@ مباحث في علم مصطلح الحديث – تفضيل صحيح البخاري على صحيح مسلم @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –
– تفضيل صحيح البخاري على صحيح مسلم –

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

– قال الحافظ النووي في مقدمة
شرح مسلم(٢١) : اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن الصحيحان البخاري ومسلم وتلقتهما الأمة بالقبول وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد،
وهذا الذي ذكرناه من ترجيح كتاب البخاري هو المذهب المختار الذي قاله الجماهير،
وقال أبو علي النيسابوري كتاب مسلم أصح ووافقه بعض شيوخ المغاربة والصحيح الأول.اهـ

وقال الإمام الزركشي في النكت على
المقدمة(٥٩): تفضيل كتاب البخاري على كتاب مسلم هو الصحيح المشهور وممن اختاره النسائي فقال: ما في هذه الكتب أجود من كتاب البخاري،وقرر ذلك الإسماعيلي وابن السمعاني.اهـ

– أسباب تفضيل صحيح البخاري على صحيح مسلم:
فُضّل صحيح البخاري على صحيح مسلم لعدة أسباب منها:

١- أن البخاري إمام في علم العلل ومعرفة صحيح الحديث وسقيمه ومسلم أخذ هذا العلم منه ولم يبلغ مبلغ البخاري فيه.
قال الزركشي في النكت على المقدمة(٦٠): ومما يفضل البخاري اتفاق العلماء على أن البخاري أجل من مسلم وأعلم بصناعة الحديث وقد انتخب مسلم عليه ولخص ما ارتضاه من كتابه،
قال الدارقطني:لولا البخاري ما ذهب مسلم ولا جاء.
وقال الخطيب:إنما قفى مسلم طريق البخاري ونظر في علمه وحذا حذوه.اهـ
لذلك تجد أن الأحاديث التي انتقدت على البخاري أقل بكثير من الأحاديث التي انتقدت على مسلم.
قال الحافظ ابن حجر في هدي الساري(١٤):الأحاديث التي انتقدت عليهما-أي البخاري ومسلم-نحو مائتي حديث وعشرة أحاديث اختص البخاري منها بأقل من ثمانين، ولاشك أن ما قل الانتقاد فيه أرجح مما كثر.اهـ
وقال أيضاً كما في هدي الساري ( ١٣ ): قال القرطبي: ويكفي منه اتفاقهم على أنه كان أعلم بهذا الفن من مسلم وأن مسلماً كان يشهد له بذلك.اهـ

٢- الرواة المتكلم فيهم في صحيح البخاري أقل بكثير من الرواة المتكلم عليهم في صحيح مسلم.
قال الحافظ ابن حجر في هدي الساري(١٣): الرواة الذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم أربعمائة وبضعة وثلاثون رجلاً المتكلم فيهم بالضعف منهم ثمانون رجلاً والذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري ستمائة وعشرون، المتكلم فيهم بالضعف منهم مائة وستون.اهـ
وقال الحافظ ابن حجر أيضا كما في النزهة(٨٨): البخاري لم يكثر من إخراج حديث من تكلم فيهم
بل غالبهم من شيوخه الذين أخذ عنهم ومارس حديثهم بخلاف مسلم في الأمرين.اهـ
والبخاري من أعلم الناس بشيوخه وهو َيعرف متى أصاب شيخه ومتى أخطأ لذلك تجده ينتخب من حديثهم ما أصابوا فيه ويترك ما عداه.

٣- شرط البخاري في قبول الرواية أجود من شرط مسلم
فإن البخاري اشترط في قبول الرواية ثبوت السماع مع المعاصرة واللقي واكتفى مسلم بالمعاصرة فقط.
– قال الحافظ النووي في مقدمة شرح مسلم(٢١):
وهذا المذهب يرجح كتاب البخاري.اهـ
وقال الإمام الزركشي في النكت على المقدمة(٦٠): مما يفضل به البخاري اشتراطه في الراوي مع إمكان اللقاء ثبوت السماع ومسلم يكتفي بمجرد إمكان المعاصرة.اهـ
وقال الحافظ الذهبي في السير(١٢/٥٧٣): شرط البخاري هو الأصوب والأقوى.

٤- ترجم البخاري لأحاديث صحيحه تراجماً تدل على سعة فقهه وقد قيل : فقه البخاري في تراجمه ولم يترجم مسلم لأحاديثه.
قال الزركشي في النكت على المقدمة(٦٠): مما يفضل به البخاري استنباطه المعاني الصحيحة والفقه الدقيق مسبوكاً في التراجم وأما مسلم فلم يصنع ذلك.اهـ
ووضع بعض الشراح لصحيح مسلم كالقاضي عياض والنووي تراجماً للأحاديث وليست هي بنفاسة تراجم البخاري في صحيحه.

– فائدتان :
الفائدة الأولى : قال الحافظ النووي في مقدمة شرح مسلم(٢١): انفرد مسلم بفائدة حسنة وهي كونه أسهل متناولاً من حيث إنه جعل لكل حديث موضعاً واحداً يليق به جمع فيه طرقه التي ارتضاها واختار ذكرها وأورد فيه أسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة فيسهل على الطالب النظر في وجوهه.

– الثانية : قال بعض أهل العلم : يوجد في صحيح مسلم بعض الأحاديث أقوى من بعض الأحاديث في صحيح البخاري .

كتبه
بدر محمد البدر

التعليقات معطلة.