع(٢٢٣١)

٦-ويلحق المسلم بعد موته: قضاء نذره ، وقضاء صيامه وغيرهما.
عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: استفتى سعد بن عبادة رسول الله عليه الصلاة والسلام في نذر كان على أمه ، توفيت قبل أن تقصيه ، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (فاقضه عنها)
رواه البخاري(٢٧٦٢)ومسلم(١٦٣٨)

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)رواه البخاري(١٩٥٣) ومسلم(١١٤٨)

٧-ويلحق المسلم بعد موته: العلم الشرعي الذي خلّفه بعده.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله قال: (إذا مات الإنسان انقطع عملُه إلا من ثلاث) وذكر (أو علم ينتفع به) رواه مسلم(١٦٣١)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مما يَلحق المؤمنَ من عمله وحسناته بعد موته: علمًا عَلَّمه ونشَره…)
رواه ابن ماجه(٢٤٢) قال المنذري في الترغيب(١/٥٥): إسناده حسن.
وحسنه الألباني في صحيح الجامع(٢٢٣١)

-عباد الله: هذه بعض الأعمال الصالحة التي دل الدليل على وصول ثوابها للميت ، وهي الدعاء والاستغفار والصدقة والحج والوقف وقضاء ديونه والعلم الشرعي.

قال العلامة المرداوي في الإنصاف(٦/٢٦١): الدعاء والاستغفار والواجب الذي تدخُلُه النيابة وصدقة التطوع والعتق وحج التطوع إذا فعلها المسلم وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إجماعاً.اهـ

وما سواها كقراءة القرآن والأذكار الشرعية وغيرهما فلا نجزم بوصول ثوابه للميت لعدم الدليل عليه ، لأن وصول الثواب للميت وعدم وصوله من الأمور الغيبية التي نتوقف فيها على الدليل الشرعي من الكتاب وصحيح السنة.

كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية

٢٦ صفر ١٤٣٩هـ