@ الفرق بين المحدث والحافظ والحجة والحاكم @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –
الفرق بين المحدث والحافظ والحجة والحاكم

– المحدث: هو من اشتغل بالحديث رواية ودراية واطلع على كثير من الرواة والروايات في عصره.
(ينظر تدريب الراوي للسيوطي-١/٤٨)

– الحافظ: هو من حفظ آلاف الأحاديث وعرف طبقات الرواة وتراجمهم أحوالهم وبلدانهم.
(ينظر تدريب الراوي للسيوطي-١/٤٨)و(شرح النخبة لعلي قاري-٣)

– الحجة: هو من أحاط علمه بثلاثمائة ألف حديث.
(ينظر شرح النخبة لعلي قاري-٣)

– الحاكم: هو الذي أحاط علمه بجميع الأحاديث المروية متناً وسنداً وجرحاً وتعديلاً وتاريخاً.
(ينظر شرح النخبة لعلي قاري-٣)

كتبه
بدر بن محمد البدر

@ الفرق بين المبهم والمهمل والمجهول @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –
– الفرق بين المبهم والمهمل والمجهول –

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

المبهم: هو من لم يذكر اسمه ولا نسبه.
كقولهم: قال رجل.

المهمل: هو من ذكر اسمه ولم يذكر نسبه.
كقولهم: قال محمد.

المجهول: هو من ذكر اسمه ونسبه ولم يوثقه معتبر.
كقولهم: قال محمد المصري.
فإن كان الراوي عنه واحد فهو مجهول عين
وإن كان الراوي عنه اثنان أو أكثر فهو مجهول حال.

كتبه
بدر بن محمد البدر

@ مرتبة المختارة للمقدسي @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –
مرتبة المختارة للمقدسي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

المقدسي هو الحافظ ضياء الدين أبو عبدالله محمد بن عبدالواحد المقدسي الحنبلي.
توفي سنة(٦٤٣ هـ)

اسم كتابه ( الأحاديث المختارة ) أو ( المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما)

مرتبة كتابه:
قال شيخ الإسلام في قاعدة جليلة(٥٣): المختارة
لأبي عبدالله المقدسي خير من صحيح الحاكم.
وقال أيضاً في قاعدة جليلة(١٢٣): المختارة أصح من صحيح الحاكم.اهـ
وقال في اقتضاء الصراط المستقيم(٣٦٣):
المختارة لأبي عبدالله محمد بن عبدالواحد المقدسي الحافظ ، اختاره من الأحاديث الجياد الزائدة على الصحيحين ، وشرطه فيه أحسن من شرط الحاكم في صحيحه.اهـ
قال أيضاً في الفتاوى الكبرى(١/٧٧):
تصحيح الحافظ أبي عبدالله في مختاره خير من تصحيح الحاكم ، فكتابه في هذا الباب خير من كتاب الحاكم بلا ريب عند من يعرف الحديث.اهـ

وقال أيضاً في الرد على الإخنائي(١٠٣):
كتاب المختارة لأبي عبدالله المقدسي اختاره من الأحاديث الجياد المختارة الزائدة على ما في الصحيحين وهو أعلى مرتبة من تصحيح الحاكم وهو قريب من تصحيح الترمذي وأبي حاتم البستي ونحوهما ، فإن الغلط في هذا قليل.اهـ

قال الكتاني في الرسالة المستطرفة(٢٤):
كتاب الأحاديث الجياد المختارة مما ليس في الصحيحين أو أحدهما لضياء الله المقدسي
التزم فيه الصحة ، وذكر فيه أحاديث لم يسبق إلى تصحيحها وقد سلم له فيه إلا أحاديث يسيرة جداً تعقبت عليه ، وذكر ابن تيمية والزركشي وغيرهما:أن تصحيحه أعلا مزية من تصحيح الحاكم، وفي اللئالي ذكر الزركشي في تخريج الرافعي: إن تصحيحه أعلا مزية من تصحيح الحاكم وأنه قريب من تصحيح الترمذي وابن حبان.
وذكر ابن عبدالهادي في الصارم المنكي نحوه وزاد:فإن الغلط فيه قليل.اهـ

كتبه
بدر بن محمد البدر

@ مراتب المدلسين @

مباحث في علم مصطلح الحديث
مراتب المدلسين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :

مراتب المدلسين خمسة وهي:

المرتبة الأولى: من لم يدلس إلا نادراً
مثل: يحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة.
وهذا لا يضر تدليسه.

