السلسلة التعريفية بالكتب الحديثية رقم(٢٠١)
-مسند الإمام أحمد.
كتاب المسند للإمام الحافظ أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، المتوفى سنة(٢٤١هـ)
يعد من أمهات كتب الحديث وأهمها وأنفسها وأكثرها رواية ، روى فيه (٢٧٦٣٤)حديثاً بالمكرر.
انتقى الإمام أحمد أحاديث مسنده من سبعمائة وخمسين ألفاً.
وغالب أحاديث مسنده صحاح وحسان ، وفيه أحاديث ضعيفة وليست كثيرة بالنسبة لمسنده.
قال الحافظ الذهبي في السير(١١/٣٢٩): المسند فيه جملة من الأحاديث الضعيفة مما يسوغ نقلها ولا يجب الاحتجاج بها ، وفيه أحاديث معدودة شبه موضوعة ولكنها قطرة في بحر.اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة(٦): الحق أن أحاديثه جياد ، والضعاف منها إنما يوردها للمتابعات ، وفيه القليل من الضعاف الغرائب الأفراد أخرجها ثم صار يضرب عليها شيئاً فشيئاً وبقي بعده بقية.اهـ
وأحاديثه كثير منها مخرج في الصحيحين أو أحدهما ، ومنها مخرج في كتب السنن ، وفيه أحاديث كثيرة انفرد بها الإمام أحمد ولم يروها غيره.
-أقسام المسند:
ينقسم مسند الإمام أحمد إلى أقسام:
الأول: ما سمعه عبدالله بن أحمد من أبيه.
وهذا هو أصل مسند أحمد.
قال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة(١/١٨٣): عبدالله بن أحمد بن حنبل لم يكن في الدنيا أحد روى عن أبيه أكثر منه لأنه سمع المسند.اهـ
الثاني:ما سمعه عبدالله عن أبيه وغيره.
وهذا قليل جداً.
مثاله: قال عبدالله في المسند(٥١٨): حدثني أبي وأبو خيثمة.
الثالث: ما رواه عبدالله عن غير أبيه.
وهذا كثير ، ويعرف عند المحدثين بزوائد عبدالله.
مثاله: قال عبدالله في المسند(١٠٧٩): حدثنا عثمان بن أبي شيبة.
الرابع: ما قرأه عبدالله على أبيه.
وهذا قليل جداً.
مثاله: قال عبدالله في المسند(٤٢٥٧): قرأت على أبي حدثكم عمرو بن مجمع.
الخامس: ما وجده عبدالله بخط أبيه.
ويسمى الوجادة ، والوجادات في المسند بلغت(١١٠) حديث.
مثاله: قال عبدالله في المسند(٣٠٥٩) وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثنا يحيى بن إسحاق.
السادس: ما رواه القطيعي عن غير عبدالله وغير أبيه الإمام أحمد.
ويسمى عند المحدثين زيادات القطيعي على المسند ، وفيه أربعة أحاديث فقط.
مثاله: قال ابن مالك القطيعي في المسند(٢٢٣٤١) ثنا الفضل بن الحباب ثنا القعنبي ثنا شعبة ثنا منصور عن ربعي عن أبي مسعود الأنصاري مرفوعاً: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت).
-فائدة:
معنى قول الإمام أحمد عن مسنده: (فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام فارجعوا إليه فإن كان فيه وإلا فليس بحجة).
أحسن ما قيل في معنى كلامه ، هو قول العلامة ابن الجزري في المصعد الأحمد(٣٦): وأما قوله فما اختلف فيه من الحديث رجع إليه وإلا فليس بحجة ، يريد أصول الأحاديث ، وهو صحيح ، فإنه ما من حديث غالباً إلا وله أصل في المسند.اهـ
-عدة شيوخ الإمام أحمد الذين روى عنهم في المسند:
قال الحافظ الذهبي في السير(١١/٥٩): فعدة شيوخ الإمام أحمد بن حنبل الذين روى عنهم في المسند مئتان وثمانون ونيفٍ.اهـ
أكثر من روى عنهم الإمام أحمد:
١-وكيع بن الجراح
٢-عبدالرحمن بن مهدي
٣-هشيم بن بشير
روى عن هؤلاء الثلاثة آلاف الأحاديث.
