@ الرد التاسع عشر / على المعتزلي عدنان إبراهيم @

الرد التاسع عشر /  على المعتزلي عدنان إبراهيم

بطعنه في النصوص الشرعية بحجة مخالفتها للعقل.



يستعمل عدنان إبراهيم دائماً في خطبه ومحاضراته قول: ( العقل لا يصدق هذا) وقول:

( العقل لا يقبل هذا) وقول : (عقلاً ليس كذا)

وقول: (فكروا بعقولكم هل هذا يعقل) وغير ذلك من العبارات 

إذا كان الدليل الشرعي لا يوافق معتقدة الباطل فيرد النصوص الشرعية

بدعوى أن العقل لا يستطيع تصديق هذه الأحاديث.


وتقديم العقل على النقل أصل من أصول أهل الكلام ورثوه من فلاسفة اليونان.


 ويستدل أهل الكلام في تقديم العقل على كل شيء ، بحديث باطل وهو حديث

(أول ما خلق الله العقل قال له: أقبل ،

فأقبل ، فقال له: أدبر ، فأدبر ، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أكرم عليّ منك ، فبك آخذ وبك أعطي وبك الثواب وبك العقاب)

الحديث:

رواه ابن عدي في الكامل(٢/٣٩٠)

والطبراني في الأوسط(١٨٤٥) 

والبيهقي في شعب الإيمان(٤٦٣٣)

عن أبي هريرة مرفوعاً.

وهو حديث موضوع ، كما نص على ذلك

ابن الجوزي في الموضوعات(٣٦٦)

وقال شيخ الإسلام في الصفدية(٢٤١):

هذا الحديث موضوع وكذب عند أهل العلم بالحديث كما ذكر أبو حاتم البستي وأبو الفرج بن الجوزي وغيرهما.اهـ


وقال الشوكاني في الموضوعات(٤٩٨): قال ابن عدي: باطل منكر آفته ، محمد بن وهب الدمشقي

وقال في الميزان: صدق ابن عدي في أن الحديث باطل.اهـ


وله شاهد من حديث أبي أمامة

رواه العقيلي في الضعفاء(١١٦٩)

وذكره ابن الجوزي في الموضوعات(٣٦٨)


وشاهد آخر عن عائشة

رواه أبو نعيم في الحلية(٧/٣١٨)

 ولا يصح.


وله شاهد مرسل  عن الحسن البصري.

 رواه البيهقي في الشعب(٤٦٣٢) وقال: هذا من قول الحسن ، وقد روي عن النبي عليه الصلاة والسلام بإسناد غير قوي.اهـ


والأحاديث الواردة في فضل العقل لا يصح منها شيء.

قال الإمام ابن القيم في المنار المنيف(٦٤):

أحاديث العقل كلها كذب ، قال أبو الفتح الأزدي: لا يصح في العقل حديث ، وقاله العقيلي وأبو حاتم بن حبان.اهـ


ونص على وضعها طائفة من الحفاظ منهم:

ابن الجوزي في كتابه الموضوعات (١/٢٧٤) والهيثمي في اللآلي المصنوعة (١/١٢٩) 

وابن عراق تنزيه الشريعة (١٣١)

والشوكاني في الموضوعات (٤٩٨)

وعلي القاري في الموضوعات (٤٨)



– حقيقة العقل:


لفظ العقل في لغة المسلمين ليس هو لفظ العقل في لغة فلاسفة اليونان ومن سلك مسلكهم.

فالعقل  صفة للشخص العاقل ، يقال(فلان عاقل) أي له عقل يعقل به فهو صفة للشخص ، وليس هو عيناً قائمة بنفسها كما يقوله الفلاسفة.