الثانية: من احتمل الحفاظ تدليسه إما لإمامته وقلة تدليسه.
مثل: سفيان الثوري
وإما لأنه لا يدلس إلا عن ثقة
مثل: سفيان بن عيينة.

الثالثة: من اختلف الحفاظ في قبول عنعنته بسبب كثرة تدليسه.
مثل: أبي إسحاق السبيعي وقتادة السدوسي.
وهذا لا يقبل حديثه حتى يصرح بالسماع.

الرابعة: من اتفق الحفاظ على عدم قبول عنعنته حتى يصرح بالسماع بسبب كثرة تدليسه.
مثل: ابن جريج المكي ومحمد بن إسحاق.

الخامسة: من لم يقبل الحفاظ حديثه سواء صرح بالسماع أو لم يصرح وهو المدلس الضعيف
مثل: عبدالله بن لهيعة وأبي سعيد البقال.

كتبه
بدر بن محمد البدر

@ مرتبة صحيح بن حبان @

مباحث في علم مصطلح الحديث
– مرتبة صحيح ابن حبان –

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :

ابن حبان : هو الإمام الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن حبان التميمي.
المتوفى سنة (٣٥٦ هـ)

اسم كتابه : ( المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع من غير وجود قطع في سندها ولا ثبوت جرح في ناقليها) المشهور باسم (صحيح ابن حبان)

مرتبة صحيح ابن حبان:
صحيح ابن حبان مرتبته دون مرتبة صحيح ابن خزيمة ، وأعلى رتبة من مستدرك الحاكم.

قال الحافظ ابن الصلاح في علوم الحديث(١٦): الحاكم واسع الخطو في شرط الصحيح متساهل في القضاء به…ويقاربه في حكمه صحيح أبي حاتم ابن حبان البستي.اهـ

قال الحافظ العراقي في التقييد(١٦): قد يفهم بعض المتأخرين من كلام ابن الصلاح ترجيح كتاب الحاكم على ابن حبان ، فاعترض على كلامه هذا بأن قال : أما صحيح ابن حبان
فمن عرف شرطه واعتبر كلامه عرف سموه على كتاب الحاكم ، وما فهمه هذا المعترض من كلام ابن الصلاح ليس بصحيح ، وإنما أراد أنه يقاربه في التساهل ، فالحاكم أشد تساهلاً منه وهو كذلك ، قال الحازمي: ابن حبان أمكن في الحديث من الحاكم.اهـ

وقال الحافظ السخاوي في فتح المغيث(١٤):
مذهبه – أي ابن حبان – إدراج الحسن في الصحيح ، مع أن شيخنا ابن حجر قد نازع في نسبته إلى التساهل إلا من هذه الحيثية…
ثم قال: ويتأكد بقول الحازمي: ابن حبان أمكن في الحديث من الحاكم ، وكذا قال العماد بن كثير:قد التزام ابن خزيمة وابن حبان الصحة وهما خير من المستدرك بكثير وأنظف أسانيد ومتوناً.اهـ

وقال الحافظ السيوطي في تدريب الراوي(٣١):
ابن حبان وفّى بالتزام شروطه ولم يُوفّ الحاكم.اهـ

وقال العلامة المناوي في فيض القدير(١/٤٠):
صحيح ابن حبان مقدم على مستدرك الحاكم، قال الحازمي: ابن حبان أمكن في الحديث من الحاكم، والحاكم أشد تساهلاً منه ، غايته أن ابن حبان يسمي الحسن صحيحاً. وقال الزين العراقي: ابن حبان شرط تخريج رواية ثقة غير مدلس سمع من شيخه وسمع منه الآخذ عنه ووفىٰ بالتزامه ولم يعرف للحاكم ، وصحيح ابن خزيمة أعلى رتبة من صحيح ابن حبان لشدة تحريه ،
فأصح من صنف في الصحيح بعد الشيخين ابن خزيمة فابن حبان فالحاكم.اهـ

