@ الحديث المقلوب @

مباحث في علم مصلح الحديث
– الحديث المقلوب –

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :

المقلوب لغة: تحويل الشيء عن وجهه.
واصطلاحاً: هو ما وقع فيه تقديم وتأخير في متنه أو سنده.

نوعا المقلوب:
ينقسم المقلوب إلى قسمين:
الأول:مقلوب المتن:
هو ما وقع فيه تقديم أو تأخير في متنه.
مثاله:
روى مسلم(١٠٣١) قال :حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى جميعاً عن يحيى القطان قال زهير حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله أخبرني خبيب بن عبدالرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)وذكر(ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله).
لفظة(حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) مقلوبة قلبها أحد الرواة والصواب ( حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)
قال البخاري في صحيحه(٦٦٠): حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى عن عبيدالله حدثني خبيب بن عبدالرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة مرفوعاً(ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)

قال الحافظ ابن حجر في الفتح(٢/١٧١): قوله(حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) هكذا وقع في معظم الروايات في هذا الحديث في البخاري وغيره ووقع في صحيح مسلم مقلوباً(حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) وهو نوع من أنواع علوم الحديث
أغفله ابن الصلاح وإن كان أفرد نوع المقلوب لكنه قصره على ما يقع في الإسناد.اهـ

وقال الحافظ السيوطي في التدريب(١/٣٤٤): قال البلقيني:فهذا مما انقلب على أحد الرواة وإنما هو (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) كما في الصحيحين.اهـ

الثاني: مقلوب الإسناد:
وهو ما وقع فيه تقديم أو تأخير في سنده.
مثاله:
قال الحافظ ابن أبي حاتم في العلل(١٨٥):
سألت أبي عن حديث حدثنا به أحمد بن عصام الأنصاري عن أبي بكر الحنفي عن سفيان عن حكيم بن سعد عن عمران بن ظبيان عن سلمان أنه قال(من وجد في بطنه رزاً من بول أو غائط فلينصرف غير متكلم ولا داعي)
فسمعت أبي يقول: هذا إسناد مقلوب ، إنما هو سفيان عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد عن سلمان.اهـ

– القلب لأجل الاختبار:
قلب الحديث لأجل اختبار حفظ الراوي جائز
شريطة أن يبين الصواب قبل انفضاض المجلس.
مثاله:
روى الخطيب في تاريخه(٢/٢٠) بسنده إلى أبي أحمد بن عدي يقول:سمعت عدة مشايخ بحلوان أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر ودفعوها إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري، فسأله الأول عن الحديث ، فقال البخاري(لا أعرفه) فما زال يلقي عليه واحد بعد واحد حتى فرغ من عشرته، ولم يزد البخاري على قوله( لا أعرفه)
ثم انتدب إليه رجل آخر من العشرة فسأله عن تلك الأحاديث المقلوبة فقال البخاري(لا أعرفه)
ثم انتدب إليه الثالث والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة.
فالتفت البخاري إلى الأول منهم قال: أما حديثك الأول فهو كذا وحديثك الثاني فهو كذا والثالث والرابع حتى أتم العشرة فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه وفعل بالآخرين مثل ذلك،
فأقر له الناس بالحفظ.اهـ

– القلب لأجل الإغراب:
قلب الحديث تعمداً لأجل الإغراب وتكثير الروايات محرم ، ويسمى فاعله(يسرق الحديث)
قال الحافظ الذهبي في السير(١١/٥٠٤):قال أبو أحمد العسال:سمعت فضلك يقول:دخلت على محمد بن حميد وهو يركب الأسانيد على المتون.
قلت:آفته هذا الفعل وإلا فما أعتقد فيه أنه يضع متناً.وهذا معنى قولهم(فلان يسرق الحديث).اهـ

– حكم الحديث المقلوب:
المقلوب من أنواع الحديث الضعيف قاله الدمياطي في صفوة الملح(١٥٢) وغيره.
فإذا وقع القلب في الحديث كله
فإنه لا يحتج به وأما إذا وقع القلب في لفظة من ألفاظ الحديث فإنه لا يحتج بهذه اللفظة فقط.

كتبه
بدر بن محمد البدر