قال شيخ الإسلام في الفتاوى(٩/١٤٥):

العقل في كتاب الله وسنة رسوله وكلام الصحابة والتابعين وسائر أئمة المسلمين هو أمر يقوم بالعاقل ، سواء سمي عرضاً أو صفة ، وليس هو عيناً قائمة بنفسها سواء سمي جوهراً أو جسماً أو غير ذلك ، وإنما يوجد التعبير باسم(العقل) عند الذات العاقلة التي هي جوهر قائم بنفسه في كلام طائفة من المتفلسفة الذين يتكلمون في العقل والنفس ويدعون ثبوت عقول عشرة كما يذكر ذلك من يذكره من أتباع أرسطو أو غيره من المتفلسفة المشائين ، ومن تلقى ذلك عنهم من المنتسبين إلى الملل.اهـ


وقال أيضاً(٩/١٥٣):

اسم العقل عند المسلمين وجمهور العقلاء إنما هو صفة ، وهو الذي يسمى عرضاً قائماً بالعاقل

وعلى هذا دل القرآن في قوله تعالى( لعلكم تعقلون) وقوله( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها)

وقوله( قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون)

ونحو ذلك مما يدل على أن العقل مصدر عقل يعقل عقلا ، وإذا كان كذلك فالعقل لا يسمى به مجرد العلم الذي لم يعمل به صاحبه ولا العمل بلا علم ، بل إنما يسمى به العلم الذي يعمل به والعمل بالعلم ولهذا قال أهل النار ( لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير)

وقال تعالى( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها).اهـ



– مذهب العقلانية:

العقلانية مذهب فكري فلسفي جاء به فلاسفة اليونان ، كسقراط وأرسطو 

ويزعم العقلانيون أنه يمكن الوصول إلى معرفة طبيعة الكون والوجود عن طريق الاستدلال العقلي بدون الاستناد إلى دليل من كتاب أو سنة.


وتأثر المعتزلة بالمذهب الفلسفي العقلاني ، حيث اعتمدوا على عقولهم وجعلوها أساس تفكيرهم ، وهي المرجع عندهم في إثبات العقيدة ، وقالوا: إن 

ما اقتضى العقل إثباته من صفات الله فهو ثابت وما لم يقتضِ العقل إثباته من صفات الله فإنه لا يثبت ، ويسلكون في ذلك إحدى طريقين:

الأول: إن كان يمكنهم الطعن في الدليل أي في ثبوت هذا الدليل طعنوا فيه  وقالوا لا يصح.


الطريق الثاني: إذا صح الدليل ولم يمكنهم الطعن في صحته أولوه بتأويلاتهم الباطلة.


 لذا تجد المعتزلة يطعنون في النصوص الشرعية التي تخالف عقولهم الفاسدة يأولونها تارة ويضعفونها تارة أخرى ، بحجة أن العقل لا يصدق ذلك

فجعلوا العقل هو المرجع الوحيد في معرفة الحسن والقبيح ، وهو المرجع الوحيد إلى طريق الاستدلال بدون الرجوع إلى الكتاب والسنة.


وأخذ المعتزلي عدنان إبراهيم من العقل مطعناً في الأحاديث الصحاح المخرجة في الصحيحين بحجة مخالفتها للعقل وأن العقل لا يصدق ذلك

فقال عن حديث (خلق الله آدم على صورته) وهو مخرج في الصحيحين

قال عدنان :( كيف يقال خلقه على صورته هذا لا يعقل هذا تشبيه…)

فرد الحديث بحجة أنه لا يعقل.

ورد حديث عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام بنى بها بالمدينة وهي بنت تسع سنين.

والحديث مخرج في الصحيحين.

قال عدنان إبراهيم عنه: (هذا لا يصح كيف يتزوجها وهي بنت تسع بل تزوجها وهي بنت إحدى وعشرين سنة)

وهكذا يفعل بالنصوص الشرعية

بحجة أنها لا تصدق وأنها تخالف عقله السقيم ، فسلك فيها مسلك أصحابه المعتزلة فروخ الجهمية ، وهو الطعن في النصوص الشرعية المخالفة لعقولهم الفاسدة.

وهذا دليل على جهلهم وعدم علمهم.


قال الحافظ الذهبي في السير(٢١/١٢٩):

إذا رأيت المتكلم المبتدع يقول: دعنا من الكتاب والأحاديث وهات العقل فاعلم أنه جاهل.اهـ




كتبه/

بدر بن محمد البدر

١٤٣٦/٥/٢٨هـ