كتبه
بدر محمد البدر

@ مرتبة صحيح ابن خزيمة @

مباحث في علم مصطلح الحديث
مرتبة صحيح ابن خزيمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :

ابن خزيمة هو الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري.
ولد سنة(٢٢٣هـ)وتوفي سنة(٣١١هـ)

له كتاب الصحيح المسمى( المختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام)
ويعرف بصحيح ابن خزيمة.

مرتبة صحيح ابن خزيمة:
مرتبة صحيح ابن خزيمة دون مرتبة الصحيحين بلا خلاف بين أهل العلم
وأعلى مرتبة من صحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم.

قال الحافظ السيوطي في التدريب(٧٢):
صحيح ابن خزيمة أعلى مرتبة من صحيح ابن حبان لشدة تحريه حتى إنه يتوقف في التصحيح لأدنى كلام في الإسناد فيقول(إن صح الخبر)أو (إن ثبت كذا)ونحو ذلك.اهـ

قال الحافظ المناوي في فيض القدير(١/٤٠):
وصحيح ابن خزيمة أعلى مرتبة من صحيح ابن حبان لشدة تحريه فأصح من صنف في الصحيح بعد الشيخين ابن خزيمة فابن حبان فالحاكم.اهـ

كتبه
بدر بن محمد البدر

@ التلقين @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –

– التلقين –

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

– التلقين لغة: التفهيم
اصطلاحاً: هو أن يلقن الراوي حديثاً ويحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه.

مثال ذلك : أن يقول شخص للشيخ : حدثك فلان بكذا وكذا ويسوق له ما ليس من حديثه فيقول له الشيخ نعم ، ويقبل ما لُقن به.

– أسباب قبول الراوي للتلقين:
قبول الراوي للتلقين له عدة أسباب منها:
ضعف الراوي ، أوغفلته ، أواعتماده على الكتاب دون الحفظ ، أو إحسانه الظن بمن لقنه ، ونحو ذلك.

– حكم حديث من يقبل التلقين :
من ثبت قبوله للتلقين لا يخلو حديثه من حالتين:

أولاهما: من لُقن في بعض الأحاديث دون بعض ، فهذا يقبل حديثه الذي لم ُيلقن فيه ، ويُترك ما لُقن فيه.

ثانيهما: من لُقن في كل حديثه ، فهذا يترك حديثه كله.

قال أبوزرعة الدمشقي أخبرني أحمد قال : عبدالرزاق قبل المائتين صحيح البصر ومن سمع منه بعدما ذهب بصره فهو ضعيف السماع-لأنه كان يلقن-.
( ينظر تهذيب التهذيب لابن حجر-٦/٢٧٦)

وقال الإمام الحميدي: من قبل التلقين ترك حديثه الذي لقن فيه وأخذ عنه ما اتقن حفظه إذا علم ذلك التلقين حادثاً في حفظه لا يعرف به قديماً ؛
وأما من عرف به قديماً في جميع حديثه فلا يقبل حديثه ولا يؤمن أن يكون ما حفظه مما لقن.
رواه الخطيب في الكفاية(١٤٩)

– وبالغ الحافظ ابن حزم الظاهري في رده حديث من قَبِل التلقين ولو مرة، قال في الإحكام(١/١٣٢):
من صح أنه قَبِل التلقين ولو مرة سقط حديثه كله.اهـ

وقوله مخالف لما عليه الأئمة الحفاظ ، فإنهم لم يتركوا حديث من قَبل التلقين بالكلية ، بل تركوا من حديثه ما ثبت عندهم أنه لُقن فيه ، وقبلوا ما سواه،كما هو ظاهر كلام أحمد والحميدي.
وثبت عن الليث بن سعد أنه لُقن مرة
(كما في العلل لابن أبي حاتم- ٥٣٨)

وعبدالله بن مسلمة القعنبي لِقن مرة.
( كما في العلل لابن أبي حاتم-٢٠٧٤)

ويزيد بن هارون كان يلقن لما أضر
( كما في شرح العلل لابن رجب-٣٢٠)

ولم يترك الأئمة حديثهم ، بل قبلوه ، وتركوا منه ما لُقنوا فيه فقط ، ولم يعد ذلك جرحا لهم.

