-كلمات في الدعوة إلى الله.
-الكلمة رقم(٦٨): أصول الخوارج أصول الإخوان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :
أيها الأخوة الأفاضل: إن كل فرقة من الفرق لها أصول تعتقدها وتدين الله بها وتدعو إليها وتوالي لأصولها وتعادي عليها.
ومن هذه الفرق فرقة الخوارج ، وهم شر الفرق على الإطلاق.
وقد استفاضت الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام في تحذيره من الخوارج ، وبيان زيغهم وضلالهم ، بل وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه لو أدركهم ليقتلهم قتل عاد.
وهذه الفرقة الضالة المنحرفة بَنَت معتقدها الضال على عدة أصول فاسدة ، أشهرها أربعة أصول وهي:
– الأصل الأول: تكفير المسلمين.
فإن من أصول الخوارج تكفيرهم لمرتكب الكبيرة
من المسلمين وأنه خالد مخلد في النار ، وتوسع بعض الخوارج وكفر مرتكب الكبيرة والصغيرة.
قال الحافظ محمد الكرجي كما في نكت القرآن الدالة على البيان(١/٢٧٣): الشراة – يعني الخوارج – في باب الذنوب فإنهم يعدون صغيرها وكبيرها كفراً والذنب كفراً.اهـ
وتكفير المسلمين بمجرد من كبائر الذنوب التي دون الكفر ، أمر محرم ، وكبيرة من الكبائر ،
قال الحافظ الذهبي في الكبائر(١٧١):
الكبيرة التاسعة والأربعون: التكفير بالكبائر.اهـ
والخوارج خالفوا بتكفيرهم المسلمين بالكبائر والصغائر وتخليدهم في نار جهنم ، الكتاب والسنة والإجماع
– الكتاب:
قال تعالى : (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) أي أنه سبحانه وتعالى يغفر جميع الذنوب صغيرها وكبيرها سوى الشرك فإنه الذنب الذي لا يغفر.
– السنة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام ( من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما )
رواه مالك (١٨٤٤) بسند صحيح.
قال الحافظ السيوطي في التنوير(٢/٢٥١): قال الباجي: قوله( من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ) أي إن كان المقول له كافراً فهو كافر وإن لم يكن خيف على القائل أن يصير كذلك ، وقال ابن عبدالبر: أي احتمل الذنب في ذلك القول أحدهما ، وقال أشهب: سئل مالك عن هذا الحديث قال أرى ذلك في الحرورية الخوارج.اهـ
واستفاضت الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أن الله سبحانه وتعالى يغفر كل ذنب دون الشرك ، منها:
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال :( من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ) رواه مسلم (٩٣)
وعن أنس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول : ( قال الله تعالى : يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة )
رواه الترمذي(٣٥٤٠) وحسنه ، وقال ابن رجب في الجامع(٣٨١): اسناده لا بأس به.
وله شاهد عن أبي ذر رضي الله عنه رواه أحمد(٥/١٦٧)
– الإجماع:
قال الإمام أبو بكر الإسماعيلي في إعتقاد أئمة الحديث(٣٢٤): ويقولون – يعني أهل الحديث أهل السنة والجماعة -: إن أحداً من أهل التوحيد ومن يصلي إلى القبلة لو ارتكب ذنباً أو ذنوباً كثيرة صغائر أو كبائر مع الإقامة على التوحيد لله
والإقرار بما إلتزمه وقبله عن الله فإنه لا يكفر به
ويرجون له المغفرة قال تعالى ( ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )
ونقل الإجماع أيضاً الحافظ ابن أبي حاتم الرازي في عقيدة الرازيين(١٤٢) قال : سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك ، قالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً ومصراً وشاماً ويمناً فكان من مذهبهم: ولا نكفر أهل القبلة بذنوبهم ونكل سرائرهم إلى الله عز وجل.اهـ
– الأصل الثاني: استباحة دماء المسلمين.
فإن من أصول الخوارج استباحتهم دماء المسلمين المعصومة ، فلا يرون لدم المسلم حرمة.
وخالفوا باستباحتهم دماء المسلمين ، الكتاب والسنة والإجماع.
– الكتاب:
قال تعالى ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيماً )
– السنة:
عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه الصلاة والسلام
( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل )
رواه مسلم (٢٣)
وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ( فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ) رواه البخاري(١٠٥) ومسلم(١٦٧٩)
– الإجماع:
لا خلاف بين أهل العلم على حرمة قتل المسلم بغير حق ، وأن من مقاصد الشريعة الإسلامية حفظ الدماء.