-فائدة:
الإمام أحمد لم يصنف المسند بل جمعه ولده عبدالله.
قال الحافظ الذهبي في السير(١٣/٥٢٢): الإمام أحمد كان لا يرى التصنيف ، وهذا كتاب المسند له لم يصنفه هو ولا رتبه ولا اعتنى بتهذيبه بل كان يرويه لولده نُسخاً وأجزاءً ويأمره ، أن ضع هذا في مسند فلان وهذا في مسند فلان.اهـ
-عاداته في مسنده:
١-بدأ مسنده بأحاديث العشرة المبشرين بالجنة وهم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبدالرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح ثم بقية الصحابة رضي الله عنهم وختمه مسنده بمسند النساء.
٢-ومن عاداته: أنه يذكر اسم الصحابي ثم يورد كل ما رواه عن النبي عليه الصلاة والسلام من الأحاديث.
٣-ومن عاداته: أنه ينسب من أُهمل اسمه من الرواة غالباً.
مثاله: قال أحمد(ح٦)حدثنا عبدالرحمن بن مهدي وأبوعامر قالا: ثنا زهير يعني ابن محمد عن عبدالله يعني ابن محمد بن عقيل.
٤-ومنها: أنه إذا روى عن أكثر من شيخ لا يبين لمن اللفظ.
٥-ومنها: أنه إذا روى الحديث من طريقين أو أكثر يروي أحدهما بسنده ومتنه ثم يسوق سند الطريق الثاني دون متنه. ويكتفي بقوله(وذكر معناه) و(فذكر الحديث)و(مثله).
٦-ومنها: أنه روى في مسنده بعض الآثار ، بلغت (٢٠٠) آثراً.
٧-ومنها: أنه ينص على العلة أحياناً.
مثاله: قال أحمد(٢٨٠٦) ثنا وكيع عن سفيان عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (الماء لا ينجسه شيء)
قال أحمد: حدثنا به وكيع في المصنف عن سفيان عن سماك عن عكرمة. ثم جعله بعد عن ابن عباس.اهـ
وقال أحمد(١٦٠٩٤): ثنا يونس قال ثنا حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبدالله بن الزبير أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لكل نبي حواري وحواري الزبير)
قال أحمد: ثنا يحيى ووكيع عن هشام بن عروة ، مرسل.
وثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد ، مرسل ، وليس فيه ابن الزبير.اهـ
٨-ومنها: أنه يذكر اختلاف ألفاظ الرواة أحياناً.
مثاله: قال أحمد(١٦١٥٤): ثنا يحيى بن آدم ثنا ابن المبارك عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أبي أوس الثقفي رضي الله عنه مرفوعاً: (مَن غسل واغتسل يوم الجمعة وبكّر وابتكر…)
قال أحمد: ثنا إبراهيم بن إسحاق قال ثنا ابن المبارك عن الأوزاعي قال ثنا حسان بن عطية قال حدثني أبو الأشعث الصنعاني قال حدثني أوس بن أبي أوس الثقفي قال سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام. فذكر مثله ، إلا أنه قال: (ثم غدا وابتكر).
٩-ومنها: أنه إذا لم يتأكد من لفظ الحديث يقول:(أو كما قال)
مثاله: قال أحمد(١٩٨١٢) ثنا إسماعيل ثنا يزيد يعني الرِّشْك عن مطرف بن الشخير عن عمران بن حصين قال: قال رجل يا رسول الله أعلم أهل الجنة من أهل النار؟ قال: (نعم) قال: فبم يعمل العاملون؟ قال: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) أو كما قال.
١٠-ومنها: أنه يفسر غريب الحديث أحياناً.
مثاله: قال أحمد(٢٣٨٦٨): ثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشَّريد أن سعداً ساوم أبا رافع ، أو أبو رافع ساوم سعداً فقال أبو رافع: لولا أني سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: (الجار أحق بسَقَبِه) ما أعطيتك.
قال عبدالرزاق في حديثه: والسقب القُرب.
كتبه/
بدر محمد بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد
٢٢ شوال ١٤٣٨هـ