قال الحافظ ابن رجب في شرح العلل(٣٠٨): القسم الثاني:في ذكر قوم من الثقات لا يذكر أكثرهم غالباً في أكثر كتب الجرح وقد ضعف حديثهم إما في بعض الأوقات أو في بعض الأماكن أو عن بعض الشيوخ فهذا القسم تحته ثلاثة أنواع :
النوع الأول : من ضعف حديثه في بعض الأوقات دون بعض وهؤلاء هم الثقات الذين خلطوا في آخر عمرهم وهم متفاوتون في تخليطهم… ويلحق بهؤلاء من أضر في آخر عمره وكان لا يحفظ جيداً أو كان يلقن فيتلقن كيزيد بن هارون وعبدالرزاق الصنعاني .اهـ

– توضيح:
إذا كان اعتماد الراوي المُلقن على كتاب محفوظ الأصل عنده ، فلا يضره التلقين.

قال الأثرم سمعت أحمد يسأل عن حديث (النار جبار) فقال ومن يحدث به عن عبدالرزاق؟
قلت:أحمد عن شبويه.
قال:هؤلاء سمعوا بعدما عمي كان يلقن فلقنه وليس هو في كتبه كان يلقنها بعدما عمي.
(تهذيب التهذيب لابن حجر-٦/٢٧٦)

وروى ابن أبي حاتم في العلل(٥٣٨): قال: وسُئل أبو زرعة عن حديث رواه ليث بن سعد فاختلف عن ليث:
فروى أبو الوليد عن ليث عن عبدالله بن أبي مليكة عن عبدالله بن أبي نَهيك عن سعد بن وقاص عن النبي عليه الصلاة والسلام.
ورواه يحيى بن بكير عن ليث عن عبدالله بن عبيدالله بن أبي مليكة عن سعيد بن أبي سعيد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال(ليس منا من لم يتغن بالقرآن)
قال أبو زرعة:في كتاب الليث في أصله : سعيد بن أبي سعيد، ولكن لقن بالعراق عن سعد.اهـ

كتبه
بدر بن محمد البدر

@ التحقيق في حجية مسند الإمام أحمد @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –
– التحقيق في حجية مسند الإمام أحمد –

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يعد من أكبر المراجع الحديثية عند أهل العلم ، لكثرة ما روى فيه من الأحاديث.
وقد قال رحمه الله عنه : إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفاً ، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام فارجعوا إليه فإن كان فيه وإلا ليس بحجة.(المصعد الأحمد لابن الجزري-٣١)
وقال أيضاً لابنه عبدالله: احتفظ بهذا المسند فإنه سيكون للناس إماماً.(السير-١١/١٨١)

وقد تنازع الأئمة في مسند أحمد هل كل ما فيه
من الأحاديث صحيحة أو روى فيه الصحيح والضعيف.

– ذهب طائفة من الحفاظ منهم أبو موسى المديني إلى صحة كل ما في المسند.
قال الحافظ أبو موسى المديني في خصائص المسند(٢٧): ومن الدليل على أن ما أودعه الإمام أحمد مسنده قد احتاط فيه إسناداً ومتناً ولم يورد فيه إلا ما صح عنده،
على ما أخبرنا أبو علي قال حدثنا أبو نعيم(ح)
وأخبرنا ابن الحصين قال أخبرنا ابن المذهب قال أخبرنا القطيعي قال حدثنا عبدالله قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن أبي التياح قال سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال(يُهلك أمتي هذا الحي من قريش،قالوا:فما تأمرنا يا رسول الله قال:لو أن الناس اعتزلوهم)
قال عبدالله:قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه:اضرب على هذا الحديث فإنه خلاف الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، يعني خلاف قوله(اسمعوا وأطيعوا واصبروا)
قال أبو موسى: وهذا مع ثقة رجال إسناده حين شذ لفظه عن الأحاديث المشاهير أمر بالضرب عليه،فقال عليه ما قلناه وفيه نظائر له.
وذكر الحافظ أبو موسى المديني رحمه الله أمثلة أخرى ثم قال: قد روى لابنه الحديث لكنه ضرب عليه في المسند لأنه أراد أن لا يكون في المسند إلا الثقات ويروي في غير المسند عمن ليس بذاك.اهـ