وعد الحافظ الذهبي قتل المسلم بغير حق من كبائر الذنوب.
قال الحافظ الذهبي في كتاب الكبائر(٤٦) الكبيرة الثانية: قتل النفس من كبائر الذنوب.
– الأصل الثالث: الخروج على ولاة المسلمين.
فإن من أصول الخوارج خروجهم على ولاة الأمر فلا يرون لحاكم طاعة ، كحال أهل الجاهلية ، يخرجون عليهم ، منهم من يخرج عليه بالسيف ويقاتله ، ومنهم من يخرج عليه بالقول فتجده يكذب على الحاكم ويقلل من شأنه ويحرض على الخروج عليه ، ومنهم من يخرج على الحاكم بالسيف والقول معاً.
وخالفوا الخوارج بعدم طاعتهم الحاكم ، الكتاب والسنة والإجماع.
– الكتاب:
قال تعالى ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )
قال الإمام الطبري في تفسيره(٦/٤٢٨):( وأولي الأمر منكم) هم الأمراء على قول الجمهور كأبي هريرة وابن عباس وغيرهم.اهـ
-السنة:
عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً( من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتة جاهلية ) رواه البخاري(٧٠٥٤) ومسلم(١٨٤٩)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال ( من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني )
رواه البخاري(٧١٣٧) ومسلم (١٨٣٥)
– الإجماع:
قال الحافظ ابن أبي حاتم الرازي في عقيدة الرازيين (١٤٥) قال : سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك ، قالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً ومصراً وشاماً ويمناً فكان من مذهبهم: ولا نرى الخروج على الأئمة ولا القتال في الفتنة ونسمع ونطيع لمن ولاه الله عز وجل أمرنا ولا ننزع يداً من طاعة.اهـ
ونقل الإجماع أيضاً الحافظ النووي في شرح مسلم (١٢/٢٢٩)
وشيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة(٥/٥٢٩)
وعد الحافظ الذهبي الخروج على الحاكم من الكبائر.
قال الحافظ الذهبي في كتاب الكبائر (١٧١) الكبيرة التاسعة والأربعون: الخروج بالسيف والتكفير بالذنوب.
– الأصل الرابع: الطعن في علماء المسلمين.
فإن من أصول الخوارج طعنهم في علماء المسلمين والسخرية منه وتسميتهم بعلماء السلاطين أو علماء حيض ونفاس أو علماء الأموال أو لا يفقهون الواقع وغير ذلك من الألقاب والتهم الكاذبة.
وخالفوا بذلك الكتاب والسنة والإجماع.
– الكتاب:
أمرنا ربنا سبحانه وتعالى بالرجوع إلى العلماء وسؤالهم في غير آية.
قال تعالى ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ )
وقال تعالى : (فاسألوا أهل الذِّكر إنْ كنتم لا تَعلمون )
وهذا فيه بيان عظم منزلة العلماء عند الله سبحانه وتعالى.
– السنة:
استفاضت الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام في بيان فضل العلماء وعظم قدرهم ورفعة منزلتهم وأن ذهاب العلم بموت العلماء.
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام قال ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) رواه البخاري(١٠٠) ومسلم(٢٦٧٣)
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول : ( إن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء هم ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر ) رواه أبو داود (٣٦٤١) والترمذي(٢٦٨٢) وصححه الألباني.
-الإجماع:
أجمع أهل السنة والجماعة على حب العلماء وتوقيرهم وأنهم أهل العلم والفضل.
قال الإمام أبو عثمان النيسابوري في عقيدة السلف(٣٠٧): وإحدى علامات أهل السنة : حبهم لأئمة السنة وعلمائها وأنصارها وأوليائها.اهـ
-أيها الأخوة: هذه أشهر أصول الخوارج ، وهي بعينها أصول جماعة الإخوان المسلمين ، التي جاء بها حسن البنا وسيد قطب وغيرهما ، فينبغي لكل مسلم أن يحذرهم ويحذر منهجهم الضال المخالف للكتاب والسنة والإجماع.
كتبه/
بدر بن محمد البدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بوزارة الشؤون الإسلامية.
٢٥ شوال ١٤٣٩هـ