-كلمات في الدعوة إلى الله.
-الكلمة/ أحوال الناس عند مقابلة الأذى.
-عباد الله: إن العبد المسلم عُرضة للإبتلاء ، ومن الإبتلاء الذي قد يُبتلى به العبد ، الإبتلاء بأذى الناس له.
والأذى أنواع:
١-أذى بالقول كالسب والغيبة.
٢-أذى بالفعل كالضرب.
٣-أذى بالقول والفعل معاً.
وأذى المسلمين محرم بكل أنواعه سواء كان بالقول أو بالفعل أو بهما معاً ، قال تعالى: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً)
وعن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (لا تؤذوا المسلمين)رواه الترمذي(٢٠٣٢)وصححه ابن حبان(٥٧٦٣)
وهذا نهي عن أذى المسلمين ، والنهي يقتضي التحريم.
-عباد الله: إن الناس يتفاوتون في مقابلة الأذى الذي يأتيهم من الناس.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في قاعدة في الصبر(٩٦): الناس عند مقابلة الأذى ثلاثة أقسام:
١-ظالم يأخذ فوق حقه.
٢-مقتصد يأخذ بقدر حقه.
٣-محسن يعفو ويترك حقه.اهـ
فالناس عند مقابلة الأذى ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الظالم ، وهو الذي يأخذ حقه وزيادة.
وظلم الناس محرم ، جاء في الحديث عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) رواه مسلم(٢٥٧٧)
قال الحافظ النووي في شرح مسلم(٢٥٧٧): قوله(وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) أي لا تتظالموا ، والمراد: لا يظلم بعضكم بعضاً ، وهذا توكيد لقوله (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً) وزيادة تغليظ في تحريمه.اهـ
-والظلم ظلمات يوم القيامة.
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) رواه مسلم(٢٥٧٨)
قال الحافظ النووي في شرح مسلم(٢٥٧٨): قال القاضي: قيل: هو على ظاهره فيكون ظلمات على صاحبه لا يهتدي يوم القيامة سبيلاً.اهـ
-ويخشى على من أخذ حقه وزيادة الوقوع في الفجور في الخصومة ، والفجور في الخصومة محرم وهو من صفات أهل النفاق.
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (أربع من كُن فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كان فيه خَلّة منهن كان فيه خَلة من نِفاق حتى يدعها) وذكر(وإذا خاصم فجر) رواه البخاري(٣٤) ومسلم(٥٨) واللفظ له.
القسم الثاني: مقتصد ، وهو الذي يأخذ بقدر حقه ، من غير زيادة.
قال تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)
وقال تعالى: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عاقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين)
وقال تعالى: (وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها فمن عفى وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين)
قال السدي رحمه الله في قوله تعالى(وجزاء سيئة سيئة مثلها) إذا شتمك بشتمه فاشتمه مثلها من غير أن تعتدي)رواه الطبري في تفسيره(٢١/٥٤٨)
-القسم الثالث: محسن ، وهو الذي يعفو ويترك حقه.
والعفو والصفح عن المسيء فعل ممدوح ومحمود مرغب فيه.
قال تعالى: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم)
وقال تعالى: (والكـٰظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)
وقال تعالى: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله)
قال الإمام الطبري في تفسيره(٢١/٤٥٨): قوله تعالى”فمن عفا وأصلح فأجره على الله”أي فمن عفا عمن أساء إليه إساءته إليه ، فغفرها له ولم يعاقبه بها ، وهو على عقوبته عليها قادر ابتغاء وجه الله ، فأجر عفوه ذلك على الله ، والله مثيبه عليه.اهـ
-وتكاثرت الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام في الحث على العفو والترغيب فيه ، فمما روي في ذلك:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً) رواه مسلم(٢٥٨٨)
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له: (يا عقبة بن عامر ، صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك) رواه أحمد(١٦٩٩٩)وأودعه الألباني في الصحيحة(٨٩١)
-عباد الله: ينبغي للعبد أن يقابل الإساءة بالإحسان ، فإن مقابلة الإساءة بالإحسان من مكارم الأخلاق وأحسنها ، قال تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة)أي إذا أساء لك شخص بقول أو فعل فلا تقابل الإساءة بمثلها وعليك بالعفو (فمن عفا وأصلح فأجره على الله)
قال ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى(ادفع بالتي هي أحسن)قال: أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب والحلم والعفو عند الإساءة فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم)رواه الطبري في تفسره(٢١/٤٧١)
-ومقابلة الإساءة بالإحسان من صفات
النبي عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)
قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه في وصف النبي عليه الصلاة والسلام: (ولا يدفع السيئة سيئة ، ولكن يعفو ويغفر)راه البخاري(٢١٢٥)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ولا يجزئ بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح)رواه الترمذي(٢٠١٦)وقال:حديث حسن صحيح.
-والله أعلم.
-كتبه/
بدر بن محمد بدر العنزي
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية
٢ جمادى الأول ١٤٣٩هـ