قيل إنه لم يشترط حجية كل ما في مسنده وكلامه لا يدل على هذا ، بل أدخل فيه ما صح عنده وما لم يصح.

وذهب طائفة من الحفاظ منهم القاضي أبو يعلى وابن الجوزي وشيخ الأسلام وغيرهم ، إلى عدم صحة كل ما في المسند بل فيه الصحيح وغير الصحيح.

قال الإمام ابن الجوزي في صيد الخاطر(٢٤٥):
الإمام أحمد روى المشهور والجيد والرديء ثم قد رد كثيراً مما روى ولم يقل به ولم يجعله مذهباً له ، أليس هو القائل في حديث الوضوء بالنبيذ:مجهول! ومن نظر في كتاب العلل الذي صنفه الخلال رأى أحاديث كثيرة كلها في المسند وقد طعن فيها أحمد.
وقال أيضاً: ونقلت من خط القاضي أبي يعلى في مسألة النبيذ،إنما روى أحمد في مسنده ما اشتهر ولم يقصد الصحيح ولا السقيم ويدل على ذلك أن عبدالله قال: قلت لأبي: ما تقول في ربعي بن خراش عن حذيفة؟ قال: الذي يرويه عبدالله بن أبي رواد؟ قلت: نعم ، قال: الأحاديث بخلافه،
قلت فقد ذكرته في المسند؟ قال: صدقت في المسند المشهور ، فلو أردت أن أقصد ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء اليسير، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث: لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه.
ثم قال القاضي: وقد أخبر عن نفسه كيف طريقته في المسند فمن جعله أصلاً للصحة فقد خالفه وترك مقصده.اهـ

وقال شيخ الإسلام في الفتاوى(١٨/٧٢):
ليس كل ما رواه في المسند حجة عنده،وشرطه في المسند أن لا يروي عن المعروف بالكذب عنده وإن كان في ذلك ما هو ضعيف.اهـ

لاشك أن في المسند أحاديث صحاح كثيرة جداً
وهي أصح من غيرها في الكتب المصنفة.
قال الحافظ الهيثمي: إن مسند أحمد أصح صحيحاً من غيره، ولا يوازي مسند أحمد كتاب في كثرته وحسن سياقه.(الفتح الرباني-١/٨)

والمسند كتاب متلقى بالقبول عند العلماء.
قال الحافظ ابن حجر في القول المسدد(٢):هذا المصنف العظيم- أي المسند- الذي تلقته الأمة بالقبول والتكريم وجعله إمامهم حجة يرجع إليه ويعول عند الاختلاف عليه.اهـ

لكن هذا لا يدل على صحة كل ما فيه لعدة أمور:

أحدهما: أنه لم يشترط صحة كل ما فيه ، وقد قال القاضي أبو يعلى : وقد أخبر عن نفسه كيف طريقته في المسند فمن جعله أصلاً للصحة فقد خالفه وترك مقصده.(ذكره ابن الجوزي في صيد الخاطر-٢٤٥)
وأما قوله رحمه الله عن مسنده( فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام فارجعوا إليه فإن كان فيه وإلا ليس بحجة)
فقد أجاب عنه الإمام ابن الجزري في المصعد الأحمد(٣٦) بقوله: وأما قوله فما اختلف فيه من الحديث رجع إليه وإلا فليس بحجة، يريد أصول الأحاديث ، وهو صحيح فإنه ما من حديث غالباً إلا وله أصل في المسند.اهـ

ثانيهما: روايته في مسنده أحاديث ضعفها في مواضع أخرى منها:
١- عن الزهري عن عبدالرحمن بن أزهر قال: (رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام يتخلل الناس يوم حنين…) رواه في المسند(١٦٧٨٦)
قال الأثرم قلت لأبي عبدالله أحمد بن حنبل الزهري سمع من عبدالرحمن بن أزهر؟ قال: ما أُراه سمع من عبدالرحمن بن أزهر.
(المراسيل-٧٠٠)

٢- عن عمران بن حصين مرفوعاً ( ما شبع آل محمد من خبز بر ) رواه في المسند(٤/٤٤١)
قال الخلال في المنتخب من العلل(٥٠): أمر أحمد بالضرب عليه.اهـ

٣- عن أنس مرفوعاً ( إن هذا الدين متين )
رواه في المسند(٣/١٩٩)
قال الخلال في المنتخب من العلل(٩٠): قال أحمد:منكر.اهـ

ثالثهما: روايته لبعض الرواة ممن ضعفهم في كتب الرجال.
منهم:
١- إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة ، روى له حديثاً واحداً عن سلمة بن صخر الزرقي.
رقم(١٦٣٩٨)
قال المروذي سألت أحمد عن إسحاق بن عبدالله بن أبي فروة : فنفض يده وضعفه وأنكره.
الجامع في العلل والرجال(١/٤١)

٢- السري بن إسماعيل الهمداني ، وروى له حديثاً واحداً عن النعمان بن بشير.
رقم(١٨٣٦٧)
قال الميموني: ذكر أبو عبدالله : السري بن إسماعيل، فقال: ترك الناس حديثه.
الجامع في العلل والرجال(١/٥٧)

تنبيه:
أكثر الأحاديث الضعاف في مسند الإمام أحمد لها شواهد ومتابعات أو مندرجه تحت أصول صحيحة تعضدها.

كتبه
بدر محمد البدر

@ الحديث المقلوب @

مباحث في علم مصلح الحديث
– الحديث المقلوب –

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :

المقلوب لغة: تحويل الشيء عن وجهه.
واصطلاحاً: هو ما وقع فيه تقديم وتأخير في متنه أو سنده.

نوعا المقلوب:
ينقسم المقلوب إلى قسمين:
الأول:مقلوب المتن:
هو ما وقع فيه تقديم أو تأخير في متنه.
مثاله:
روى مسلم(١٠٣١) قال :حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المثنى جميعاً عن يحيى القطان قال زهير حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله أخبرني خبيب بن عبدالرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)وذكر(ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله).
لفظة(حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) مقلوبة قلبها أحد الرواة والصواب ( حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)
قال البخاري في صحيحه(٦٦٠): حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى عن عبيدالله حدثني خبيب بن عبدالرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة مرفوعاً(ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)

قال الحافظ ابن حجر في الفتح(٢/١٧١): قوله(حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) هكذا وقع في معظم الروايات في هذا الحديث في البخاري وغيره ووقع في صحيح مسلم مقلوباً(حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) وهو نوع من أنواع علوم الحديث
أغفله ابن الصلاح وإن كان أفرد نوع المقلوب لكنه قصره على ما يقع في الإسناد.اهـ

وقال الحافظ السيوطي في التدريب(١/٣٤٤): قال البلقيني:فهذا مما انقلب على أحد الرواة وإنما هو (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) كما في الصحيحين.اهـ

الثاني: مقلوب الإسناد:
وهو ما وقع فيه تقديم أو تأخير في سنده.
مثاله:
قال الحافظ ابن أبي حاتم في العلل(١٨٥):
سألت أبي عن حديث حدثنا به أحمد بن عصام الأنصاري عن أبي بكر الحنفي عن سفيان عن حكيم بن سعد عن عمران بن ظبيان عن سلمان أنه قال(من وجد في بطنه رزاً من بول أو غائط فلينصرف غير متكلم ولا داعي)
فسمعت أبي يقول: هذا إسناد مقلوب ، إنما هو سفيان عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد عن سلمان.اهـ

– القلب لأجل الاختبار:
قلب الحديث لأجل اختبار حفظ الراوي جائز
شريطة أن يبين الصواب قبل انفضاض المجلس.
مثاله:
روى الخطيب في تاريخه(٢/٢٠) بسنده إلى أبي أحمد بن عدي يقول:سمعت عدة مشايخ بحلوان أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر ودفعوها إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري، فسأله الأول عن الحديث ، فقال البخاري(لا أعرفه) فما زال يلقي عليه واحد بعد واحد حتى فرغ من عشرته، ولم يزد البخاري على قوله( لا أعرفه)
ثم انتدب إليه رجل آخر من العشرة فسأله عن تلك الأحاديث المقلوبة فقال البخاري(لا أعرفه)
ثم انتدب إليه الثالث والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة.
فالتفت البخاري إلى الأول منهم قال: أما حديثك الأول فهو كذا وحديثك الثاني فهو كذا والثالث والرابع حتى أتم العشرة فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه وفعل بالآخرين مثل ذلك،
فأقر له الناس بالحفظ.اهـ

– القلب لأجل الإغراب:
قلب الحديث تعمداً لأجل الإغراب وتكثير الروايات محرم ، ويسمى فاعله(يسرق الحديث)
قال الحافظ الذهبي في السير(١١/٥٠٤):قال أبو أحمد العسال:سمعت فضلك يقول:دخلت على محمد بن حميد وهو يركب الأسانيد على المتون.
قلت:آفته هذا الفعل وإلا فما أعتقد فيه أنه يضع متناً.وهذا معنى قولهم(فلان يسرق الحديث).اهـ

– حكم الحديث المقلوب:
المقلوب من أنواع الحديث الضعيف قاله الدمياطي في صفوة الملح(١٥٢) وغيره.
فإذا وقع القلب في الحديث كله
فإنه لا يحتج به وأما إذا وقع القلب في لفظة من ألفاظ الحديث فإنه لا يحتج بهذه اللفظة فقط.

كتبه
بدر بن محمد البدر

@ ترك الرواية عن الضعفاء @

– مباحث في علم مصطلح الحديث –
– ترك الرواية عن الضعفاء –

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد :

الراوي الضعيف هو من طعن في عدالته أو ضبطه.
فمن طعن في ضبطه أو عدالته لا يحتج بروايته

قال الخطيب في الكفاية(١٤٩):
قال الإمام الشافعي رحمه الله:
كان ابن سيرين وإبراهيم النخعي وغير واحد من التابعين يذهبون إلى أن لا يقبلوا الحديث إلا عمن عرف وحفظ وما رأيت أحداً من أهل العلم بالحديث يخالف هذا المذهب وكان طاووس إذا حدثه رجل حديثاً قال: إن كان حدثك حافظ ملي وإلا فلا تحدث عنه.اهـ
وقال الخطيب أيضاً في الكفاية(١٥٠):
قال الإمام عبدالرحمن بن مهدي:
لا ينبغي للرجل أن يشغل نفسه بكتابة أحاديث الضعاف فإن أقل ما فيه أن يفوته بقدر ما يكتب من حديث أهل الضعف يفوته من حديث الثقات.اهـ

لكن قد يكتب الأئمة الحفاظ حديث الضعيف الذي لم يشتد ضعفه وتعتبر روايته بروايات الثقات
فإن وافقهم قبلوا روايته وإن خالفهم تركوا روايته.

قال شيخ الإسلام في الصارم المسلول (٣٣): قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل : ما أكتب حديث ابن لهيعة إلا للاعتبار والاستدلال وقد أكتب حديث هذا الرجل على المعنى كأني أستدل به مع غيره يشده لا أنه حجة إذا انفرد.اهـ
وقال الحافظ الذهبي في السير(٨/١٦) وفي الميزان(٢/٤٧٨) : عن حنبل أنه قال : سمعت أبا عبدالله يقول : ما حديث ابن لهيعة بحجة وإني لأكتبه أعتبر به وهو يقوي بعضه ببعض.اهـ

كتبه
بدر بن محمد البدر